نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس الحمدي حركة التصيح المالي والإداري الحلقة العاشرة
نشر في الوحدوي يوم 30 - 09 - 2012

سابعا: حركة التصحيح المالي والإداري
من التحديات الكبيرة التي واجهت حركة 13يونيو التصحيحية 1974م وقيادتها كان تحدي مواجهة الفساد المالي والإداري الذي كان مستشريا- بكل قيمه وتفرعاته- كالسرطان في كل أجهزة الدولة المركزية والمحلية.
ومن المفيد قبل الدخول في تناول تجربة حركة التصحيح أن نبداء بمقدمة تتضمن تعريف الفساد وماهيته والمخاطر التي يخلفها وتؤثر في كل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والقيم.
من ضمن التعريفات العديدة – المتفقة بالجوهر- تعريف البنك الدولي للأنشطة التي تندرج تحت تعريف الفساد والذي حددها بالتالي:
(( إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص، فالفساد يحدث عادة عندما يقوم موظف بقبول أوطلب أو ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمناقصة عامة، كما يتم عندما يقوم وكلاء أو وسطاء لشركات أو أعمال خاصة بتقديم رشاوى للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسين، وتحقيق أرباح خارج إطار القوانين المرعية، كما يمكن للفساد أن يحدث عن طريق استغلال الوظيفة العامة دون اللجؤ إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب أو سرقة أموال الدولة مباشرة)).
أما اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الصادرة في عام 2003م قد حددت الأعمال التي تعتبر جرائم فساد كالتالي:
(( 1- الرشوة بجميع وجوهها وفي القطاعين العام والخاص.
2- الإختلاس في القطاعين العام والخاص.
3- المتاجرة بالنفوذ (يعني نفوذ السلطة).
4- إساءة استغلال الوظيفة.
5- الإثراء غير المشروع.
6- غسل العائدات الإجرامية.
7- إخفاء الممتلكات المتأتية عن جرائم فساد.
8- إعاقة سير العدالة في مايتعلق بهذه الجرائم.
9- أفعال المشاركة أو الشروع بكل ماسبق ذكره)).
أما الدكتور محمود عبد الفضيل الاقتصادي والمفكر العربي فقد أضاف تفاصيل لاقتصاد الفساد في الوطن العربي وحصرها بالتالي:
((1- تخصيص الأراضي : من خلال قرارات إدارية علوية تأخذ شكل "العطايا" لتستخدم فيما بعد في المضاربات العقارية وتكوين الثروات.
2- إعادة تدوير أموال المعونات الأجنبية للجيوب الخاصة.
3- قروض المجاملة التي تمنحها المصارف من دون ضمانات جدية لكبار رجال الأعمال المتصلين بمراكز النفوذ.
4- عمولات عقود البنية التحتية وصفقات السلاح.
5- العمولات والأتاوات التي يتم الحصول عليها بحكم المنصب أو الاتجار بالوظيفة العامة (ريع المنصب) .))(1) الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية – مركز دراسات الوحدة العربية – الطبعة الأولى 2004م ص 81-84
وكان الكتور محمود عبد الفضيل أفضل من قدم بلورة واضحة وواقعية لمخاطر الفساد وتعبر عن واقعنا المعاش قبل حركة 13يونيو واليوم نقتبس منها مايلي:
((.. لعل أخطر ماينتج عن ممارسات الفساد والإفساد هو ذلك الخلل الجسيم الذي يصيب أخلاقيات العمل وقيم المجتمع ، مما يؤدي إلى شيوع حالة ذهنية لدى الأفراد تبرر الفساد وتجد له من الذرائع مايبرر استمراره ، ويساعد في اتساع نطاق مفعوله في الحياة اليومية،إذ نلاحظ أن الرشوة والعمولة والسمسرة أخذت تشكل تدريجيا مقومات نظام الحوافز الجديد في المعاملات اليومية الذي لايجاريه نظام آخر.
