آخر تحذير قرأته قبل أيام من نفاد المياه عن صنعاء لتكون أول عاصمة في العالم بدون ماء بعد عشر سنوات، وتخيلت الوضع حينذاك لو لم تقم الدولة بإيجاد مصادر مياه لعاصمة الأربعة وعشرين مليوناً والتي يقطنها الآن أكثرمن ميلوني نفس ومازالت وتيرة التوسع العمراني على أعلى مستوياتها والنزيف المتواصل ليلاً ونهاراً للآبار الموجودة في أحيائها القديمة والجديدة لم يخف على أقل تقدير في علم من قالوا بأنهم سيضعون حداً لاستهلاك المياه الجوفية ليس في صنعاء وإنما في بقية المحافظات مدنها والأرياف. إلا أنني أعتقد بما يشبه الثقة بأن هناك دراسات وخططاً لإيجاد مصادر مياه ليس لصنعاء وحسب وإنما لتعز والحديدة وعدن وإب، وهذه الأخيرة ستحصل على مياه البحر المحلاة مع تعز بعد سنتين تقريراً بحسب المصادر المعنية بمتابعة مشروع تنفيذ محطة التحلية الجاري العمل فيها في مدينة المخا بعد اكتمال الدراسة التي استغرقت سنة أو أكثر بتمويل يمني خاص واستثمار سعودي خاص أيضاً. إن ما لم يفهمه أي انسان عاقل هو البرود أو الشرود أو الفساد أو العجز الاداري والفني والمالي الذي اتسمت به السياسة الخاصة بقضية المياه وهي تتلقى التقارير والتحذيرات الداخلية والخارجية من تعرض المدن اليمنية إلى حالة من الفوضى والحروب المحلية على المياه والتي بدأت قرونها بالظهور منذ سنوات بالتلازم مع الاقبال على زراعة القات في كل واد وجبل وحدوث اشتباكات تسفر عن جرحى وقتلى للسيطرة على الآبار والينابيع الصغيرة الباقية وكل يسعى لتوفيرها للقات ويحرم جيرانه منها وإن مات عطشاً. وإزاء هذا الفشل الذريع في إحكام السيطرة على استهلاك واستخدام المياه حتى في العاصمة نفسها لانستطيع إلا أن نتكهن بوجود قوى خفية وإن كانت الأمور تقول إن هذه القوى معروفة باستماتتها من أجل مصالحها وإن كانت لم تصل بعد إلى إثبات قدرتها على قتل الناس عطشاً أمام كل المسئولين، وهذا هو الخوف بعينه من وصول الأزمة إلى قمتها التي نسأل من الله أن يجنبنا إياها بأيدي المخلصين الذين تمنعهم انسانيتهم قبل وطنيتهم من التضحية بالسواد الأعظم من تشكيلات المافيا التي تحتاج إلى قوة ووحدة في المجتمع تقف صفاً واحداً وتجاوباً وتعاوناً من قبل بعض المسئولين؟ وكما كنا نسمع عن أن تضاريس اليمن مساعدة جداً لإنشاء حواجز أكثر وأكبر لحصاد مياه الأمطار والاستفادة منها في الاستخدامات المنزلية والشرب والري المحدود وفي رفد الآبار الأرضية التي نضبت أو أوشكت على النضوب لتعود إلى مستوياتها السابقة، فمع استمرار النمو السكاني يجب أن تعمل الدولة على تنمية مصادر المياه وتقنين استخداماتها واستهلاكها قبل فوات الآوان.