يحتفل اليمن هذه الأيام بذكرى يوم الجلاء، أي يوم انسحاب آخر جندي بريطاني مستعمر من أرض اليمن, وهذه الذكرى تتزامن هذه السنة مع ما تشهده بلادنا من أفراح وابتهاجات استضافة خليجي عشرين التي تجري سيمفونية إيقاعاتها الرياضية في العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن، التي شهدت أعظم المنجزات التاريخية بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة, ولعل اختيار مدينة عدن مكاناً لاستضافة خليجي عشرين يكشف مدى عظمة ومكانة عدن وحبها في قلب الشعب اليمني وقيادته السياسية الوطنية التي بذلت أقصى الجهود في الإعداد لاستضافة خليجي عشرين رغم تشكيك المرجفين الذين تلقوا ضربة موجعة بعد النجاح الكبير الذي تحقق وبعد الالتفاف الجماهيري الواسع حول القيادة السياسية وكذلك في التفاعل الجماهيري الإيجابي الكبير مع فعاليات خليجي عشرين رغم خسارة منتخبنا وتوديعه البطولة من الجولة الأولى, إلا أن الجماهير اليمنية أثبتت أنها جماهير حية محبة للرياضة عاشقة لكرة القدم من خلال حضورها مدرجات الملاعب وتفاعلها مع اللقاءات الكروية الرياضية بين الأشقاء والأحباء في خليجي الحب «خليجي عشرين » للتنافس على الفوز بكأس الخليج العربي. إن الثلاثين من نوفمبر يمثل نقطة تحول ومنعطفاً تاريخياً فاصلاً في سفر نضال الشعب اليمني الزاخر بالعطاء والتضحية والفداء من أجل الوطن الغالي ووحدته الخالدة خلود الليل والنهار. ولا يفوتنا ونحن نحتفل بهذه المناسبة الوطنية الغالية التي تحققت بفضل تضحيات الشعب اليمني البطل الذي قدم خيرة أبنائه من أجل نيل حريته واستقلاله أن نشير إلى حقيقة تاريخية لولاها لما تحقق النصر ولما أصبح الثلاثون من نوفمبر مناسبة وطنية عظيمة نحتفل بها كل عام , إن هذه الحقيقة التي تغيب عند البعض وهي بالتأكيد لا تغيب عند الكثيرين هي ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م وثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م, اللتان كانتا اللبنة والأساس المتين ليوم الجلاء الثلاثين من نوفمبر عام 1967م. إنه من المستحيل الحديث عن الثلاثين من نوفمبر دون الإشارة والحديث عن ثورة الرابع عشر من أكتوبر وثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وإلا فإننا نقفز على التاريخ أو نتجاهل بعض حقائقه الساطعة سطوع الشمس في كبد السماء، ومن هذه الحقائق أن الثلاثين من نوفمبر 1967م كان ثمرة من ثمار الثورة اليمنية العظيمة سبتمبر وأكتوبر، التي سجل فيها الشعب اليمني أروع بطولاته وأعظم تضحياته في سفر خالد من الكفاح الوطني الثوري العظيم الذي يشرف كل من انتسب وشارك وخلد له اسماً أو مكانة أو ذكرى في هذا السفر الوطني الذي يخلد منتسبوه الميامين ويخلد بطولاتهم وتضحياتهم الوطنية النبيلة. فإذا كان الثلاثون من نوفمبر ثمرة من ثمار الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر فإن الوحدة اليمنية هي الأخرى ثمرة من ثمار الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر المجيدة، بل نستطيع القول: إن ثمار الثورة اليمنية هي كل منجز تحقق على أرض الوطن الغالي كالتحولات التاريخية التي شهدها الوطن في مختلف المجالات السياسية، وما حصل من تطور ديمقراطي ملفت للنظر, والثقافية وما أفرزته من تطور معرفي وأدبي ونقدي عالي المستوى, والعسكرية وما شهده هذا القطاع المهم من تطور علمي حديث يمكن رجال القوات المسلحة من الدفاع عن الوطن من كافة الأخطار، وغيرها من المنجزات التي تحققت على المستوى الصحي والتعليمي، ومستوى الخدمات والطرق والمواصلات التي أصبحت شواخص تاريخية تتحدث عن نفسها.. ولا يسعنا ونحن نحتفل بهذه الذكرى إلا أن نقف إجلالاً واحتراماً لشهداء الثورة اليمنية شهداء الثلاثين من نوفمبر، شهداء الوحدة اليمنية، وكل الرجال الذين ناضلوا من أجل استقلال اليمن ووحدته وعملوا من أجل تقدمه ورخائه واستقراره ورفع اسم اليمن عالياً، ليكون له ثقله الطبيعي والتاريخي بين الشعوب والأمم. * باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني - أستاذ الإعلام بجامعتي العلوم الحديث والمستقبل [email protected]