لا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك فساداً مستشرياً في كافة أجهزة الدولة، وإذا ما قال أحد إنه لا يوجد فساد فإنه بذلك يلعن نفسه لأنه لو لم يكن هناك فساد يستشري ويزداد يوماً بعد آخر لما تم تشكيل هيئة وطنية عليا لمكافحة الفساد.. ولا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك اختلالات وممارسات وسلوكيات خاطئة يعاني جراءها المواطنون في الكثير من المرافق المرتبطة بصورة مباشرة بقضايا الناس وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية والنيابات والمحاكم، فهذه الجهات هي المعنية بتوفير الأمن وتحقيق العدل وحماية الحقوق والحريات العامة والشخصية، يلي ذلك بقية مرافق الدولة بمختلف مسمياتها ومكوناتها وفي مقدمتها قطاع التربية والتعليم العام والعالي. السكوت وغض الطرف وأساليب المهادنة مع الفساد والمفسدين والاختلالات والمخلّين ستكون عواقبها كارثية على الوطن والشعب، ولذلك فلابد من التنفيذ الدقيق لتوجيهات فخامة الأخ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية بتحريك ملفات الفاسدين سواء كانوا وزراء أم مسئولين سابقين أو حاليين أو موظفين أو أشخاصاً متورطين في قضايا الفساد المالي والإداري مهما كانوا ومهما كانت مواقعهم وفي مقدمتهم أولئك الذين يدّعون الطهارة والنزاهة كذباً وزوراً وهم غارقون في الفساد من أخمص أقدامهم حتى قمة رؤوسهم. المواطن ينتظر إجراءات ملموسة في الواقع، وعلى الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ونيابة ومحكمة الأموال العامة نشر ملفات الفساد عبر الصحافة الرسمية وحتى الأهلية والحزبية كون ذلك سيمثل رادعاً قوياً لمن يحاول العبث بالمال العام. القضاء على الفساد والاختلالات القائمة لم يعد مجرد أمنيات وآمال وطموحات، فلم يعد هناك مجال لأن نتمنى ونأمل ونطمح أن يتم إنهاء الفساد والاختلالات وإنما أصبح ذلك ضرورة وطنية ومطلباً شعبياً ملحاً كون الأمر في غاية كبيرة من الأهمية باعتباره يتعلق بمصير ومستقبل الوطن والأجيال. أجزم أن الإصلاح الشامل يبدأ من قطاع التربية والتعليم ابتداءً من المعلم والإدارة المدرسية والموجّه وإدارات التربية في المديريات والمحافظات، فإذا صلح هذا الجهاز صلح المجتمع كله، ثم يأتي بعد ذلك قطاع الأمن والشرطة والقضاء، فلابد من إعادة النظر في وضع إدارات أمن المديريات وأقسام الشرطة والمباحث الجنائية والمرور من حيث الكادر والإمكانات وبما يتلاءم مع طبيعة المهام المناطة بهذه الجهات كونها غير مرتبطة بدوام رسمي. قيل إن هناك إجراءات تصحيحية ستشمل كافة المرافق الأمنية والشرطوية وفقاً للتقارير التي ترفع يومياً عن أداء المسئولين والعاملين وبصورة سرية عن طريق عناصر تم اختيارها بعناية فائقة لهذه المهمة الوطنية، ومن التوجهات التصحيحية للقضاء على الفساد والاختلالات القائمة في هذه الأجهزة إجراء تغيير جذري وشامل لكافة القيادات التي ثبت عدم قدرتها على إصلاح نفسها بقيادات شابة من متخرجي كلية الشرطة «الدفع الجديدة». نتمنى أن يكون للمواطن دور في عملية القضاء على الفساد والاختلالات من خلال الإبلاغ عن أية حالة فساد أو اختلالات في أي مرفق إلى النيابة العامة وهيئة مكافحة الفساد.. ونتمنى أن يتم وضع صناديق خاصة لآراء وملاحظات وشكاوى المواطنين في النيابات والمحاكم والأجهزة الأمنية والمجالس المحلية.