يمكن الإفاضة أكثر مما اختزله عنوان هذه التناولة، باعتبار أن المتحاورين – بطبيعتهم البشرية – يستجرّون الماضي بمراراته وسلبياته في نفس الوقت الذي يتطلعون فيه للمستقبل بإشراقاته وطموحاته.. وبالتالي فإنهم يعيشون تحت مطرقة الأزمة التي لها تداعياتها في مختلف الجوانب وبين سندان الضغط الداخلي والإقليمي للخروج بتسوية عادلة وشاملة للأزمة الراهنة. ومن هذا المنطلق فإن الحوار الوطني القائم هو بمثابة المخرج الآمن والوحيد للمتحاورين من أسر تلك الضغوط ، سواءً تمثلت في هلال الأزمات المتعاقبة التي لا تزال آثارها تخيم على أجواء الحوار أو أقواس النصر التي يمكن أن تلوح فوق سماء الوطن إذا ما توافق المتحاورون على وضع آليات للشراكة تلتقي عليها كل الأطراف والقوى على الساحة الوطنية. ولا شك بأن الخروج من ضغوط الأزمات المتشابكة والمستمرة يتطلب قدراً من التحلي بروح المسئولية الوطنية التي يفترض أن تكون سقفاً يظلل جميع المتحاورين قبل البدء في مناقشة تفاصيل الكيان المستقبلي للدولة المنشودة أو البحث في امتيازات النخب المناطقية والمذهبية والجهوية، باعتبار أن سقف المسئولية الوطنية سوف يحتم بالنتيجة على الأطراف – مهما تباينت وجهات نظرهم – ضرورة المشاركة الإيجابية في حواراً تستقيم فيه معطيات الواقع ومتطلبات الحاضر والمستقبل وبحيث تتلاشى في أروقته مشاريع التجزئة والتشطير ومحاولة إحياء الكائنات الطائفية وإقامة الكانتونات الجغرافية. نعرف أن مهمة المتحاورين شاقة وعسيرة بالنظر إلى تركة التخلف في الموروث السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، بل نعرف – أيضاً – مخاطر تلك الرهانات الهادفة تفتيت اللُحمة الوطنية وتجزئة اليمن حتى تتمكن بعض القوى الإقليمية بأن يكون اليمن ساحة لتصفية حساباتها مع الآخرين .. ولهذا – ربما – رأينا تلك المساعي المحمومة لشراء الذمم وإدخال صفقات الأسلحة الممنوعة إلى داخل الوطن وتعكير صفو أجواء الوفاق والتآلف ومحاولة تعطيل الحوار الوطني.. وهي تدخلات لم تعد خافية على أحد، أشار إليها الأخ الدكتور أبوبكر القربي، وزير الخارجية منذ أيام بتأكيده على جدية المخاطر التي تترتب على هذا التدخل وإضراره بأمن اليمن والمنطقة ككل. وتبعاً لتلك الحصيلة من الظروف الذاتية والموضوعية الداخلية والخارجية المحيطة بمناخات الحوار ، يتطلب الأمر من كافة القوى والنخب السياسية على الساحة الوطنية – وتحديداً تلك المشاركة في الحوار – العمل الجاد والمخلص في اتجاه نزع فتيل تلك الأزمات والتقارب الأخوي ، بل والتنازل الإيجابي والبحث عن القواسم المشتركة وكل ما يسهم في إذابة جليد التوتر بين الفرقاء.. وبالتالي المساهمة الفاعلة في إنجاح الحوار أولاً والذي سينعكس ثانياً على التسوية وصياغة المستقبل المنشود الذي يتطلع إليه كل أبناء الوطن في الداخل والخارج وكذلك الأشقاء والأصدقاء ممن ساهموا إيجابياً في دعم ومساندة اليمن للخروج من أزمته وعلى نحو غير مسبوق.. فهل نتجاوز هلال هذه الأزمة وننطلق بالحوار إلى أقواس النصر أم سنغرق مرة أخرى في هلال الأزمات؟!. رابط المقال على الفيس بوك