أجمعت معظم شركات الإحصاء بما ليس فيه مجال للشك بأن مسلسل «باب الحارة» هو الرقم واحد من بين كل المسلسلات التي عرضت من قبل عشرات السنين وحتى اليوم والذي تخطى مسلسل "ليالي الحلمية" الذي حصل على المركز الثاني و"رأفت الهجان" الذي حصل على المركز الثالث بحسب شركات الإحصاء التلفزيونية الذين أرجعوا أن السبب الرئيسي لهذا النجاح هو قدرة السوريين على إظهار القيم الإسلامية والعربية بطريقتهم من شجاعة وكرم ونخوة وعزة وكرامة إضافة إلى القيم الاجتماعية الأخرى، بالإضافة إلى اعتباره مسلسلاً تربوياً لملايين الأسر والآباء والأبناء وكل المقصرين، وقدم هذا المسلسل رسالة سامية ورائعة؛ بل نطق المسلسل بالضمير العربي والإسلامي الحقيقي الذي نام طويلاً والقيم النبيلة، فقد حصل مسلسل "باب الحارة" الجزء الثالث العام الماضي على المركز الأول عربياً ضمن قائمة أكثر المسلسلات مشاهدة والعاشر عالمياً بحسب شركات الإحصاء التلفزيوني، أما من خلال التقييم الفني فقد برع مخرجه في نقل تفاصيل المجتمع الدمشقي بحاراته وشخصياته وبنمط عيشه وتقاليده وحتى تفاصيله البصرية من أزياء وديكورات واكسسوارات والتي منحت هذا العمل طعماً خاصاً، بل إنه أصبح موعد عرض المسلسل يشبه موعد أذان المغرب والإفطار في شهر رمضان، حيث يجتمع الكل لمشاهدته حتى لا يفوتهم أي مقطع أو حدث من أحداثه. وبالدخول والمقارنة مع الدراما اليمنية دون الخوض في الدراما المصرية وغيرها يتضح بأننا سنظل في دائرة الوهم عبر ما يعرض عندنا وينتج كمسلسل «علاجك عندي» الذي هو بحاجة إلى العلاج، أي المسلسل نفسه، و«كيني ميني» والذي هو بالفعل "كاني ماني" أو حتى كما سموه "كيني ميني" وغيرها. فحقيقة إن الدراما اليمنية تعيش الوهم والتصحر لأن منتجينا يعيشون التصحر الدرامي دون أن يشعروا عند رؤيتهم بخصب ورغد الدراما العربية ومن ينعمون بها.. إن «باب الحارة» شكل مرآة حقيقية لما نرغب في مشاهدته واستعادته أو حتى امتلاكه من أشياء افتقرنا إليها، وأظهر الصورة التي نحب أن نظهر بها. أما الدراما اليمنية فشكلت خلف هذه المرآة التي هي عبارة عن العتمة التي لا نرى فيها شيئاً أي أن «باب الحارة» هو وجه المرأة ومسلسلاتنا اليمنية، هي خلف هذه المرآة. والجميع يعرف بأن لكل مسلسل هدفاً أو فكرة يرتكز عليها، لكن مسلسلاتنا عبارة عن تصوير وحركات تصنعية لكي يشحتوا الضحكة من الجمهور باسم الدراما التي تنفق عليها الملايين، ويتضح بأن ما عرض العام الماضي أفضل بكثير مما عرض هذا العام يمنياً، الأمر الذي جعل الكثير من الفنانين أو الفنانات يعتزلون أو يمتهنون مهناً أخرى. وأنا أطالب شركات الانتاج والمخرجين والمشرفين على هذه الأعمال بضرورة الاعتراف بالقصور فيما حصل هذا العام للدراما اليمنية والذين كانوا السبب في سقوط الدراما اليمنية والتي اتضح بأنهم ليسوا فاشلين - لا سمح الله - بل ليسوا مبالين أو محترمين للجمهور المشاهد، وكانت أعمالهم كتحصيل حاصل!!.