طوال الحروب الخمسة الماضية التي أشعلها الحوثيون في صعدة صوّروا أنفسهم للعالم على أنهم مجموعة مغلوبة على أمرها وضعيفة ولم تلجأ إلى السلاح إلاَّ دفاعاً عن النفس..وأنهم إنما يُحارَبُون من قبل الدولة لأنهم يجاهرون بالعداء لأمريكا وإسرائيل وليس من سبب غير ذلك هو الذي يدفع بالدولة إلى حربهم، وكانت كلما اشتدت عليهم وطأة الحرب سارعوا إلى الاستنجاد بكل الوساطات لوقف الحرب ضدهم وكانت الحكومة في كل مرة تجنح إلى السلم لعل وعسى، وفي كل مرة تتوقف الحرب يعتبرون ذلك نصراً وضعفاً من قبل الحكومة، وهذا ما صرح به أبو بكر القربي وزير الخارجية.. وبدأ الحوثيون استراتيجية جديدة تتمثل في التوسع المستمر لنفوذهم وأصبح هدفهم التحول إلى دولة داخل الدولة، وصرحوا بطلب الخلافة للبطنين وبدأوا بإجبار المواطنين على دفع الخُمس باعتبارهم أصحاب الحكم الشرعيين وقد صرحوا أكثر من مرة بعدم الاعتراف بشرعية الدولة اليمنية. وما كان هؤلاء ليستمروا في غيّهم لولا الدعم المتواصل من قبل الحوزات العلمية الشيعية وبعض المرجعيات في إيران والعراق التي تواصل رفدهم بأموال بسطاء الشيعة التي يدفعونها كزكاة للمهدي المنتظر وذلك كله بموافقة ومباركة السلطات الرسمية في إيران، ولم يقتصر الأمر على الدعم المادي، فالدعم الإعلامي المفبرك من القنوات الشيعية سواء «العالم» أو «المنار» أو إذاعة طهران باللغة العربية تروج لأكاذيب الحوثيين وتزيد عليها بطريقة ساذجة حيث قالت: إن الطيران السعودي اشترك في المعارك لصالح الحكومة وإن السعودية تكلفت بدفع فاتورة الحرب مهما بلغت وهذا كلام يهدف إلى توسيع نطاق الفتنة كما يهدف إلى تصوير الدولة وكأنها لايهمها شعبها ولاحماية مواطنيها. والسؤال هو: لماذا تحارب إيران كل دعوة إلى الديمقراطية بل وتحارب كل مذهب غير الجعفري على أرضها ولماذا أعدمت دون محاكمة مجموعة ممن يسمون أنفسهم «جند الله» من البلوش السنة ؟ لماذا لاتتركهم يستقلون بمدنهم كما تطالب للحوثيين ؟ والجواب.. إن الطغمة الحاكمة اليوم في إيران تمتلك مشروعاً مذهبياً توسعياً ولم ولن تسمح حتى للمعتدلين فيها بأن يعيقوا مسيرتها، والدليل الانتخابات الأخيرة في إيران وكيف سحق «الباسيج» كل معارضة ديمقراطية وصلت إلى حد الاغتصاب للرجال والنساء على حد سواء في سجونها، ودعمها للحوثيين جزء من تصدير أزمة ولاية الفقيه المتجهة إلى الأفول بعد أن ظهر عوارها. إن مايجري اليوم في صعدة هو خروج مسلح على الدولة ليس له مايبرره فقد ترك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه الخوارج ولم يتعرض لهم إلا عندما أخافوا السبل وقطعوا الطرق، حماية للمواطنين وأموالهم وأعراضهم، ومايفعله الحوثيون لايختلف عما فعله الخوارج وعلى الدولة ان تحاربهم، فكم من مواطن اختطفوه وكم من آمن أخافوه، فقد استحلوا المال والعرض والدم. وعلى الدولة ان تحمي مواطنيها وتبسط سيادتها، والقول بأنهم يدافعون عن أنفسهم قول كاذب ولم يعد يصدقه أحد اليوم. إن لهذه الحرب مابعدها، فإما أن تفقد الدولة هيبتها وتنفصل صعدة ويصبح هؤلاء دولة داخل الدولة كماهو حال حزب الله في الجنوب اللبناني وتُحكم هذه المحافظة الباسلة من «قم» وإما أن يضع الجيش حداً نهائياً لتمردهم فقد بلغ السيل الزبى ونفد صبر الوطن والمواطن.