في هذه اللحظات التي أكتب فيها ثمة ألم أحسه في جسدي، تداخلت أسبابه ومسبباته، فما عدت أدري ما الذي يحدث الآن، وما الذي سوف يحدث لاحقاً؟! وقد نصحني الناصحون ونصحت نفسي بألاّ أدعه يستشري وينتقل من مكان لآخر فتتعاظم المشكلة وقد يستعصي على الدواء، ويحدث ما هو أسوأ من كل ذلك. وكل ما ينبغي فعله هو معرفة أسباب الألم الحقيقية والأخذ بأسباب الشفاء، والله الشافي وفي كل الأحوال، ومهما تكن النتيجة فإن الأمر لن يتجاوز حدود الجسد الواحد، ولكن ما أنا عليه في هذه اللحظات أوحى إليّ بفكرة الجسد الكبير الذي يضم عشرات الملايين من الأجساد والأنفس، وهذا الجسد الكبير بدوره يعاني من منغصات وآلام هنا أو هناك، وبالتأمل في الأسباب نجدها قد تداخلت واختلطت، منها الصحيح ومنها الزائف والنوع الأخير هو المشكلة وهو سر الألم وهو الذي يصعب علاجه كثيراً؛ إذ لاعلاج للأوهام من الآلام والأمراض إلا أن يتخلىّ أصحابها عن الأوهام ويحتكم الجميع إلى صدق الأسباب وصحة الدواء. وبالمثل نصح الناصحون في الداخل والخارج بألاّ يُترك الألم حتى يستشري في الجسد الكبير تماماً مثلما يحدث في الجسد الواحد الصغير؛ لأنه سوف ينعكس على كل من فيه، والعاقبة أسوأ من كل سيء يمكن أن يحدث.. وعلى مستوى الجسد الكبير وهو الأهم من كل الأجساد الفردية والآلام الشخصية ومن المصالح التي لا تعترف بالمصلحة العامة فإن ما يحدث فيه هو خلط أو اختلاط بين الشخصي من الآلام والمصالح ومحاولات تحويلها إلى مشكلة عامة وآلام في الجسد الكبير. نعم ثمة أسباب لمشكلات فردية ينبغي ألاّ تستمر،وثمة ظلم قد لحق بالبعض، وثمة فساد فعل فعله في الجسد الكبير وألحق الظلم ببعض الناس، وهذا أمر يعرفه الجميع وينادون ليل نهار بضرورة وضع حد للفساد وأهله، ولا أشك في صدق التوجهات والنوايا لمعالجة هذا السبب، وما علينا جميعاً سوى العمل على العلاج وعدم تعميم الألم والمشكلة والخلط بين الصغير منها والكبير وإرباك الحياة العامة بالمشكلات الخاصة والأوجاع الفردية. وعلينا أن نفكر بأحسن الحلول وأفضل الدواء حتى لايحدث مايحدث كثيراً حين يتناول المريض دواءً خاطئاً قرره طبيب لا يعلم شيئاً من أصول الطب والدواء، فيقتل الجسد ولا يداويه، والحكايات بعضها من بعض وإن اختلفت في مسمياتها أو تفاصيلها..هناك خطأ يكون ثمنه حياة إنسان، وهذا الذي يحدث عند الدواء الخاطئ الذي يصبح سماً قاتلاً، وما أكثر الذين يُقتلون بالدواء وفي غُرف العنايات المركزة وبين أيدي من يسمونهم بملائكة الرحمة من البشر. ولكن حذار أيها الناس أن تضعوا الجسد الكبير– الوطن– تحت رحمة الأدوية القاتلة التي يصفها من يرى في نفسه أو من يرون في أنفسهم ملائكة رحمة وهم شياطين عذاب.. حذار من السموم المغلّفة بعبوات العسل، ومن الأدوية الفاسدة في روشتات السياسة، فالخطأ هنا لن يطال فرداً واحداً رغم أهمية الفرد وقيمته الإنسانية هي الأهم، لكن الخطأ سوف يطال الجسد الكبير وفيه ملايين البشر.. ونسأل الله أن يمنَّ علينا جميعاً بالصحة والعافية أفراداً وأوطاناً.