عندما اقترب شهر رمضان الكريم كانت وسائل الإعلام العربية والإسلامية المختلفة قد أعدت عدتها له من مختلف البرامج والمسلسلات الدينية والاجتماعية والتاريخية لما لهذا الشهر من خصوصية كبيرة ونسبة مشاهدة عالية وبالتالي مصدر رزق لا يعوّض للشركات المنتجة والمنفذة والقنوات العارضة. وبعيداً عن وجهة النظر التي تقول بأن الإعلام يكرس لفكرة تضييع الوقت وبالتالي إفراغ هذا الشهر الكريم من مضمونه الأهم سنتحدث عن الجانب المهني والإبداعي في الدراما المقدمة في هذا الشهر لاغير. فكما انتظر المشاهدون في كل الدول ما ستقدمه القنوات المختلفة انتظر الجمهور اليمني ما سيتم بثه على شاشة قناة اليمن الفضائية، هذه القناة التي يراهن القائمون عليها هذا الشهر الفضيل كموسم للعام والذي تنتعش فيه الإعلانات وتتعدد الأعمال الدرامية، وبناءً على النظرية الأمريكية لأحد المتخصصين في الإعلام بأن الأعمال المحلية تظل لها نكهة خاصة ومساحة في ذهنية المشاهد مهما تعددت الفضائيات والأعمال المستوردة. انتظرت حتى منتصف الشهر الفضيل لكيلا أظلم الأعمال التي سأتحدث عنها على أمل أن تتحسن مع مرور الأيام والأحداث إلا أنها وللأسف ازدادت سوءاً. فمسلسلات مثل "علاجك عندي" على قناة اليمن و" كيني ميني" على قناة السعيدة قائمة على فكرة المسخرة، لا تستحق أن نتوقف عندها كثيراً مع وجود حلقة أو اثنتين من مسلسل "كيني ميني" استطاعوا فيها انتزاع "كم ضحكة" من المشاهد. مسلسل فيه من الترابط والأداء الجيد كمسلسل "مننا فينا" على قناة اليمن الفضائية أعتقد أنه نوعاً ما ظلم في توقيت بثه كونه جيد من حيث الأداء وإيقاع الأحداث أما مسلسل " أشواق وأشواك" على القناة ذاتها فالحديث عنه يطول. فالمسلسل يفتقر لبديهيات العمل الإبداعي وسأسرد هنا بعض الملاحظات البسيطة: الشيب المبالغ فيه والذي ظهر على رؤوس أغلب ممثلي العمل الرئيسيين والذي لا يمت للطريقة الفنية بصلة بل وكأن شخصاً يقف في بوابة البلاتو بيده بخاخ أبيض يبخ الممثلين عند دخولهم بطريقة عشوائية، هذه الطريقة المضحكة جعلت المشاهد يستنكر المنظر بمجرد مشاهدته لأبطال المسلسل. الرتابة الواضحة في العمل والذي يبدو أن المخرج يظن أنه بصراخ "وزعيق" الجدة وزوجة الابن بطريقة مبالغ فيها بين الفينة والأخرى قد يكسر ملل الأحداث إلا أنه لم يفعل سوى العكس فتوصيل الرسالة المراد توصيلها وجعل المشاهد يعيش جو الدراما المقدم لا يحقق بكثرة "التقزاز" بل بأدوات الممثل الحقيقية والتي تتمثل بعمق شعوره بالمشهد وتقمصه الشديد للشخصية. استغباء المشاهد يبدو واضحاً من خلال بعض اللقطات كالتي تظهر فيها الممثلة الشابة " أماني الذماري" وهي التي لا تمانع من الظهور بدون حجاب في صالة المنزل إلا أنها ظهرت في أكثر من مشهد بملابس توحي بأنها ستخرج من البيت مرتدية الحجاب بإحكام وتضع الماكياج في غرفة نومها لتطفئ الأنوار وتنام على سريرها بهذه الهيئة.. عجبي!!! وجوه هامة كالمتألق نبيل حزام يبدو أن وجوده في المسلسل كان بغرض إثراء العمل إلا أن ظهوره لم يكن بالشكل المتوقع فكما قال المخرج المصري خالد يوسف بأن عين المخرج دائماً هي الأهم وهي الباب الذي يظهر من خلاله أداء الفنان ضعيفاً أو قوياً. ولأنه لابد من أن يقال الحق فأداء كل من " إبراهيم الزبلي" و "نشوان الحرازي" و"عذارى الكيلاني" كان جيداً جداً وينبئ بمواهب حقيقية لابد من الاهتمام بها مستقبلاً والقصة تتحدث عن واقع اجتماعي ومشاكل يومية حقيقية. قد نعذر نسبياً طواقم أعمال رمضان في قناة اليمن لضيق الوقت " كما يرددون" كونهم بدأوا بالعمل قبل رمضان بأسابيع قليلة إلا أننا لا نستطيع أن نتغاضى عن أخطاء بسيطة وواضحة وتتكرر يومياً، كما أنه يصعب علينا أن نتقبل استغفالهم لنا وكأن المشاهد اليمني لا يفقه شيئاً ..المهم "اخبز مسلسل وزلج زلاج" ...أرجوكم احترموا عقولنا نحترم أعمالكم....خواتم مباركة.