وفي غمار هذا كله يفقد القانون هيبته في المجتمع، لأن المفسدين يملكون تعطيل القانون، وقتل القرارات التنظيمية في المهد، وعندما يتأكد للمواطن العادي المرة تلو المرة أن القانون في سبات عميق، وأن الجزاءات واللوائح لاتطبق ضد المخالفات الصريحة والصارخة لأمن المجتمع الاقتصادي والاجتماعي، فلابد للمواطن العادي من أن يفقد ثقته في هيبة القانون في المجتمع وسلطانه، وتصبح مخالفة القانون هي الأصل واحترام القانون هو الاستثناء، وهكذا عندما تضيع الحدود الفاصلة بين المال العام والمال الخاص، ويتم الخلط المتعمد بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة تنهار كل الضوابط التي تحمي مسيرة المجتمع من الفساد، وتتأكل كل القيم والمثل التي تعلي من شأن الصالح العام.
إن الآثار المدمرة للفساد ليست مجرد قضية أخلاقية، بل لها تكلفتها الاقتصادية والاجتماعية الباهضة)).
ويتفق خبراء الاقتصاد ورجال السياسة على الوسائل الرئيسة لمكافحة الفساد أهمها:
1- توسيع رقعة الديمقراطية والمساءلة.
2- الإصلاح المالي والإداري.
3- إصلاح هيكل الأجور والمرتبات.
4- الرقابة الشعبية المنظمة.
بعد هذه المقدمة الضرورية عن الفساد نأتي في ضؤها لتناول وتقيم تجربة حركة 13يونيو التصحيحية بقيادة الرئيس المقدم ابراهيم الحمدي في التصيح ومواجهة الفساد وسنجد أنه كان سباقا في إيجاد الحلول العملية والناجحة لمكافحة الفساد التي لم تتبلور بشكل واضح في العالم إلا في بداية الألفية الثالثة.
فلسفة الرئيس الحمدي للتصحيح:
((.. انا انتظر التصحيح والاصلاح بمن؟ تجريب المجرب خطاء .. والتصحيح بالملوثين خطاء مرتين، لكن الاصلاح لايمكن أن يأتي إلا بأدوات نظيفة، لايمكن أن تقتل الميكروب والأيدي التي تقتله ملوثه، لابد من أن يكون الهدف أو الغاية والوسيلة بنفس المستوى للسمو بالهدف، لايمكن أن تكون الغاية نبيلة والوسيلة سيئة ودنئية، هذا تعارض تماما ولابد للغاية النبيلة من وسيلة نبيلة وشريفة، ولابد للطموح العادل والشريف من طريق شريف وعادل، ولابد لمن يدعوا الآخرين إلى شئ أن يبدأ بنفسه، وهذا مانطلبه بأن كل فرد يبدأ بنفسه.)) (2) خطاب الرئيس الحمدي في جامعة صنعاء يوم 4 مارس 1975م منشور في كتيب: أهم خطابات القائد الحمدي واتجاه حركة 13يونيو ، سلسلة وثائق يمنية صادرة عن وزارة الإعلام ، طباعة الشركة اليمنية للطباعة والنشر- صنعاء ابريل 1975م
الخطوات والإجراءات التي اتخذها:
أ- في اليوم الثاني لقيام الحركة الجمعة 14 يونيو 1974م أصدر مجلس القيادة عدد من القرارات الهامة ذات علاقة بتحقيق الاستقرار ومكافحة الفساد بصورة مباشرة وغير مباشرة وهي كالتالي :
1- قرار مجلس القيادة رقم (9) لسنة 1974م بزيادة مرتبات أفراد القوات المسلحة والأمن .
2- قرار مجلس القيادة رقم (10) لسنة 1974م بتنفيذ الكادر الخاص بضباط القوات المسلحة والأمن والمهنيين والفنيين من رتبة ملازم ثاني إلى رتبة عقيد.
