القارئ لتاريخ اليهود وحاضرهم يجد أن معركتنا معهم معركة عقيدة، هم يحاولون دائماً جاهدين طمس وتشويه معالم الرسالة الإسلامية الخالدة، والقضاء عليها، ولكن الله متم نوره ولو كره المشركون.. ولكن يبقى بعد هذا كله السؤال الذي يهمنا: ما الوضع بالنسبة لمجتمعات العالم الثالث التي لم تكد تجد طريقها نحو ملامح ومقومات الديمقراطية والحرية..!؟ في هذه المرحلة التي يعيشها العالم اليوم، وفي ظل الحرب القائمة بين إيران ودويلة الكيان الصهيوني الابن المدلل للولايات المتحدةالأمريكية ذات السطوة الكبرى كما تدعي، ولا ندري ما سوف تأتي به الأيام المقبلة، بعد أن تزول أمريكا ويأذن نجمها بالأفول، وإنا لنراه قريباً إن شاء الله تعالى.. فاليهود لا يرضون للمسلمين البقاء على دين الإسلام، وما ذلك إلا إنهم كفروا بالله، وبرسوله، وسيظلون هكذا الى يوم القيامة قال عزوجل تباركت أسماؤه: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) سورة البقرة- 120.. من أوصل الدول الى هذه المرحلة المتردية..؟! هم أصحاب المصالح والعملاء والأخطاء الحمقاء التي ارتكبوها بحق الأوطان.. ودورات العنف السياسي، ومنزلقات الحزبية والعصبية والمذهبية والمناطقية التي اشعلت نيران الأزمات بين قوى الحق وقوى الباطل في دول المنطقة.. إن رياح التغيير السياسي عندما تهب تهلك الأخضر واليابس، وإذا هبت في صالح تيار محدد أو طائفة لها رؤيتها أو أيديولوجيتها الخاصة بها، فسرعان ما تراه حقاً مقدساً، وتفرض نفسها بقوة السلاح لتكون حاضرة بقوة فتلجأ لنبش رفات الماضي بكل ما فيه من سلبيات وأخطاء ومنزلقات فكرية وعقائدية وجهوية لتأجيج الأحقاد والضغائن بين أبناء الوطن الواحد.. وهذا ما نشهده اليوم في واقعنا العربي والإسلامي وإن كان على مستويات مختلفة، ونسب متفاوتة.. في ظل تقاسم ثروات وخيرات الدول وتكريس سياسة التقاسم، وتوزيع خيرات وثروات الأوطان على أسس حزبية ومناطقية ومذهبية، وهذا ما جعل الأوطان بمثابة كعكة يتسابق الجميع على قضمها دون خجل أو حياء.. وهذا ما أدى الى اختلاط الأوراق، وإنعاش دورات العنف بين الجماعات والشحن العاطفي المضاد بين المكونات السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية.. وفي ظل هكذا خصومة ونزاع تظل المصالحة الوطنية تحت رحمة الأجنحة المسلحة، والأذرعة العسكرية في حالة استعداد وجهوزية عالية لأي طارئ قد يحدث.. المؤسف المعيب مازال حب السيطرة والهيمنة والتسلط مستشرياً بين الأمة بشكل مخيف، والكل يريد أن تكون كلمته هي العليا.. صفوة القول: من سنن الحياة اختلاف الزمان وتبدل الأوضاع والظروف، وتغير المعطيات، وهي تقتضي التغيير والتطوير والتحديث- بصرف النظر عن اشراقات الماضي وإزدهاره أو ظلاميته وضلاله حتى أن القرآن الكريم أوضح لنا أن الإصرار والتزمت على التمسك بمناهج السابقين من الأولين صورة من صور العناد والتعصب.. فقال عزوجل: (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمةٍ وإنا على آثارهم مقتدون) سورة الزخرف- 23.. هناك بعض من يمارسون أعمالاً قيادية ليسوا جديرين بهذه المناصب، لأن قلوبهم وإحساساتهم تفيض شراً وحقداً وقسوةً ويشعرون باللذة والسعادة حين يمارسون تلك الأساليب المنافية لكل القيم الدينية والتربوية والإنسانية.. وهذا مربط الفرس.. تهلك الدول والشعوب بأكابر مجرميها.. ومفسديها.. ومنافقيها.. كلمات مضيئة: يقول ابن خلدون في مقدمته الشهيرة: "إن الظلم بداية انهيار الأمم، وأخذ أموال الناس بالباطل يجعلهم يزهدون في العمل والانتاج، لأن حقوقهم تسلب منهم، عندئذ تبدأ حركة الأسواق بالضعف، ويبدأ سكان البلد في الهجرة طلباً للرزق، فتخلو الدولة من أفضل كفاءاتها، وبذلك يختل أمر الدولة".. إن الذي يقرأ التاريخ قراءةً فاحصةً ومتعمقة، يدرك أن المفكرين والمؤرخين عندما يتحدثون عن الماضي يحسنون، وعندما يتحدثون عن الحاضر يبدعون، لكنهم عندما يتحدثون عن المستقبل لا تسمع لهم إلا شعارات براقة، ومشاريع هلامية، وخططاً على ورق.. لكن السؤال المفترض طرحه: كيف نخطط لنصل الى الحضارة الراقية والعدالة الحقة والتنمية الشاملة المستدامة..؟!. إذا أردنا أن نعيد تراثنا وحضارتنا العريقة من جديد، فلابد لنا من تحليل الماضي ودراسة الواقع، بحيث يكون الهدف من تحليل الماضي، ودراسة الواقع هو استشراف المستقبل.. دون ذلك نظل ندور حول أنفسنا بدون جدوى، ولا هدف.. وتظل الغائية السياسية هي المسيطرة على كل الحركات بسبب الخلافات الدينية والصراعات الفكرية، والمشاحنات المذهبية التي برزت في الفضاء الديني الإسلامي في العقود الأخيرة من القرن العشرين.