سابقاً كان الحديث حول المخدرات وأضرارها وأسباب تعاطيها وانتشارها بين أوساط الشباب وما تتركه من آثار ونتائج تؤثر على سلوك الفرد والمجتمع، قد كانت مثل تلك الأحاديث والنقاشات في الفترة غير البعيدة تعتبر غريبة على مجتمعنا النظيف وخارجة عن الأخلاقيات والعادات التي تربينا عليها وعشنا تحت كنفها، فقد كانت الأسرة هي الحصن الواقي والآمن الذي يحافظ على الشباب من هذه الظواهر الغريبة والدخيلة على مجتمعنا، وحالياً تغير الوضع كثيراً، وما كان غريباً في الأمس القريب بات اليوم مشهداً مألوفاً ومعروفاً بفعل التغير في سلوك الأفراد وحدوث خلل في منظومة القيم الاجتماعية الأصيلة وتراجع دور الأسرة التعليمي والتربوي وضعف التنشئة الأسرية وغياب اهتمام الأهل عن متابعة أخبار أبنائهم وترك الفرصة لتلقي السلبيات دون أن تكون هناك ردة فعل رافضة وثقافة بديلة لتحصين الشباب. بدأ تسويق المخدرات بين صفوف الشباب والمراهقين، والأسوأ هو انتشارها بأنواعها ابتداءً من الديزبام الرفيق الأساسي في جلسات القات اليومية مروراً بحبوب الهلوسة والحشيش إلى الهيروين والكوكايين، والطامة الكبرى أن تعاطي هذه السموم من الشباب المراهق أصبح «عيني عينك» وعلى قارعة الطرقات وأمام أنظار المارة دون خجل أو خوف، وهذا مؤشر خطير يدل على انتشار الفساد وضعف الجانب الأمني داخل الشوارع، وربما خلال السنوات القليلة القادمة ستتحول المخدرات إلى كارثة بكل المقاييس على الأسر خاصةً والمجتمع بأكمله، وتصبح مأساة من الصعب تفاديها وعلاجها ولن يبقى الشارع مكاناً آمناً . المخدرات آفة تحول الشباب إلى طاقة غير منتجة، شباب ضائع لا يفكر ولا يعمل وتسُرق منهم أحلامهم ولم يعودوا يعرفون قيمة ومعنى الحياة، وبعضهم اتجه للمسكرات والمخدرات بعد أن تركوا مقاعد الدراسة في غفلة وصمت من أسرهم وأحياناً أخرى بتشجيع ومباركة الأهل، ومع الفراغ وغياب الوعي الأسري واختلال القيم الاجتماعية وانتشار هذه السموم بين أيديهم بسهولة ويسر كان الإدمان هو المصير المحتوم لأولئك الشباب والشارع هو الفضاء الوحيد الذي استقبلهم . والمستغرب كثيراً هو عدم وجود توعية كافية للشباب وذويهم وغياب عمل منظمات المجتمع المدني في هذا الجانب ومحاولة إنقاذ المدمنين، فلا تتوفر حتى المصحات المطلوبة للعلاج من الإدمان وإعادة التأهيل، فنحن كالعادة نقف دائماً في موقف المتفرج وننتظر حتى تفتك الكارثة بنا وتدخل كل بيت لنشعر حينها أننا أصبحنا واقعين في مأزق كبير. كيف سنضمن مستقبل مشرف لأبنائنا في ظل الإهمال وشبح الانحراف ونطمح أن نجعلهم أملنا لحياة أفضل ونحن نغفل عنهم ونتركهم بمفردهم يخوضون معترك الحياة بعد أن أوصدت في وجوههم جميع الأبواب وقبلنا تركهم للتعليم وكسب المعرفة، وتخلينا عنهم ليواجهوا الضياع والإدمان والموت؟ [email protected]