بادرت منظمات المجتمع المدني في مؤتمرها التأسيسي المنعقد في 20 فبراير الجاري بتقديم حزمة من المقترحات والإجراءات في بيانها الختامي في مؤتمرها التنسيقي، وهي بدائل ومقترحات ذات أهمية وتستحق الوقوف عليها باهتمام، باتجاه عبور الأزمة الراهنة والمشاركة الإيجابية في البحث عن حلول تجنب المجتمع المخاطر المحتملة وتجسد الحكمة اليمانية والمبادرة الشعبية في تقديم البدائل والحلول. ولأهمية ما صدر في البيان الختامي وهي توصيات لم تقرأها الأطراف بما، يستحق من الاهتمام، سأستعرض أهمها وهي - في تصوري - جوهرية وتشكل خارطة طريق وتعبير عن المسؤولية الوطنية وعن المصلحة العليا للوطن، وهي ذات شقين سياسي ومطلبي ويمكن تقسيمها على النحو التالي : - على المستوى السياسي : أهمية التفاعل الإيجابي مع مبادرة الرئيس بكل أبعادها الإصلاحية والإجرائية والاستئناف الفوري للحوار بين كافة أطراف العمل السياسي حماية للبلاد من الوقوع في الفتنة وحفاظا على المصلحة الوطنية العليا بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية تشرف على تنفيذ وإنجاز ومراقبة ما يتفق عليه وتشرف على الانتخابات النيابية القادمة. الحوار المباشر مع منظمات المجتمع المدني وكافة فئات المجتمع وبالذات فئة الشباب والطلاب للوقوف على حاجات المجتمع ومشاكله ورؤاه للخروج برؤية وطنية حول الأولويات التي من شأنها نزع فتيل الفتنة والأزمة القائمة، بما يراعي الخصوصيات اليمنية، ويتجاوز الإسقاطات الخاطئة لأحداث الخارج. دعوة كل الأطراف إلى إيقاف المسيرات والمظاهرات والحملات الإعلامية والمناكفات السياسية ودعاوى التحريض والعنف والكف عن التأليب المناطقي، والشعارات الخارجة عن القانون التي تشوه العمل الديمقراطي وتشجع على الفوضى وتقوض الوحدة الوطنية. التزام كل الأطراف بقواعد حقوق الإنسان وضمان التعبير السلمي عن الآراء وحماية دماء اليمنيين وأعراضهم وممتلكاتهم، واتخاذ إجراءات صارمة وتحقيقات عادلة بشأن التجاوزات التي حدثت في بعض المحافظات. تمسك كل الأطراف الاجتماعية بالثوابت والمكتسبات الوطنية ومن ذلك : حماية الثورة والنظام الجمهوري والحفاظ على قيمهما ومنجزاتهما ،والحفاظ على الوحدة الوطنية وحمايتها وتعزيز السلام الاجتماعي ، والحفاظ على المكتسبات والمنجزات التنموية، وإيقاف التخريب والاعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة وتهديد السلم الاجتماعي. التمسك بالمؤسسات والمرجعيات الديمقراطية والحفاظ على النهج الديمقراطي كخيار حضاري للتداول السلمي للسلطة، ورفض خيارات الفوضى والتحريض والتخريب والعنف وخيارات الانقلاب على الشرعية الدستورية والقانونية. - على المستوى المعيشي والإداري: مطالبة الحكومة بالإسراع في تنفيذ توجيهات وقرارات فخامة الأخ الرئيس فيما يتعلق بتنفيذ المرحلة الثالثة من استراتيجية الأجور والمرتبات ومنح العلاوات لكافة موظفي الدولة ، وتنفيذ برنامج الضمان الاجتماعي وصندوق دعم الخريجين، وتوفير فرص عمل عاجلة في القطاعين العام والخاص. اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة الفساد، وتنفيذ القانون في القضايا المنظورة أمام القضاء والهيئات ذات العلاقة، ووفقاً لتقارير الأجهزة الرقابية وإيقاف الظواهر الإدارية السلبية وخاصة في المرافق التي لها علاقة بالخدمات المباشرة واليومية للمواطنين. التأكيد على أهمية الإصلاح الإداري والمالي وتعزيز الشفافية والرقابة وتجفيف منابع الفساد وتحسين الأداء في الأجهزة والمؤسسات العامة وتقييم أداء أجهزة السلطة المركزية والمحلية وتصحيح الاختلالات المالية والإدارية وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب. حاولت تقديم الاختصار الممكن لهذه التوصيات الهامة التي تشخص المشكلة وتقدم حلولاً عاجلة تنطلق من الثوابت والمصالح الوطنية برؤية متزنة وموقف غير منشغل بمكاسب أو أحلام غير نظيفة تحلم بها بعض الأطراف السياسية على أنقاض الوطن ،هذا الوطن الذي استهلكه الخلاف السياسي والأزمات المتعاقبة وأحداث العنف والحيز المحدود لحالات الاستقرار منذ الثورة وحتى الآن ليشكل الرهان على الخيار الديمقراطي، جوهر الاستقرار وأقل الخسائر والأثمان والطريق الآمن إلى المستقبل المنشود. إنها أفكار جوهرية تستحق التعاطي المسؤول معها من كافة أطراف المجتمع السياسية والشبابية والمدنية، سعياً إلى كبح البلاد من الانزلاق إلى الفتنة والفتن ينقصها كثير من العقلانية وتشحنها العاطفة الثأرية التي تنقصها الحكمة والعدالة والاتزان. [email protected]