مهما تباعدت المسافات وتباينت الآراء وتفرقت السبل, فإن الحوار يبقى هو المحطة الوحيدة والآمنة التي يلتقي عندها جميع الفرقاء المختلفين, والحوار هو الطريق الوحيد الذي يقود أصحابه إلى بر الأمان.. ومعلوم أن للحوار أخلاقيات وآداباً وشروطاً ينبغي أن تتوافر للمتحاورين حتى يصلوا إلى أهدافهم وغاياتهم.. ومن أهم تلك الآداب المصداقية والإخلاص والشفافية واستشعار المسئولية تجاه الهدف. ولا شك أن الاتفاق الأخير الذي تمّ بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك قد أعاد الطمأنينة إلى نفوس اليمنيين الذين يجمعون قاطبة على أن استقرار الوطن وتقدمه وازدهاره ونموّه مرهون باتفاق جميع أبنائه. ولا شك أيضاً أن هذا الاتفاق سيعزز المسار الديمقراطي الذي أرسى مداميكه فخامة الأخ القائد الرئيس علي عبدالله صالح الذي حرص في مسيرته السياسية على مدى ثلاثين عاماً على تنمية الديمقراطية ورعايتها حتى أصبح أصلها ثابتاً وفرعها في السماء, وأصبحت مدرسة يمنية عربية متميزة يتعلم منها الكثيرون إشراك الشعوب في اتخاذ القرار وصنع مستقبلها. كما أن عودة المؤتمر الشعبي والمشترك إلى اتفاق فبراير يعتبر في رأينا عودة إلى الطريق القويم, وسيشكل في حال نجاح الأطراف صمام أمان للوحدة والثورة والجمهورية والديمقراطية, على أن الواجب يفرض على أطراف الحوار صدق النوايا ودقة المسئولية وحب هذا الوطن, وتقديم مصلحة أبنائه فوق كل المصالح, والتنازل عن المكاسب الشخصية, والترفع عن الخوض في صغائر الأمور, واستشعار خطورة المضي في الطريق الراهن الذي سيفضي لا محالة إلى غرق السفينة التي نحن على متنها والتي تتلاطمها الأمواج من كل جانب. ولابد من التحذير هنا بأن السماح بخرق السفينة لن يؤدي إلى هلاك فئة وبقاء آخرين, وإنما سيؤدي إلى هلاك جميع راكبيها. ولابد أن يكون اليمن الجمهوري الوحدوي الديمقراطي في مخيلة جميع المتحاورين وفي مقدمة أهدافهم; لأن جميع أبناء الشعب يعتبرون ذلك من الثوابت والمقدسات والخطوط الحمراء التي لا يجوز الاقتراب منها. ويجب على المتحاورين أن يفندوا الشبهات, ويبددوا الشكوك التي تساور البعض من أن هذا الاتفاق سيكون مصيره الفشل, ولن يكتب له النجاح, وهناك ممن لا يحبون هذا الوطن يراهنون على ذلك.