في 21 آذار 1556 م كان المصلح الديني البريطاني (توماس كرامر THOMAS CRAMMER) يشغل منصب (أسقف كانتربري) أول مترجم للإنجيل إلى اللغة الإنكليزية ,يضبط على آرائه الخطيرة في الإصلاح الفكري ويساق إلى المحرقة ليشوى على نار هادئة. وكانت احتفالات حرق الهراطقة في (بلد الوليدValadvalid) بحضور الملك فيليب الأسباني أمراً روتينياً. ويحصي فولتير إحراق ملايين الناس من أجل أفكارهم بدعوى السحر، وكادت أم الفلكي الألماني (كبلر) أن تنتهي مشوية على الحطب مثل أي فروج، في الوقت الذي كانت الكنيسة تبيع تذاكر لدخول الجنة، وبقيت أوروبا لألف سنة تعالج السعال الديكي بلبن الحمير وتطارد القطط والساحرات وتحرقهم مع الكتب في الساحات العامة. وحسب تقديرات مجلة (در شبيجل) الألمانية فقد أحرق ما بين عامي 1450 - 1750 م مليون امرأة بتهمة السحر، إلى درجة أن يدلي رأس الكنيسة الكاثوليكية البابا البولوني(كارول فويتايلا KAROL WOJTYLA) يوحنا بولس الثاني (PAUL II) بهذا التصريح:” إن ما حدث في تاريخ الكنيسة لا يمكن السكوت عنه بحال، إنه عار كبير الذي حدث، كيف يمكن أن تتم انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان على هذه الصورة من الوحشية باسم الدين وحفظ العقيدة؟ كيف يمكن للإنسان أن يسكت عن هذه الألوان من ممارسة العنف في صورة حروب دينية تشن، ومحاكم تفتيش تصب العذاب على البشر باسم الإيمان؟ إن ما فعلته محاكم تفتيش العصور الوسطى كان التمهيد الفعلي لقيام أنظمة (توتاليتارية TOTALITARISM) في القرن العشرين وأنظمتها القمعية من نموذج (الجستابو GESTAPO) النازي و جهاز الاستخبارات ال (K.G.B.) الشيوعي وSTASI استخبارات ألمانيا الشرقية. وبقي السجل الأسود للكتب الممنوعة في الكنيسة ساري المفعول حتى الخمسينيات من القرن العشرين قبل أن يفتح الفاتيكان الباب للاطلاع والنقد ل 4500 ملف سري تعود لمحاكم التفتيش واستخبارات الكنيسة. وقصة التضحية بالإنسان من أجل أفكاره ليست امتيازاً للكنيسة بل هي مرض إنساني عام نجده في كل الثقافات. وفي سورة إبراهيم عرض بانوراما لكل الرسل ولكل الأقوام الذين ردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب. وهكذا فرّ أرسطو من أثينا بجلده إلى آسيا الوسطى، وضحت أثينا عام 399 قبل الميلاد بأعظم فلتة عقلية في التاريخ البشري سقراط وهو شيخ مسن بدعوى أنه يفسد عقول الشبيبة بفكرة الوحدانية. وصوّت مجلس أثينا بأغلبية الأصوات أن يتجرع سم الشوكران فبكت زوجته وقالت: ولكنك بريء؟ قال لها: ياكزانتبي وهل يسرك أن أعدم وأنا مدان؟ وعندما نصحه البعض بالهرب ومكنوه من ذلك قال: العيب أن تهرب مما هو ليس بعيب.