أرسل لي أخ محتار عن موضوع ماء المرأة وماء الرجل، وأن الجنين يتكون منهما، وأي غلب الآخر تشكل بموجبه الإنسان، وجاء بأثر من حديث في هذا فتلخبط عقله وأظلمت السماء في وجهه والأمر لا يحتاج لكل هذا؟ وأهم ما في الأمر موضوع الحديث والقرآن، فالقرآن لم يتحدث عن ماء المرأة والرجل بل كان في غاية الدقة، حين عزى الجنس أي الذكورة والأنوثة إلى مني الرجل، ونحن نعرف من الناحية المجهرية اليوم أن الذكر يحمل كروموسومات متباينة يسمونها (واي وإكس) حسب حروف اللغة الإنجليزية (XY) في حين أن البويضة تحمل نوعا موحدا من الكروموسومات هو الاكس. فإذا تأملنا الآية «تعجبنا وليس تلخبطنا على البراعة اللفظية والدقة العلمية، تأمل معي الآية: ألم يك من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه (أي من المني) الذكر والأنثى؟ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى !! سبحانك فبلى.. المهم علينا أن نلجأ إلى القرآن في تحليقه ودقته، ومشكلة حديث الآحاد أنه يدخل الإرباك إلى كثير من الأمور؛ مالم يوضع ضمن الصورة البانوراما للمفهوم الإسلامي، وهو ما قام علماؤنا بتأسيس أصول الفقه من أجله فوضعوا قواعد في غاية الجمال، مثل الضرورات تقدر بقدرها، ويرتكب الضرر الأقل تجنباً لضرر أكبر، وأن الضرورات تبيح المحظورات، وما شابه، ولأن عقول المسلمين أصبحت في الثلاجة؛ فلم يعودوا يفهمون شيئاً، وأصبح بينهم وبين الفقه مسافة ثلاث سنوات ضوئية .. ومن أمثلة هذه اللخبطات التي تحتاج لتوضيح الحديث الذي يقول: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله»، والآية تقول « لا إكراه في الدين»، ولنتصور مشكلة المحرم والطيران حاليا، أو مفهوم الردة الخطير فنقتل كل من يغير آراءه ومعتقداته ؟ وهذا له بحثه التفصيلي .. لنعد لموضوع اللقاح وكيف يتم ؟؟ يحدث اللقاح بين البويضة والحيوان المنوي البويضة تأتي من المبيض وتعبر البوق إلى أنبوب فاللوب.. ومكان إنتاج الحيوان المنوي الخصية .. وفي الثلث الوحشي يتم اللقاح بين الحيوان المنوي والبويضة أما يتعلق بالحدث والماء وأيهما يغلب؟ فالجواب هو أنه لا يوجد عند المرأة من المفرزات سوى ما يأتي من غدة بارتولان في فوهة الفرج ... أما مفرزات الرجل أو ماؤه فيحوي المني والحيوانات المنوية أما اللقاح فهو مزيج من الاثنين فيأخذ الجنين نصف مكوناته من الطرفين من الأم والأب على حد سواء .. والحديث يعمل لك إرباكاً، والعلم يعطيك الوضوح ! والحديث هو مصدر إرباك ليس في هذه المسألة فحسب بل في أمور شتى مثل المحرم، وكشف الوجه، وطول آدم، ونشأة الإنسان، ومفهوم الردة وانحطاط المرأة، وأن المرأة تقف بين الحمار والشيطان في قطع الصلاة، وأن بول البنت على الثوب يغسل والصبي يرش، والعقيقة المضاعفة للفحل والمفردة للمسكينة، وهي نماذج من عشرات.. فوجب إعادة النظر في المفاهيم العقلية وإعادة غربلة التراث وعلينا ألا نقلق لهذا فالحديث في معظمه خبر آحاد يفيد غلبة الظن كما اتفق على ذلك أهل العلم ...