الناشط الحقوقي والكاتب الشاب محمد أحمد الزعكري واخيه الشاب زهير الطالب بكلية الطب جامعة الحكمة من الإعلاميين الذين يعملون معنا في صحيفة 26 سبتمبر عرفتهما منذ نعومة اظفارهما من خلال اللقاءات التي كانت تجمعني بوالدهما الزميل الشهيد احمد محمد الزعكري في مناسبات عدة منها في مسقط راسهم بعزلة بني موهب – مديرية السودة بمحافظة عمران وأخرى في مقر الصحفية بالعاصمة صنعاء حين كانا يحضران معه مرات عدة . وقد شاءت إرادة الله ان يرتقى والدهما شهيدا خالدا وهو يذود عن حمى الوطن بقلمه وسيفه معا في 23 ابريل من العام 2019م في حين كان محمد وزهير لم يبلغا اشدهما ورغم اليتم المبكر إلا انهما لم يشعرا به على الإطلاق نظرا لما حظيا به من الرعاية والاهتمام الكبير من قبل اعمامهم الشيخ صالح والشيخ علي والعميد عبدالله الزعكري الذين كانوا لهما نعم الآباء تكفلوا بتعليمهم وتقديم كل من يحتاجونه من متطلبات العيش الكريم . وفي كنف هذه الأسرة العريقة المعروفة بدورها الريادي في اصلاح ذات البين وتصدر المشهد اليمني في الدفاع عن الشعب والوطن في مختلف جبهات العزة والكرامة نشا محمد والى جانبه أخيه الوحيد زهير مقتفيان اثر والدهما الشهيد واعمامهما فتشربا من سيرتهم ونضالهم اسمى معاني الوفاء والصدق والإخلاص فتعلما منهم حب الوطن وتعمقت في نفوسهما الأخلاق العالية والمبادئ والقيم التي صقلت شخصيتهما وظهرا في ميادين العمل وفي أوساط المجتمع أنموذجا يقرا كل شخص فيهما صورة الوطن وصورة أسرة آل الزعكري التي تذكرك بعطاء العظماء واخلاق الفرسان مهما اختلفت او اتفقت معهم . وبعد ان توج والدهما البطل مسيرة حياته العلمية والعملية بالشهادة جمعنا بهما لقاء جديد في حضرة العميد يحيى سريع المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة الذي وجه سابقا بتثبت محمد ضمن طاقم الصحيفة لكن زهير لم يمض على قدومه الى الصحيفة ككادر جديد سوى شهرين تقريبا . وأما أخيه محمد فقد سطع نجمه في الصحافة والإعلام من خلال الكتابات والحوارات والمقالات الهادفة التي اثرى بها الوسط الإعلامي الى جانب كونه ناشط حقوقي فقد استطاع بنشاطه وحماسه وآماله وطموحاته الواسعة ان يحفر اسمه في المجال الصحفي والحقوقي في فترة زمنية قصيرة واستطاع أيضا من خلال شبكة العلاقات الواسعة التي بناها ان يحفر اسمه ويخلد ذكراه في القلوب والعقول معا وكذلك هو الحال مع زهير الشاب اليافع طويل القامة قوي الإرادة الذي لا يهاب المنايا مثله مثل اخيه محمد وابيه احمد وبقية افراد اسرته . وفي حين كان يستعد محمد للالتحاق بالمعهد العالي للقضاء بجد واجتهاد كان أخيه زهير أيضا يثابر ويجتهد في التحصيل العلمي فكان يجلس معنا يوميا ساعات قليلة وينصرف بعدها معتكفا في احدى مكاتب الصحيفة ليراجع دروسه باهتمام كبير . لم يكن محمد ومعه أخيه الوحيد يعلمان ونحن أيضا ان يد الغدر والإرهاب الصهيونية ستطالهما بهذه الوحشية مع عشرات الزملاء من الصحفيين والإعلاميين الذين استشهدوا اثر الغارات الجوية التي صبت من خلالها طائرات كيان العدو النار على مقر صحيفتي 26 سبتمبر واليمن وحولته أثرا بعد عين وكانت الفاجعة حينما سمعت دوي الانفجارات وشاهدت أعمدة الدخان والسنة اللهب تتصاعد فوق مبنى الصحيفتين فوضعت يدي على قلبي وامسكت تلفوني واتصلت مرات ومرات لمحمد وزهير لكن لم يجب احد. كانت تلفوناتهما قد اطفأتها قنابل العدو الفتاكة كما اطفأت ارواحهما وأرواح عشرات الزملاء الذين ارتقوا جميعا شهداء على طريق القدس يوم الأربعاء الدامي 10 سبتمبر الجاري الذي خيم فيه الحزن على اليمن وتلبدت فيه سماء العاصمة بالدخان الكثيف .. رحمك الله يا محمد ورحمك الله يا زهير ورحم والدكما فقد ترك فراقكما المبكر مع عشرات الزملاء في قلوبنا جرح لا يندمل وغصات وآهات لا يمكن وصفها . في الختام لا يسعني إلا أن أتقدم بخالص العزاء لأسرة آل الزعكري ولأسر الشهداء جمعيا .. نسأل الله ان يتقبلهم جميعا مع النبيين والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا إنه سميع مجيب .