3- قرار مجلس القيادة رقم (11) لسنة 1974م بإنشاء إدارة خاصة بأسر الشهداء والمشوهين والمتكونين .
4- قرار مجلس القيادة رقم (13) لسنة 1974م بإحياء مشروع قرارات التصحيح للقوات المسلحة .
5- قرار مجلس القيادة رقم (14) لسنة 1974م بتشكيل لجان في جميع محافظات الجمهورية للنظر في قضايا المسجونين وإطلاق من ثبت براءتهم فوراً .
6- قرار مجلس القيادة رقم (5) لسنة 1974م بزيادة مرتبات موظفي الدولة المدنين.
ثم تلى ذلك بفترة وجيزة قيام الرئيس ابراهيم الحمدي بإنشاء الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والنيابةالإدارية، والمحاكم المتخصصة، والنيابة العامة، وإصدار التشريعات القضائية.
ب - اللجنة العليا للتصيح المالي والإداري ومكافحة الفساد المالي والإداري:
المرحلة الأولى:

في 28/7/1974م صدر قرار مجلس القيادة رقم (68) لسنة 1974م بتشكيل لجنة عليا لمتابعة تنفيذ قرارات التصحيح، والقرارات المقصوده في هذا القرار وثيقة قرارات التصحيح للقوات المسلحة في سبتمبر1971م ، وبدأت بتنفيذ خطوات التصحيح في إطار القوات المسلحة، وقد نص القرار على مايلي:
مادة (1) – تشكل لجنة عليا لمتابعة تنفيذ قرارات التصحيح على النحو الآتي:
المقدم حمود بيدر عضو مجلس القيادة رئيسا
المقدم يحي مصلح مهدي عضوا
النقيب علي محمد العلفي عضوا
السيد سعيد محمد الحكيمي عضوا
السيد محمد الربادي عضوا
السيد سعيد محسن عضوا
السيد احمد يحي الكبسي عضوا
السيد احمد شجاع الدين عضوا
السيد عبد السلام العنسي عضوا
السيد محمد المطاع عضوا
مادة (2) – تتولى اللجنة متابعة تنفيذ قرارات التصيح بمختلف الجهزة والمحافظات والقضوات وكل المناطق.
مادة (3)- ترتبط نشاطات وأعمال اللجنة برئيس مجلس القيادة ورئيس مجلس الوزراء.
المرحلة الثانية:
في 3/10/1975م تم إنشاء اللجنة العليا للتصحيح المالي والإداري،
ومن ضمن ماورد في مقدمة القرار للرئيس ابراهيم الحمدي مايلي:
((... فقد توصلت مع زملائي أعضاء مجلس القيادة والحكومة إلى اقتناع راسخ بأن أي عمل كبير كالتصحيح المالي والإداري لايمكن أن يكتب له النجاح مالم يشارك فيه كل المواطنين ويتحملون مسئوليته، اما أذا ظلت الدولة هي المسئولة عن ذلك فستظل غير قادرة على تحقيق هذا المطلب الشعبي، كمااننا لانرضى ان نظل نقدم لكم الوعود والاماني ونصدر القرارات بعد القرارات باسم التصحيح المالي والإداري، لتمضي الأيام تلو الأيام ونحن لم نحقق نتائج تذكر.
لذلك فقد رأينا ان ينتقل التصحيح من دور الكلام إلى دور العمل الفعلي وإصدار الآتي:
تعيين لجنة عليا للتصحيح المالي والإداري تتحمل مهمة ومسئولية التصحيح المالي والإداري في كافة اجهزة الدولة ومؤسساتها العامة والمختلطة، ومحاربة الظلم والفساد والأخطاء اينما وجدت.
اشراك ابناء الشعب في الرقابة ومسئولية التعاون والاشراف المباشر عن طريق تشكيل لجان في المدن والارياف وتكون فروعا للجنة العليا.
