يوم الاستقلال الوطني (30 نوفمبر 1967) هو يوم أغر في تاريخ الحركة الوطنية اليمنية المعاصرة جسد فيه الشعب اليمني العظيم بملاحم بطولاته الفدائية الجسورة وبدماء شهدائه الزكية الطاهرة الانتصار الأعظم لإرادته الوطنية ولمبادئ ثورته اليمنية الخالدة وللتضحيات الجسام التي قدمها في ميادين الشرف والفداء على امتداد تاريخ نضاله الوطني المتجذر في عمق الأرض اليمنية من أجل التحرر من الاستبداد والطغيان وتحقيق السيادة بمقوماتها الديمقراطية الزاهية.. تتويجاً لأهداف الثورة في البداية تحدث الأخ العقيد ركن محمد الضبياني -مدير إمداد قوات الاحتياط- قائلا: لاشك ان ثورتي 26سبتمبر 1962م و14 اكتوبر 1963م نعمة من نعم الله الكبرى على الارض اليمنية والشعب اليمني تخلص فيهما الأرض والإنسان في اليمن من الحكم الامامي الكهنوتي والاستعمار البريطاني البغيض اللذان جثما على تراب هذه الارض الطاهرة وصدر شعبها الأبي ردحاً من الزمن.. وجاء يوم ال30 من نوفمبر 1967م تتويجاً لأهداف هذه الثورة وثمرة من ثمارها التي روت من دماء الشهداء الابرار الذين ضحوا بأغلى ما عندهم ليتحقق هذا اليوم العظيم ولينعم هذا الوطن ارضاً وانساناً بهذه النعم التي يعيشها الآن بفضل الله سبحانه وتعالى وبنعمة الثورة وصمود الابطال، وليتذكر ويذكر من بقى من الآباء والاخوان ذلك اليوم العظيم حين رحل آخر جندي بريطاني عن ارض اليمن الحبيبة مجرجراً وراءه أذيال الخيبة والخزي والهزيمة، وانزل علم الاستعمار البغيض ورفع علم اليمن على ارضه وذرفت دموع الفرح لتصب في نهر واحد مع دماء الشهداء لتروي تراب الوطن الغالي وزرعه الذي اثمر ثماراً عظيمة منها رفع مستوى الشعب في جميع المجالات وتحقيق الحرية واستخراج الثروات من باطن الأرض وتحقيق الأمن والاستقرار وكان من أهم هذه الثمار تحقيق الوحدة اليمنية والتي نقلت اليمن الى ركب العالم المتقدم وأعادت الى الأرض اليمنية روحها التي سلبت منها بفعل الاستعمار (بسياسة فرق تسد).
معانٍ ودلالات كما تقول دلال الجنيد حول هذه المناسبة: الحقيقة ان محافظة عدن هي المحافظة التي رفع فيها علم الجمهورية اليمنية وتزدان اليوم بأبهى حللها وهي تحتفل بجلاء آخر جندي بريطاني منها في ال30 من نوفمبر عام 1967م.. وأضافت الجنيد: لاشك أن الثلاثين من نوفمبر تشكل بحد ذاتها ذكرى عظيمة ففيها تم جلاء آخر جندي بريطاني عن عدن وبذلك نالت اليمن استقلالها الكامل بعد ما يقارب المائة والثلاثين عاماً من الاستعمار البغيض الذي جثم على صدر هذا الشعب الحر ولا ننسى مقولة الشاعر الكبير محمد سعيد جرادة عندما وصف هؤلاء المستعمرين في قوله: حُمر الوجوه مشوهون كأنما نبتت جسومهم بأرض جهنم. كما يصف بطولة أبناء اليمن حين ذاك: أفراد أبناء الجنوب تجمعوا فرقاً كأسراب النسور الحوّم وبالتالي وبعد نضال مستميت وطويل نال أبناء اليمن في الجزء الجنوبي منه الاستقلال بعد أن هزموا أعتى قوة استعمارية المملكة التي لا تغيب عنها الشمس جارين وراءهم أذيال الهزيمة، ولهذا ستبقى هذه الذكرى عظيمة في قلوبنا بما حملته من معانٍ ودلالات كبيرة.. إن عظم الاحتفال بهذه المناسبة يبرز جلياً النضالات الكبيرة لأبناء شعبنا اليمني والتي توجت في ال22 من مايو 1990م بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية والتي ظلت ردحاً من الزمن حلم يراود اليمنيين وأصبحت في الأخير حقيقة ناصعة.
