ذهبت بالأمس إلى المسجد لصلاة الجمعة وهي مناسبة أسبوعية لها أهميتها عند سائر المسلمين، وصلت إلى المسجد وما إن صعد الخطيب على المنبر وجدت نفسي وسائر المصلين أمام قناة فضائية يقرأ فيها الخطيب نشرة الأخبار بطريقته. الناس ملّوا من نشرات الأخبار والفضائيات التي تجلب أوجاع الرأس.. والمساجد هي الملاذ الوحيد لراحة النفس وهدوء الأعصاب من أخبار متضاربة وآراء متصارعة على كل شيء.. آراء تقدمها كل قناة بما يلائم القائمين عليها ومن يمولها،رلكن أن يتحول منبر المسجد إلى شاشة قناة إخبارية سياسية فهذا أمر غير معقول على الإطلاق، لقد تحول الخطيب إلى طرف في مشكلة يفترض أن يقف فيها موقفاً أكثر اتزاناً فلا يوجع رؤوس المصلين بآراء اعتاد أن يقدمها في برنامج على إحدى القنوات الخاصة التي أراد الخطيب أن يعكس وجهة نظر مالك القناة والحزب الذي يقف خلفه. لقد نسي الخطيب أو تناسى أن الفضائيات قد قالت وتقول أكثر مما يريد إيصاله عن أحداث مصر وغيرها . لم يستطع الرجل أن يفرق بين القناه التي يقدم فيها برنامجاً دينياً سياسياً وبين منبر جامع هائل سعيد بصنعاء .. الشعب المصري يدرك ما يريد وسيدرك بقية القصة لاحقاً فلا يتحول هؤلاء الخطباء إلى أوصياء على مواقف الشعوب ولا ضرورة لتوظيف الأدلة من الكتاب ومن السنة لصالح فكرة شخصية وحزبية، وثم إعمال النصوص القرآنية والأحاديث النبوية على ما يوافق فكرة سياسية . يدرك الناس أن عمر بن عبدالعزيز كان عادلاً وزاهداً في الدنيا وكانت له من السجايا والمزايا ما يفتقر إليها كل من جاء بعده ، ويدرك الناس أيضاً أن لا عمر سيأتي مثله، ولو علمنا أن له مثيلاً أو نصف أو أقل لهللنا جميعاً وكبرنا وذهبنا إليه ليتولى أمر المسلمين في مصر وفي سائر الأقطار العربية والإسلامية ، فلا داعي لتضليل الناس، ولعل الخطيب يدرك أن الذين يتحدث باسمهم في القناة الفضائية الخاصة والتي انعكس أداؤه فيها على منبر الجمعة ليتحدث من فوقه بلسان سياسي خالص، بما ينطوي على حديثه من دعوات للفوضى وتعبئة نفوس الحاضرين بمواقف سياسية ليست ضمن رسالة المنبر والمسجد.. لقد دعا الخطيب للمجاهدين على أرض مصر، ونسي كل المجاهدين في مشارق الأرض ومغاربها الذين لهم قضايا جهادية حقيقية فتلفت الناس من حولي ينظر بعضهم إلى بعض وكأنهم يتساءلون عن دعوات الخطيب هذه وما وراءها من دلالات، لم يبق سوى فتح باب التبرعات لصالح المجاهدين في ميدان التحرير بالقاهرة .. أنا أدرك جيداً أن لأولئك الناس مطالب حقوقية عادلة لا خلاف عليها، لكني أعرف أنهم لم يطلقوا على انفسهم مسمى المجاهدين لتبقى كلمة الجهاد تحمل دلالاتها الحقيقية مثلما كانت الدعوات من سابق بأن تبقى المساجد بعيدة عن المهاترات السياسية والقضايا الخاصة يحب أن تستمر في الوقت الراهن وليعلم الجميع بأن الصحف والفضائيات ووسائل الاتصالات والتواصلات الأخرى تؤدي كل المطلوب منها وزيادة في الجوانب السياسية وفي القضايا الخلافية فلسنا بحاجة لنشرات أخبار في منابر الجمعة ولسنا بحاجة لتحليلات سياسية ولا لترجمة كلمات الرئيس المصري أو غيره من على المنبر على ما يشاء الخطيب.