في العالم كله تقوم منظمات المجتمع المدني قبل غيرها بواجب حماية البيئة من أي ضرر يلازم أو ينتج عن التوسع العمراني والتقدم الصناعي وما يتطلبه ذلك في نظر الأنظمة والحكومات من إقامة مشاريع خدماتية كالطرق والمياه والصرف الصحي في الأراضي الزراعية. فتشكلت أحزاب الخضر في أوروبا أولاً للتصدي لأي مصادرة للأراضي بالشراء أو التعويض العادل لمد شبكة سكك حديدية تنقل المواد الخام إلى المصانع أو تحمل كل ماتنتجه لتوصيله إلى الموانئ وتصديره إلى الخارج ونجحت في كل من بريطانيا وفرنسا في تغيير الخطط كحل وسط يرضي الطرفين الحكومات والنشطاء الخضر الذين قبلوا ذلك رغم أن فكرة تكوين أحزابهم ترتكز على معارضة أي نشاطات من ذلك النوع. فهيم يرون أنها وإن كانت تهدف إلى إحراز تقدم صناعي وزراعي وسكاني إلا أنها تصب في النهاية في خانة الأضرار البيئية بعد أن تسببت المصانع الكثيرة والكبيرة في تلويث الأنهار والشواطئ القريبة منها بما تصبه من مياه المصانع المشبعة بالمواد الكيماوية المصاحبة للصناعة وأصبحت الأنهار في المدن الصناعية الصينية والهندية مثلاً مصدراً للأمراض وموت الأسماك والطيور ودماراً واسعاً للغطاء النباتي. مازالت تلك الأحزاب تناضل من أجل إحراز مقاعد برلمانية تمكنها من القيام بما تشكلت من أجله وذلك بسن تشريعات قانونية تحدد المسئوليات بكل جوانبها وتضع القضية البيئية في المقدمة وتفرض العقوبات على من ينتهكوا تلك القوانين مادياً ومعنوياً، وقد أثمرت جهودها عن عودة الحياة إلى الغابات والمحميات الوطنية الطبيعية وحماية الحيوانات المهددة بالانقراض وذلك عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة والأبحاث المتخصصة وبدأت في التكاثر والتناسل ثم بعد ذلك يطلق سراحها في الغابات الطبيعية في ظل مراقبة مستمرة لحياتها وصحتها وللصيادين الذين يتاجرون بجلودها وقرونها. ولو أردنا التحدث عن دور الجمعيات وخاصة جمعية حماية البيئة في اليمن والتي تعد من أولى الجمعيات التي ظهرت بعد الوحدة عام 90م فماذا سنقول غير التأسف لجمودها الذي لازمها منذ اللحظة الأولى لإعلانها، ولو قال قائل بأن الامكانيات المادية هي السبب في عدم قيامها بأي عمل يلمسه أو يسمع عنه الناس لقال لهم المتبرعون المحليون والخارجيون ولقالت لهم الخزينة العامة للدولة والمشتركون شهرياً ومنذ التأسيس إن كلامكم مرفوض ويجب أن تحاسبوا على ما أخذتم باسم البيئة وباسم ضحايا التلوث البيئي وباسم الأراضي التي أحرقتها المبيدات والسموم الزراعية وغزاها القات وجفت الينابيع والغيول والآبار.