واحدية الثورة اليمنية الاخ ناجي بابكر تحدث عن هذه المناسبة بقوله: 30 نوفمبر 1967م انتصار لثورة 26سبتمبر و14 اكتوبر، فثورة سبتمبر هي الأم والوليدة اكتوبر.. حالما نتكلم عن واحدية الثورة اليمنية وأهدافها ايضاً تحقق الهدف الرئيسي والهام فيها وهو التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخالفاتهما وقد تخلص أبناء الوطن في الشطر الجنوبي آنذاك من الاستعمار عام 67م وذلك بجلاء آخر جندي بريطاني من عدن، وكان يفترض أن يكون 30 نوفمبر مؤشراً لإعادة تحقيق وحدة الوطن اليمني ولكن نتيجة للأحداث والمجريات السياسية المختلفة فرضت في أن يوجد نظام سياسي في جنوب اليمن في ذلك الوقت وأيضاً كانت الجهود ومفاوضات الجلاء والتوقيع عليها قد تمت في جنيف حيث كان النظر على أساس أنه بجلاء آخر جندي بريطاني وتسلم زمام الأمور في البلاد يتم الاعلان عن إعادة تحقيق وحدة الوطن وبالتالي كنا في ذلك الوقت نبحث على أساس أنه يمكن أن توجد تعددية حزبية وأحزاب يسارية ولكن الإخراج الدولي أخذ وجهة أخرى وبالتالي أعلنت دولة جمهورية اليمن الديمقراطية حينها.. الاًّ أننا حالما ننظر الى 30 نوفمبر ننظر له بأنه يوم من الدهر مثل انتصارا من انتصارات الشعب اليمني وتحقيقا لأهداف الثورة اليمنية وأيضاً هو من الأيام التي نعتز بها.. كما انه من أهم أهداف ال30 من نوفمبر العمل على إعادة تحقيق وحدة الوطن اليمني، ولهذا حالما ننظر في احتفالاتنا سواء في 22 مايو أو 26 سبتمبر 14 اكتوبر، فنحن ننظر إلى أهداف الثورة اليمنية وهي جلية وقد بدأت تتحقق باقامة الوحدة اليمنية، والتحرر من الاستبداد والاستعمار ومخالفاتهما وإقامة حكم جمهوري وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات.
حدث عظيم الاستاذ عبدالرحمن معزب تحدث حول هذه المناسبة العظيمة بالقول: لقد شكل منجز الاستقلال الوطني المجيد الذي تحقق في الثلاثين من نوفمبر 67م اللبنة الأساسية لأعمار وطن ظل يعيش سنوات طويلة خارج الزمن. بل الأمر من ذلك انه كان يعاني ويلات التخلف والجهل والفقر والقمع الذي لاينتهي ناهيك عن التمزق والشتات الداخلي اللذان ظل يعاني منهما هذا الجزء الغالي من الوطن بفعل تقسيمه إلى أكثر من اثنتين وعشرين إمارة ومشيخة، فكان أن جاءت الثورة وانتصرت وكان من ابرز منجزاتها إنها وحدت هذه الكيانات المتفرقة في دولة واحدة وأعادت الآمال في إمكانية توحيد شطري الوطن خصوصاً بعد انتصار الثورة في صنعاء التي حاصرت الحصار وهزمته. هذا فيما يتعلق بنوفمبر الاستقلال، أما نوفمبر الوحدة فقد انتصر انتصاراً سلمياً رائعاً جسد أروع صور الحكمة اليمانية في تحقيق الوحدة اليمنية. هذا اليوم التاريخي الأغر مثل حدثاً عظيماً في تاريخ اليمن، فيه شهد الوطن حريته بعد 129عاماً من الاحتلال البغيض.
تضحيات الجسام الاخ /وليد ناصر العماري قال: يمثل الثلاثون من نوفمبر يوما تاريخياً تتكرر وتتجسد فيه ذكرى غالية ذكرى الاستقلال من المستعمر البغيض، ودلالات هذا اليوم عظيمة جاءت بعد تضحيات جسيمة قدم فيها المئات من أبناء شعبنا دماءهم رخيصة وزكية لتحرير جزء غالٍ من هذا الوطن من براثن الاستعمار الذي ظل جاثماً لأكثر من قرن من الزمن وليس بغريب على شعب ذي تاريخ عريق وحضارات متعاقبة ان يلفظ المستعمر من على ترابه الغالي، ولذا فقد سطر ابناء اليمن من كل المحافظات ملحمة بطولية لقنت المستعمر دروساً مرة حتى حولت الأرض ناراً تحت أقدامه، ولم يتحقق ذلك إلا بالتضحيات الجسام والتلاحم بين ابناء الشعب قاطبة حتى المواطن العادي الذي تواجد في عدن ادرك واجبه ولم يتأخر عن مؤازرة الثورة والوقوف معها، ولذا فقد جاء الانتصار ورحل المستعمر مكرهاً من عدن تلك الجوهرة الغالية على قلب كل يمني وبهذه المناسبة علينا ان نقف احتراماً للأبطال الذين صنعوا هذا الحدث العظيم واجلالاً للشهداء الذين قدموا دماءهم وأرواحهم الغالية رخيصة لتحرير جزء من هذا الوطن.