أحمد سيف حاشد صديق عزيز أراد أن يساعدني بما يمتلكه من علاقات حقوقية.. يكسر طوق عزلتي التي ظلت تضيق وتشتد.. رفع معنوياتي وإشغالي بمجال أحبه ليخرجني من اكتئاب ظل يشد خناقه على مابقي لي من متاح يضيق. حاول هذا المحب أن يفتح لي أفقا جديدا في وجه العتمة التي تحاصرني.. يستحدث مسارا في وجه المنع الذي يحول دون خروجي إلى العالم والتحرر من ربقة محبسي الذي أرادوا أن يكون لي قدرا حتى الموت وقبرا حتى القيامة. كان هذا الصديق ومنذ زمن يدرك ما أنا شغوفا به، والمجال الذي أحبه ولطالما تعلقت به وأنذرت حياتي في سبيله.. مجال الحقوق والحريات.. الفضاء الذي لا أستطيع أن أعيش بدونه. كان صديقي يدرك حجم الخيبات التي عشتها والفرص التي يجري حجبها أو منعي من الوصول إليها.. لطالما شعرت بغياب المساواة وعدم تكافؤ الفرص، وكم كان حظي عاثرا وممنوعا، وكم في وجهي قلبوا المجن..! *** تنازعتني الرغبة والمرض.. الكرامة والموت.. حاولت أن أبقي الأمر بين مراوحة وتأجيل لصالح صحة أبحث عنها، ومفاضلة بين ماهو مهم وما هو أهم، غير أن هذا لم يمنع صديقي من توصية صديقته في محاولة لوضع خطوة بداية، وهي المشاركة في مؤتمر دولي متعلق بحرية الدين والمعتقد وبناء السلام.. أراد صديقي المساعدة في البحث عن تجمع يمكن أن يتيح لي فرصة أو خيار ربما احتاج إليه. كانت حاجتي للصحة محل أولوية، ولكن عندما صارت مواعيد الأطباء تتباعد، وتسربل معها الوقت وطال، وكرامة باتت كل يوم تتألم أكثر من سابقه، صرت أبحث عن فرصة في أي دولة ممكن الحصول فيها على فرصة عمل تتلائم مع رغبتي، أو صنعة أتقنها أو عمل أجيده أو أستطيع النجاح فيه حتى تتعافى معها كرامتي المجروحة بحراب بلغت أقاصي الروح.. أي فرصة عمل تخفف عني أو تنتشلني مما أعيشه من ضيق وإحساس بالقهر.. كرامتي بعض من كرامة وطن مهدور يتغوط عليه حكامه. فرصة العمل هنا مستحيلة أو غير ممكنه، والحصول على تصريح عمل متعذر أو مستحيل دون لجوء أو إقامة ولا أريد أختم حياتي لاجئا ومشردا يبحث عن وطن معدوم.. صرت أبحث عن عمل حتى وأن اضطرني الأمر إلى مغادرة أمريكا إلى خارجها للعمل والعلاج أيضا. أنقلبت أولوياتي بدافع من ضرورة.. مفاضلة اضطرارية بين مر وأمرّ منه.. بين صعب وأصعب منه.. بدلا من الصحة التي أبحث عنها صرت ابحث عن فرصة عمل تنتشلني من قهر بالغ أعيشه.. بدلا من البحث عن الصحة صرت أبحث عن كرامة تذبح وتتوجع وتتألم كل يوم. ومضة أمل جاءتني من امرأتين وجدتهما في المؤتمر .. كان اسم الأولى "هولدا" والثانية اسمها "هوفيرناندا سان مارتن".