تنتقل مسئولية التصحيح المالي والإداري من السلطة الرسمية الى السلطة الشعبية تحت اشراف وتوجيه اللجنة العليا)). (3) الجزء الثاني من السلسلة الوثائقية الثقافية (أضواء على طريق التصحيح) الصادرة عن الأمانة العامة للجنة العليا للتصحيح في يونيو 1977م –مطابع وزارة التربية والتعليم ص 9-11 . وثيقة رقم (8)
وحيث إن تجربة التصيح المالي والإداري التي قادها الشهيد/الرئيس ابراهيم الحمدي تعتبر من انصع صفحات تاريخ اليمن في المشاركة الشعبية بالإصلاح المالي والإداري ومكافحة الفساد والتخطيط والتنمية، ولأهمية أن يكون الجيل الجديد الذين لم يعاصروا هذه التجربة على إطلاع كامل بتفاصيلها سنعرض نبذة عن حركة التصحيح بحسب ماورد في الوثيقة الثانية من السلسلة الوثائقية والثقافية التي اصدرتها الأمانة العامة للجنة العليا للتصحيح (أضواء على طريق التصحيح) في يونيو1977م مطابع وزارة التربية والتعليم ص41-47 وذلك في الآتي:

نشوء فكرة التصحيح ومراحل تطورها في البلاد
نشأت فكرة التصحيح ولأول مرة في بلادنا منذ سنوات عدة في أذهان المخلصين من أبناء الشعب في القطاعين المدني والعسكري الذين هالتهم حالة التدهور المستمر في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية السياسية للبلاد ، بفعل الفوضى والفساد المالي والإداري الذي استشرى في كل مرفق من مرافق الحياة .. ومنذ نحو عامين على مولد حركة الثالث عشر من يونيو التصحيحية تبلورت فكرة التصحيح في البيان الشهير المتضمن مطالب القوات المسلحة والتي تركزت في مجموعها على تصحيح الأوضاع المالية والاقتصادية والإدارية والسياسية للبلاد .. لكن السلطات العليا في الدولة آنذاك لم يكن في مقدورها أن تفعل شيئاً لانتشال البلاد من وهدة الفساد التي دفعت إليها ، وذلك أمر طبيعي لكون تلك السلطات جزءاً لا يتجزأ من تلك الأوضاع الفاسدة التي طالب (بيان القوات المسلحة) بتصحيحها ، ومن ثم فقد وجدت القوات المسلحة نفسها أمام اختيارين لا ثالث لهما ، فإما أن تقف موقف المتفرج من استمرار التدهور المريع للأوضاع المالية والاقتصادية والإدارية والسياسية للبلاد مكتفية بإعلان مطالبها التي تضمنها (البيان) الشهير المشار إليه ، وإما أن تواجه مسئولياتها بشجاعة وتقبل بتسلم قيادة البلاد لتوقف ذلك التدهور الرهيب الذي لا بد وأن يؤدي بالبلاد إلى كارثة مروعة لا يعلم إلا الله مداها ، ومن البديهي أن ترفض القيادة الوطنية المخلصة لحركة القوات المسلحة بقيادة الشاب الوطني المكافح / ابراهيم الحمدي الاختيار الأول ، وتقبل بشجاعة وتفان بالاختيار الثاني . وهكذا تفجرت حركة الثالث عشر من يونيو التصحيحية المجيدة عام 1974م ، ووجدت من ثم – فكرة التصحيح طريقها إلى التطبيق العملي ، حيث تم التركيز منذ البداية على تصحيح أوضاع القوات المسلحة بالدرجة الأولى .. بحكم كونها درع البلاد الواقي ، وحامية مكاسب الشعب .
وفي 3 أكتوبر عام 1975م صدر قرار مجلس القيادة رقم -128- بإنشاء وتشكيل اللجنة العليا للتصحيح واللجان الأساسية والفرعية التابعة لها لتكون إدارة الرقابة الشعبية في البلاد وإدارة التصحيح.
