لا تمتلك أية دولة من دول العالم العدد الذي تمتلكه اليمن من أجهزة الرقابة والمحاسبة ومكافحة الفساد .. مجلس النواب، المجالس المحلية، نيابة الأموال العامة، الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، الهيئة العليا لمكافحة الفساد، وهناك جهود تبذل في البحث عن إمكانية إنشاء محاكم إدارية. إلا أن الفاسدين تمكنوا من إدارة فسادهم بعيداً عن أعين كل هذه الأجهزة وبصورة منظمة حتى إن البعض منهم وأثناء إعداد القوانين ولوائحها التنفيذية يضعون الثغرات الكفيلة بتمكينهم من ممارسة الفساد بكل أريحية وبعيداً عن يد القانون. وقعت بيدي وثائق تكشف عن فساد داخل مؤسسة تعليمية كان الأحرى بها أن تمثل نموذجاً في النزاهة والاستقامة؛ لأنها تشتغل في التربية والتعليم والتأهيل والتدريب وإعداد الأجيال القادمة لتحمل مسؤوليتهم المستقبلية في إدارة البلد. قرار أشبه بديباجة القرارات الوزارية، أصدره مدير عام بتشكيل لجنة من 8 أعضاء برئاسته للإشراف على تكسير الحاجز بين مكتب التسجيل والكنترول لمدة ثلاثة أيام فقط (حسب القرار) بالطبع إن هذه اللجنة لن تقوم بأعمال التكسير وإنما الإشراف فقط ولأجل هذا العمل الجبار تم صرف مكافأة لهذه اللجنة بمبلغ (180000) مائة وثمانين ألف ريال مقابل الإشراف وليس تكاليف الأعمال. رد مدير الشؤون المالية لم يقنع المدير العام كما هو واضح في أمر الصرف (هل تكسير الجدار وفتح باب لقسم التسجيل والكنترول يحتاج إلى تكليف هذه اللجنة وبرئاسة المدير العام ؟ أو أن العملية تحتاج إلى عامل بناء أو اثنين لإنجاز المهمة وأن هذا تحايل واستهتار بالمال العام، وأنهى رده بعبارة توجيهاتكم !! إذا كان تكسير حاجز سيدر على هذه اللجنة كل هذه المبالغ فإنهم لن يعجزوا عن تشكيل لجان لكسر كل الحواجز ولجان أخرى لإعادتها وهكذا دواليك. قضية أخرى أكثر فساداً من سابقتها وهي أمر صرف بمبلغ (487000) أربعمائة وسبعة وثمانين ألف ريال مقابل مكافأة لجنة أرشفة وتنظيم مكتب المدير العام والسكرتارية لعدد 7 أشخاص في مقدمة الكشف المدير العام، وكالعادة لم يشفع لهذه الأموال الردود القانونية المفندة لمبررات الصرف وأن المبالغ المرصودة مبالغ فيها والعمل المنجز لا يحتاج هذه اللجنة، والصرف مخالف لتوجيهات الجهاز المركزي (توجيهاتكم)!!. وثيقة صرف أخرى بمبلغ (275000) مائتين وخمسة وسبعين ألف ريال مقابل مكافأة اللجنة المكلفة لعمل الوثائق، وبالسؤال عن هذه الوثائق وماهيتها تأكد لنا أنها وثائق نجاح الطلاب والتي يعتبر إعدادها ضمن المهام المحددة لسيل الموظفين الذين يستلمون مرتبات شهرية ويستلمون مكافأة شهرية ومستمرة نظير هذه الأعمال، وللعلم إن اسم مدير المعهد في مقدمة الكشف. كما أن الطالب يدفع مقابل إعداد وثيقة النجاح المؤقت (500) ريال والوثيقة الكرتونية (1500) ريال ومثلها لثلاث صور طبق الأصل. والوثائق التي أمامنا كثيرة، ورائحة الفساد فيها تزكم الأنوف وتثير الغثيان، وممارسة الفساد مكشوفة ومفضوحة ولا تحتاج الأجهزة الرقابية المتعددة لميكرسكوب لاكتشافه، فبمجرد مراجعة الكشوفات والوثائق ستنكشف الكثير من الخبايا والقضايا المثيرة. كم هو مؤلم حرمان طالب فقير معدم من دخول الاختبار؛ لأنه لم يدفع الرسوم وتذهب كل هذه الأموال في كروش الفاسدين المتخمين في هذه المؤسسة التعليمية. هناك جهات حجم الفساد فيها أكبر ويتجاوز عشرات الملايين وتتفنن في ابتكار مشاريع وأعمال وهمية لالتهام الأموال العامة خصوصاً في الصناديق والجهات التي تمتلك حساباً جارياً وعائدات غير مبوبة إلا أن انتشارها في مؤسسات التعليم أكثر خطراً على المجتمع ومستقبله، الفرق بيننا وبين الآخرين أننا نبدع في ابتكار طرق مشاريع وهمية تبتلع المال العام والآخر يبدع في ابتكار طرق تحميه وتقطع كل يد تطاله. تنويه في مقال سابق بتاريخ 19/2/2010م حدث خطأ مطبعي قلب معنى العبارة .. جاء في المقال (بعد وصول الأطراف إلى قسم الشرطة وامتناع مدير القسم بالإفراج).. والصحيح (بعد وصول الأطراف إلى قسم الشرطة واقتناع مدير القسم بالإفراج).