الوقفة الشجاعة والحاسمة التي سجلها أبناء الشعب اليمني في مواجهة العناصر الخارجة على الدستور والقانون والتي أطلت بقرونها الشيطانية عبر أعمال الشغب والتخريب التي قامت بها في بعض مديريات المحافظات الجنوبية والشرقية مستغلة المناخات الديمقراطية التي تنعم بها اليمن في الترويج للنعرات المناطقية والقروية والشطرية والانفصالية بهدف زرع الشقاق والفتن بين أبناء الوطن الواحد. ذلك الرد الشعبي الحازم على تلك العناصر الضالة التي خرجت على الإجماع الوطني، كان أمراً طبيعياً وتلقائياً من قبل شعب يعتز أيما اعتزاز بثوابته الوطنية التي قدم في سبيلها التضحيات الجسام طوال مراحل مسيرته النضالية التي خاضها دفاعاً عن حقه في التحرر والانتصار لمبادئ ثورته ال"26 من سبتمبر" وال"14 من اكتوبر" ومكاسبها العظيمة وفي مقدمتها المنجز الوحدوي الذي رفرفت رايته خفاقة في السماء صبيحة يوم الثاني والعشرين من مايو عام 1990م. فالحق أن تلك الأصوات النشاز على قلتها ومحدودية شخوصها قد استفزت مشاعر اليمنيين بمختلف توجهاتهم السياسية والحزبية ومشاربهم الثقافية والفكرية، فسارعوا إلى الالتفاف حول ثوابتهم الوطنية ولجموا بصورة تثلج الصدر وتبهج النفس تلك الأصوات الناعقة بالخراب التي حاولت القفز على الخطوط الحمراء. ومثل هذا الموقف الذي تجسدت فيه أبرز معاني النخوة والغيرة على الوطن ومصالحه العُليا لا ينبغي أن يفسر أنه نابع من خوف أو قلق على الوحدة اليمنية كما قد يتراءى لبعض المراقبين أو المثقفين الذين انتابتهم المخاوف وهو ما ظهر جلياً في كتابات أو تصريحات البعض منهم في وسائل الإعلام، ولعل ذلك ما يدعونا إلى طمأنة الجميع بأن الوحدة اليمنية راسخة رسوخ الجبال في وجدان وضمير الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه، وأن العناصر التي حاولت تصويب سهامها المسمومة بغية المساس بذلك المنجز الكبير، ليست سوى مجموعة محدودة ومنبوذة لا رقم لها ولا رصيد ولا تملك أي تأثير في أوساط المجتمع اليمني وأن ما تحدثه من ضجيج ليس سوى فرقعات إعلامية وظاهرة صوتية لا قيمة لها ولا معنى. وكما يقول المثل العربي: "رب ضارة نافعة" فقد كشفت الأحداث عن أن الوحدة اليمنية صارت محصنة ومحمية بإرادة أكثر من 20 مليون مواطن وأن هذه الوحدة أصبحت - أيضاً- عصية على كافة المؤامرات والدسائس وأقوى من أن تنال منها الخفافيش الظلامية من مخلفات الماضي الذين مازالوا يحلمون بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء والعودة باليمن إلى أزمنة التشظي والتمزق والتناحر والصراع وهي الحقيقة التي تأكدت في التفاف أبناء الشعب اليمني صغيرهم وكبيرهم حول منجزهم الوحدوي وكذا في ما صدر عن الأشقاء والأصدقاء من تأييد ومساندة لليمن ووحدته وأمنه واستقراره، ولم يكن ذلك الموقف القوي والصريح الصادر عن الأشقاء قادة دول مجلس التعاون الخليجي الذي أكدوا فيه دعمهم المُطلق ليمن موحد ومستقر سوى دليل حي على إدراك الجميع لحقيقة أن الوحدة اليمنية صارت تمثل عنصر استقرار في اليمن والمنطقة. وفي الوقت الذي نثمن فيه ما يبديه البعض من قلق وحرص على الوحدة اليمنية انطلاقاً مما يحملونه من مقاصد نبيلة حيال أي منجز كبير تحقق للأمة، فإننا ومن منطلق ذلك الإحساس الأخوي الصادق.. نقول لهم: إن الوحدة اليمنية بخير وفي أمان ولن يستطيع أحد التعرض لها بالشر والعدوان، إذ كيف لمنجز عظيم وعملاق بحجم الوحدة اليمنية أن تطاله الأيدي المرتعشة أو أن تؤثر فيه زوابع قلة محدودة من المعاقين ذهنياً ونفسياً وأعداء الحياة الذين لا يروق لهم العيش إلاّ في مستنقعات التآمر والخيانة، شأنهم شأن أمثالهم من المجرمين والعملاء واللصوص ممن يقتاتون على المال الحرام وارتكاب الآثام والفواحش والإفساد في الأرض. ونطمئن الجميع - أكثر- بأن ما تفتعله تلك العناصر الخبيثة من ضجيج إعلامي لا يعدو كونه صخباً أجوف يوارون به خيبتهم وفشلهم بعد أن ردت سهامهم إلى نحورهم وانتكست مراميهم تطاردهم لعنات الشعب والتاريخ.. وصدق الله القائل في كتابه العزيز: (كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)