دوافع نشوء فكرة التصحيح
لقد نشأت فكرة التصحيح في الجمهورية العربية اليمنية بدافع عمق إدراك القيادة السياسية للبلاد وعلى رأسها الرئيس والقائد / ابراهيم الحمدي لإبعاد المشكلات التي يعاني شعبنا من وطأتها في كل مجالات الحياة المالية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية .. والتي تشكل في مجموعها قيداً يكبل حركته ويعيق انطلاقته في مضمار التطور والتقدم وتكمن أسباب تلك المشكلات في آثار التخلف الذي فرضته عهود الإمامة الفاسدة على شعبنا وبلادنا لقرون عديدة من الزمن ، وفي مخلفات فترة ما بعد الثورة السابقة على حركة الثالث عشر من يونيو التصحيحية المجيدة من فساد مالي وإداري استشرت جرثومته في مختلف أجهزة الدولة ومرافقها وعلى كل المستويات ، مما يجعل استئصال جذوره مسئولية شاقة وجسيمه يتطلب انجازها تلاحم كل الطاقات والقدرات والجهود لكل أبناء الشعب المخلصين على كل المستويات .. ومن هنا تأتي أهمية المشاركة الشعبية في القضاء على ركام التخلف واستئصال جرثومة الفساد المالي والإداري .. ممثلة في لجان التصحيح الأساسية والفرعية بقيادة اللجنة العليا للتصحيح كأداة للرقابة الشعبية على مختلف أجهزة الدولة التنفيذية ولا شك أن وجود الرقابة الشعبية يمثل الضمانة الأكيدة للقضاء على كل أسباب الفساد المالي والإداري من جهة ، ولدفع عجلة التنمية والتطوير إلى الأمام بخطوات أوسع . ليس هذا وحسب ، بل أن العمل الشعبي المتمثل في حركة لجان التصحيح يمكن لطلائع الشعب الواعية من المشاركة في توجيه شئون البلاد وسياسة الدولة الوجهة الصحيحة بما يتفق وأماني الشعب وطموحاته ومصالحه العليا ، ويضع حداً لما عللناه شعبنا طوال الاثني عشر عاماً السابقة على حركة يونيو التصحيحية المجيدة من تحكم وتسلط الفرد والشللية وتجمعات القوى المتخلفة بمصائر البلاد ومقدراتها .. ذلك لأن تنظيم لجان التصحيح قد جاء لسد الفراغ الذي مكن لتلك القوى المتخلفة في الماضي من فرض سيطرتها على كل مراكز السلطة في البلاد .
البناء التنظيمي للجان التصحيح
يأخذ البناء التنظيمي للجان التصحيح شكلاً هرمياً قمته (اللجنة العليا للتصحيح) ووسطه (اللجان الأساسية) وقاعدته (اللجان الفرعية) .
أولاً اللجنة العليا للتصحيح :
يرأسها ( الأمين العام للجنة العليا للتصحيح ) ، ويقضي النظام الساري حالياً بتعيين أعضائها بقرار من مجلس القيادة , وكذا ( أمينها العام ) يتم تعينه بقرار من مجلس القيادة ، ويساعده ( الأمين العام المساعد ) ويتم اختياره لهذا الغرض من قبل (اللجنة العليا) وتجتمع أسبوعياً .
ثانياً : اللجان الأساسية للتصحيح :
وهي نوعان :
اللجان الأساسية للتصحيح بالأجهزة الإدارية الرئيسية للدولة .
اللجان الأساسية للتصحيح بعواصم المحافظات .. لجنة أساسية لكل محافظة .
