المبدعون لا يصعدون من فراغ وليس في مقدور أي مجتمع يريد التقدم والرقي أن يتحاشى التفاعل بروح العقل الناقد الهادف والفعل الإنتاجي المبدع.. المؤسف أنّ هناك نوافذ عربية مازالت مغلقة وأن ملامح الإبداع مهما تقادمت تظل أزمنتها متلاحقة وإيقاعاتها مدوية، وعندما تكون الأمة في حالة صراعٍ وتمزقٍ تتضاءل أوراق الموروث الحضاري وتتلاشى حقوق الإنسان وحرية المواطن وواجباته ومسؤولياته. وصدق الشاعر القائل: شعب عاشق الأوراق والقلم.. لكنه هائمٌ في صحاري العدم.. كله شوق وهيام.. يعلو بصرخته: عائدون رغم الضيم والألم هكذا تدور عجلة التاريخ ولكل دورة من الزمن رؤاها وخصائصها وبخاصة في زمن يتغير فيه مجرى كل شيء ويكون التاريخ فيه مطالباً بأن يحفر مجراه الجديد بشرط ألاّ يكون الذي يحفره قبراً له.. عندما نتأمل التاريخ سنجد أنّ الإسلام نادى بفكرة الوحدة الإنسانية وتعامل مع البشر كوحدة واحدة وهذا عمل إيجابي لا يُقاس أثره بخفوت صوته أو ارتفاعه، وإنما يُقاس ببقاء أثره في ضمير الأمة قاطبة.. من المستحيل أن تتوقف ينابيع الإبداع عبر التاريخ، بل سوف تستمر في تدفقها إلى ما شاء الله، فالإبداع قدر الإنسان، كما هو قاموس المعلوماتية في عصر مشحون بعالم المعرفة الالكترونية.. وهكذا تدور دورات التاريخ، لا يوجد شيء متفق عليه في مجال الإبداع أو الأحداث ولا يعمل التاريخ ضد الذاكرة، وإنما هي نتاج تراكم أحداث وتجارب وخبرات قيد الراهن والمستقبل قبل أن تكون قيد الموروث القديم.. وفي زخم الأحداث وتشابك الصراعات ترتقي سخونة المواقف مع الأبعاد السياسية والخلافات الفكرية، حيث جعلت من الوطن العربي من الخليج إلى المحيط مسرحاً يعج بالغزاة والعملاء.. فالسياسي عندما يصبح كمسافرٍ في قطارٍ لا يعرف وجهته يكون تائهاً حائراً، هائماً في عالم التمرد مليء بالفتن والحروب والصراعات.. فالصراع بين الدول والشعوب لا يمكن حسمه فردياً من أعظم العقول، فلابد من تكاتف كل جهود الدول والشعوب لأننا جميعاً سنقف أمام التاريخ والمستقبل لنحاسب على هذه الأمانة.. صفوة القول: فالشعوب التي تعيش أزمنة الخريف الضائع والأرض التي هجرتها العقول من المستحيل أن تتحول إلى الديمقراطية الرقيمة والحكومة الالكترونية وصدقت رئيسة وزراء باكستان السابقة بي نظير بوتو حينما قالت: "عندما تخفق البشرية في التصرف على أساس من العدل فإنها تفقد جوهر روحها السامية ودون روح، فإن الحياة ذاتها تضل مسارها ولا يعود متبقياً أمام الإنسان إلاّ الجمود والموت...". الدم العربي اليوم يُراق في كل مكان وساحات الإعدام ليل ثقيل على شعوب مقهورة، وفي عام الرمادة يموت الدهماء والرعاع والبسطاء على أسوار المدينة الفاضلة ولا حياة لمن تنادي.. للأسف الشديد مازال العالم العربي في غيابة الجب ولم يستطع مواكبة ومتابعة التطورات السريعة العميقة التي يشهدها العالم المعاصر اليوم. لذا لابد أن يمارس المواطن العادي حقوقه المشروعة في إدارة شؤون وطنه وإسهامه الرمزي والفعلي من خلال إبداء الرأي عن طريق الانترنت في وضع سياسته العامة وليس من شك في أن الثورة الرقمية هي التي تساعد على تحقيق هذه الإنجازات. كلمات مضيئة: الأمة اليوم تمر بأزماتٍ معقدة وتحديات جمة، ولذلك لابد من تحديث العقل العربي لمواكبة الطفرة العلمية النوعية في شتى مجالات العلوم، فهناك علوم الطب والتنبؤ الوراثي والهندسة الوراثية والشفرة الوراثية وغيرها عن أسوار الحياة وعن كيفية التحكم في مساراتها.. وهناك علوم الفلك والرياضيات والمعلوماتية والطاقة والبحار وغيرها من علوم العصر.. فلابد من الاهتمام بحداثة الإنسان العربي حتى يُساهم ولو بقدر متواضع في تطوير وتحديث مستقبل الإنسانية على الأرض. نافذة شعرية: لماذا المخيم..؟ فكم فيه أم تُرمَّل.. كم فيه طفل يُيتَّم.. لأنَّ المخيم.. يعرف أن فلسطين من كل هذه العواصم.. أغلى وأعظم.. وعكا.. له وطن واحد.. لا يُقسَّم.. ورسولنا الكريم.. إلى القدس أسرى.. وصلَّى بالأنبياء وسلم.. وأن فلسطين كنعان.. أرض النبيين.. فيها ترعرع عيسى ومريم.. مهما دجى الليل وأظلم.. فالفجر آتٍ.. وآتٍ مع الفجر..