قرأت عن نساء خرجن في صنعاء للمطالبة بعدم تحديد سن للزواج وجعله متروكاً على الغارب، وحقيقة لقد أصبنني هؤلاء النسوة بما يشبه الكساح لما يطالبن به ما جعلني أشك أنهن أصلاً يمتن بصلة إلى الإنسانية وأشك في كونهن لهن عقل فيما يدعين إليه، ففي حين يسعى كل ذي عقل وقيم إنسانية إلى المطالبة بوضع حد للانتهاكات التي تُمارس في حق الصغيرات وتحديد سن للزواج بسنّ تكون فيه الصغيرة قادرة على تحمل أعباء الزواج وتكون قد بلغت مرحلة من النضج الجسماني والعاطفي ما يؤهلها لخوض معركة الزواج بجدارة يحضرني وبشدة عبارة تقولها جداتنا عن الزواج وهي (الزواجة لصم حديد) أي مضغ حديد وهذه إشارة إلى ما تواجهه المرأة في الحياة الزوجية ويتطلب ذكاء وفطنة ومقدرة، لذا لا يجب أن نزج بالصغيرات إلى معركة لسن أهلاً لها . أحيي وبشده الاعتصام الذي أقيم أمس الثلاثاء وذلك للمطالبة بتحديد سن الزواج والذي نظمته اللجنة الوطنية للمرأة، ولولا ظروف الزمن والمكان لكنت أول المتواجدين في هذه المساحة الزمنية والمكانية الهامة مع كل فتاة وأم والتي يجب أن يشارك فيها كل مواطن ومواطنة يحب وطنه ويشعر بالمسئولية تجاه صغيراته. هل تعلمون سادتي سأسرد لكم هذه الحكاية الواقعية كانت “ سارة “ في الصف السادس فوجئت بغيابها وعندما سألت عنها تبادلت زميلاتها النظرات والضحكات وهن يقلن:” سوف تتزوج ولن تحضر إلى المدرسة بعد اليوم “، صدمت ..فجعت.. صرخت لكني لم أستطع أن أغير شيء ولم يُفلح اعتراضي في شيء، وبالفعل تزوجت سارة وبعد فترة كان علي رؤيتها في مجالس النساء ترتدي المجوهرات وتضع الماكياج وكان مفروضاً عليها مجاراة المجتمع في تقاليده رغم مشاعرها البريئة التي تم تمزيقها ورغم صورتها الطفولية، سارة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فغيرها كثيرات، لوزة وسعاد وكثيرات يختفين من مقاعد الدراسة ليزج بهن في سجن الزوجية بحجج واهية ومقرفة ومنها “ المرة ما لها إلا الزواجة “ بالفعل الزواج ستر للفتاه لكن اعقلوا يا أولي ألألباب كل فتاة وليس كل طفلة . عمتي وخالتي وكثيرات من النساء العجائز عندما تسألهن عن ذكريات الطفولة جميعهن يخبرنني بأنهن تزوجن صغيرات وهناك من تقول أخذوني من الشارع ونحن نلعب ولبسوني وزفوني لرجل كبير وأنا لا أفقه شيئاً .. كثير من هؤلاء يحملن ذكريات سوداء لتفاصيل مؤلمة في حياتهن على ذمة زواج بنت الثمان. فلسفة بائدة ومقيتة في زمن لم تعد تتناسب معه، ولذا من المؤسف أن تسمع من يؤيد هذه الفكرة الخاطئة والسلوك السيئ ويحسب نفسه من البشر. أصرخ بالصوت العالي دعوا الطفولة وشأنها وضعوا حداً للاستهتار وقولوا كلمة فيصل في هذا الشأن سن (18) سنة سناً مناسبة لكل فتاة ولكل أب، لكن ما قبلها جنون وجريمة وخطأ فادح، زوروا أقرب طبيبة نساء لديكم واسألوها عن أهم ما تعانيه النساء اللائي يأتين إليها ستجدون أن أهم مشكلة تواجهها تتمثل في الفتيات الصغيرات اللاتي ألبسوهن لباس المسئولية والحمل والولادة ولا تزال أجسامهن لا تقوى على ذلك، ستجدون مشاكل تخجل منها الإنسانية تعاني منها هؤلاء الصغيرات المجني عليهن كان من الممكن تلافيها لو كان هناك سن محدد للزواج من المسئول عنها ومن الجاني ... علينا. [email protected]