ويرأس كل لجنة أساسية أحد أعضاء اللجنة العليا ، ويتم ترشيح أعضاء اللجنة الأساسية وإقرار عضويتهم من قبل اللجنة العليا ، وتتكون كل لجنة أساسية من عدد من الأعضاء يتراوح عددهم بين 7 ، 9 أعضاء ينتخبون من بينهم نائباً للرئيس تكون مهمته رئاسة اجتماعات اللجنة والتوقيع على مراسلاتها ، ومقرراً تكون مهمته تدوين محضر جلسات اللجنة وتنظيم سكرتارية للجنة وأرشيف لحفظ مستنداتها ومراسلاتها ، وتجتمع اجتماعاً واحداً على الأقل كل أسبوع ، وترفع التقارير عن أعمالها إلى اللجنة العليا مباشرة أو عن طريق رئيسها .
ثالثاً : اللجان الفرعية للتصحيح :
وهي نوعان :
اللجان الفرعية بفروع الأجهزة الإدارية للدولة في العاصمة وفي عواصم المحافظات .
اللجان الفرعية للتصحيح بكل ناحية من نواحي المحافظات .
ويرأس كل لجنة فرعية أ حد أعضاء اللجنة الأساسية التي تتبعها اللجنة الفرعية ويتم ترشيح أعضاء اللجنة الفرعية من قبل اللجنة الأساسية التي تتبعها اللجنة الفرعية تلك، ولا تتم لهم صفة العضوية إلا بعد إقرار تلك الترشيحات من قبل اللجنة العليا ، وتتكون كل لجنة فرعية من عدد من الأعضاء يتراوح عددهم بين 3 ، 5 أعضاء ينتخبون من بينهم نائباً للرئيس ، ومقررا توكل اليهما نفس المهام المناطة بمثليهما في اللجنة الأساسية ، وتجتمع اللجنة الفرعية اجتماعاً واحداً على الأقل كل أسبوع ، وترفع التقارير عن أعمالها إلى اللجنة الأساسية المتفرعة عنها .
المقاييس والاشتراطات المطلوب توفرها في المرشح لعضوية اللجان:
هناك مقاييس واشتراطات مطلوب توفرها في المرشح لعضوية اللجان الأساسية أو الفرعية للتصحيح بدونها لا يمكن منحه صفة العضوية في لجان التصحيح ، وتتحدد تكلف المقاييس والاشتراطات في نصوص الفقرات ( أ ، ب ، ج ، د ، ه ، و ، ز ) من المادة (37) من الفصل الأول ثم الباب الثاني من ( اللائحة الداخلية لتنظيم لجان التصحيح ) .
المهام الأساسية للجان التصحيح :
في مقدمة المهام الأساسية للجان التصحيح تقع المهام الرقابية لهذه اللجان على سير العمل في الأجهزة التنفيذية للدولة على مختلف المستويات .
فهي إن صح التعبير عين الشعب الساهرة على الحفاظ على أموال الدولة وصيانتها من أي عبث أو استهتار ، والعمل على استئصال الفساد المالي والإداري أينما وحيثما كان . وتوضح مهام لجان التصحيح بصورة شاملة في ديباجة اللائحة الداخلية لتنظيم لجان التصحيح وفي نصوص المواد ( 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 6 ) من ( الفصل الأول ) من ( الباب الأول منها ) . كما تتحدد أساليب عمل اللجان في أداء مهامها في ( خطة العمل الموحد للجان التصحيح ) . ويمكن إيجاز تلك المهام في الآتي :
دراسة مجموعة القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة المتعلقة بالجهاز الإداري إن وجدت مع إجراء مقارنة بينها وبين مثيلاتها في البلاد العربية ، وبما يتلائم مع واقع البلاد المعاش وحاجة العمل والإمكانيات البشرية المساهمة مع كل العناصر الوطنية في حماية مكسب ثورة 26 سبتمبر وحركة 13 يونيو بالتعاون مع كل العناصر الوطنية الشريفة .
إتاحة كل الفرص لكل مخلص وطني أن يساهم في خدمة بلاده من خلال العمل بالتصحيح كعنصر عامل أو نصير للتصحيح .
اكتشاف العناصر الوطنية الشريفة والنزيهة ، وبالتالي تتاح لها الفرص التي تتفق وقدراتها واخلاصها.
