فكر عبد الله القصيمي النجدي هو من ذلك النوع المتفجر، الذي يجب أن يفجر مثل الديناميت، بشكل مدروس، في مكان مدروس، لغرض مدروس، في وقت مدروس لأناس يدرسون، مثل دراسة الديناميت في مختبرات الطاقة، أو دراسة فيروسات الأيبولا والسارز في محميات بيولوجية من الرتبة الرابعة، ( Safe- Level 4) في الدخول على معامل المختبرات الخطيرة. قد يعجب كلامي البعض، وقد يعتبر البعض أن القصيمي فيلسوف القرن، وقد يراه آخرون أنه هرطيق القرن، ولكن الرجل هو خلطة من هذا وذاك، وقد مات وأفضى إلى ربه فبصره اليوم حديد. إن فهم القصيمي يجب أن يتم في مختبرات علم النفس، فيدرس تحت مجهر السيكولوجيا، وحين ينمو الفطر والنباتات في بيئة صخرية، يجب توقُع أن يكون رد فعلها من نوع الصخري الحجر الصوان الصلد. ومعادن الناس وصفها نبي الرحمة، انها مثل الذهب والفضة، والعبرة بالنتائج؛ فكثير من الأفكار المتفجرة، فجرت المجتمعات المتصلبة المحنطة فأذابتها لما هو خير. وكثير من الثورات العارمة قادت للمصائب، وهي ليست نكتة، بل واقع يتلبس العالم العربي مثل الشيطان الرجيم، وسيدوم هذا الأمر عقودا طويلة على ما يبدو، وسيأتي من يكتب التاريخ عن نشأة كائنات الهيبريد (يجرب العلماء مزج جينات الفيران مع البغال لإنتاج كائنات جديدة).. إن قانون التاريخ يصنعه التاريخ، ولا نصنعه نحن، بل هو من يصنعنا.. إنها مأساة التاريخ ومهزلته كما يقول الوردي عالم الاجتماع العراقي في كتاب كامل بعنوان (مهزلة العقل البشري)، فلنضحك طويلا على خرافات القصيمي، وعلى خرافاتنا، فالضحك جيد... ليس أفضل من جيفري لانج في التعبير عن الضياع الديني، وليس أجمل من كتاب محمد إقبال في تجديد التفكير الديني، وبقدر جبروت الثقافة وقمعها، بقدر عظم الارتداد، وحيث يخرج الإنسان تطبعه الثقافة المحلية بختم لايزول، أشبه بالحبل السري بدون سرة، ولكن الويل للقوة العاتية التي تتفجر من مضاد المادة، وعبد الله القصيمي النجدي هو ذلك الارتطام بين المادة ومضاد المادة، والثقافة ومضاد الثقافة. خرج الرجل من نجد شيخا متدينا أقرب إلى التعصب فانغلق، وفي مصر انقلب إلى ملحد مارق فانفلق؛ على الأقل حسب مصطلحات الثقافة العربية الإسلامية، حين يضحك على نفسه والعربي والثقافة والنبي والملائكة والكعبة، وهي مقولات لاتقبلها قط الثقافة العربية بهذا الجموح وهذا الإفراط، وأنا شخصيا أعرف التشدد الموجود في نجد، فهذا الشاب الذي انفقأت عينه بالمسلة وعمي بالالتهاب المضاعف، عكف على هذه الأبرة الثخينة وقال من هنا ينبثق السر، ومن رأس المسلة بنقشها على لوح الخشب وضع كتابة العميان باللمس. وأنا من جو التشدد الحجري ولدت عندي الأفكار كما ينبثق الماء من الصخرالصوان، وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء، وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون؟