أثبتت تجارب الحياة السياسية أن القوى التي لاتؤمن بالحياة الآمنة المطمئنة, ولاتقبل بالتعايش السلمي مع الآخرين, ولاتؤمن بمبدأ التداول السلمي للسلطة تظهر مضطربة وغير متفقة على رأي محدد مع الآخرين ولاتلتزم بما تقوله أو تطرحه أمام الرأي العام, وتلجأ عادة إلى طرح الشروط التعجيزية لتحقيق ما ترفعه من شعارات مع الآخرين, ظناً منها أن تلك الشروط التعجيزية لايمكن أن يقبل بها الطرف الآخر, وأن القبول بذلك من المستحيلات, وقد رأت اليمن هذا الاسلوب لدى القيادات المأزومة في الحزب الاشتراكي, واستطاعت أن تتجاوز مرحلة الاشتراطات التعجيزية وكانت تفاجئ المأزومين بالاستجابة لها دون قيد أو شرط, وقد حدث ذلك قبل إعادة لحمة الوطن وبعدها. إن أسلوب التعجيز وطرح الشروط الكيدية انتقل من القيادات المأزومة التي غادرت البلاد وبعد أن لفظها الشعب إلى قيادات داخل أحزاب المشترك, وورثت تلك القيادات المعتّقة والمتكلسة هذا الموروث الثقيل ولم تعد قادرة على التخلص من هذا الموروث الفاجر, وقد أخذت قيادات المشترك هذا الإرث العفن, دون أن تدرك إلى أين ذهب الاسلوب باصحابه, وكيف تعامل الشعب مع من يحاول تعكير صفو الحياة السياسية أو يتمرد على الارادة الكلية للشعب, ولم تتعظ تلك القيادات من الدروس التي قدمها الشعب لكل مأزوم وفاجر ومرتد. لقد بات من الضروري توضيح الحقائق واظهارها للشعب ليدرك أن المزايدين والمرتدين, لم يكونوا يؤمنون بالشعارات التي كانوا يرفعونها, وأن تلك الشروط التعجيرية لم تكن تعبر عن إيمانهم بها كأهداف استراتيجية وطنية يسعون إلى تحقيقها لجلب الخير العام لكافة أبناء الشعب , وإنما كانت مجرد شعارات يخادعون الشعب بها ولم يدركوا بأنهم انما كانوا يخدعون أنفسهم, لأن نتيجة خداعهم للشعب ومكرهم به قد حاق بهم وتركهم في مزبلة التاريخ. إن الذي يثير الحزن والأسف الشديدين أن بعض القيادات في أحزاب اللقاء المشترك لم تستفد من درس الشعب وتتخلص من ذلك الإرث الجاهلي الأعمى, ومازالت تمارس نفس الاسلوب, وتظن أن الشعب غافل عن مكرها وكيدها, ولم تدرك بعد أن الشعب أقوى من مكرهم وكيدهم، لانه يستمد قوته من الله سبحانه وتعالى وماضٍ في طريق الخير الوفير لكافة أبناء الشعب دون استثناء بإذن الله.