إذا لم توجد أنظمة ولوائح لضبط أنشطة الأجهزة المالية والإدارية على اللجنة أن تقوم بإعداد مشروعات بتلك الأنظمة واللوائح الضرورية لسير تلك أعمال الأجهزة مستعينة بمن تحتاج إلى الاسترشاد برأيهم من الخبراء المحليين أو غير المحليين .

ممارسة الرقابة على سير الأعمال اليومية للجهاز الإداري وضبط المخالفات .
الآثار الإيجابية الناتجة عن تجربة التصحيح
خلال الفترة القصيرة الماضية من عمرها
لا شك أن عملية التصحيح في بلادنا قد تركت آثاراً إيجابية واضحة على مختلف جوانب واقع البلاد المالي والإداري والاقتصادي والاجتماعي على الرغم من حداثة عهدها ، ويمكن إيجاز بعض من تلك الآثار الإيجابية في الآتي :
أولاً : أدى التطبيق العملي لفكرة التصحيح في بلادنا منذ اليوم الأول لميلاد حركة الثالث عشر من يونيو التصحيحية المجيدة بقيادة زعيم البلاد وقائد الشعب الرئيس الحمدي .. أدى إلى القضاء نهائياً على شرعية الفساد المالي والإداري والتي كانت سائدة قبل الحركة وأصبحت عيون الشعب المتمثلة في رجال التصحيح ترقب عن كثب كل من تسول له نفسه العبث أو الاستهتار بمقدرات البلاد منذ صدور قرار مجلس القيادة بإنشاء وتشكيل اللجنة العليا للتصحيح واللجان الأساسية والفرعية في 3 أكتوبر عام 1975م ، وما لحقه من قرارات تستهدف ترسيخ سلطات التصحيح ، وأهم تلك القرارات القرار القاضي بتبعية الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والنيابة الإدارية والمحكمة التأديبية للجنة العليا للتصحيح .
ثانياً : بدأ الأداء يتحسن بصورة واضحة ومطردة في العديد من الأجهزة التنفيذية للدولة ، وأصدق مثال على ذلك أجهزة الإيرادات التي بدأت تحقق ارتفاعاً ملموساً ومتزايداً في الإيرادات .
ثالثاً : أصبح بإمكان الشعب ممثلاً بطلائعه ( رجال التصحيح ) أن يقول كلمته دون خوف أو تردد في كل من يعبث أو يستهتر بأموال الدولة ، أو يتوانى في أداء واجبه ، ولا فرق في ذلك بين موظف أدنى درجات السلم الوظيفي ، وبين مسئول في أعلى مستويات المسئولية في الدولة .
رابعاً : لم تعد المراكز الوظيفية في الدولة على مختلف المستويات حكراً على مجموعة أو فئة معنية أو أشخاص معنيين ، وإنما أصبح شعار ( الإنسان المناسب في المكان المناسب ) يأخذ طريقه تدريجياً ليصبح حقيقة ملموسة .
خامساً : تم تصحيح أوضاع العديد من أجهزة الدولة تصحيحاً شاملاً نظماً وأشخاصا من قبل اللجان المكلفة بتصحيح هذه الأجهزة والعمل جار بدأب لتصحيح الأجهزة الأخرى من قبل لجان التصحيح في هذه الأجهزة .
سادساً : هناك عشرات من قضايا العبث والاستهتار بالمال العام ، والاختلاس والإهمال ضبطت من قبل لجان التصحيح وأحيلت إلى القضاء الإداري ليقول كلمته العادلة في المتسببين فيها ، وهكذا لم تعد أموال الشعب في عهد التصحيح عرضة للعبث دون حسيب أو رقيب ولا زالت عملية ضبط المخالفات المالية والإدارية من قبل رجال التصحيح مستمرة وستبقى كذلك ، حتى يتم لهم تطهير أجهزة الدولة وإداراتها نهائياً من كل العابثين ومظاهر العبث .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.