أوقاف عدن يُعرب عن بالغ استنكاره لاقتحام مسجد عمر ويؤكد أنه انتهاك خطير وترهيب للمصلين    اللجنة الوطنية تشدد على الوقف الفوري لجرائم التعذيب وتدعو لمحاسبة مرتكبيها    القائم بأعمال رئيس هيئة مكافحة الفساد يهنئ القيادة الثورية والسياسية بالعام الهجري الجديد    السيد القائد يبارك لإيران انتصارها العظيم ويهنئ الأمة بالعام الهجري الجديد    مقتل 29 تلميذا في افريقيا الوسطى    صنعاء .. اشتباكات مسلحة في خولان والضحايا من الوسطاء    اليمن وثمن اللاحرب واللاسلم .. خذو العبرة من حرب ال12 يوم..!!    اعتراف صهيوني : اليمنيون هم القوة الوحيدة القادرة على الصمود ومواصلة الحرب    الارصاد يتوقع استمرار هطول الامطار الرعدية على المرتفعات    واتساب WhatsApp يحصل على 8 ميزات جديدة هذا الأسبوع على أندرويد و iOS.. إليكم قائمة الميزات    الإنتر ينهي مغامرة ريفر بليت    محكمة تُديّن اتحاد القدم بالاحتيال    الإفلاس.. شبح حطم أندية ليون وبارما وبوردو    صفقة جديدة تثير الجدل في ليفربول.. ومخاوف من التأثير على دور محمد صلاح    راتب ميسي يفوق سقف 21 فريقا بالدوري الأمريكي20 مليونا و446 ألفا و667 دولار    باقزقوز لسلطة صنعاء: تحصين الجبهة الداخلية بانصاف المظلومين ومحاسبة الفاسدين    الدولار يسجل مستويات متدنية وسط مخاوف أمريكية    شرطة تعز تلقي القبض على متهم بارتكاب جريمة قتل في مديرية مقبنة    استبصار وقراءة في سردية احمد سيف حاشد الجزء الثاني (فضاء لايتسع لطائر)    زينة: «ورد وشوكلاته» يكشف مشاكل الشخصيات    كازاخستان.. اكتشاف قطع أثرية تعود لعصر قبيلة الساكا    من الماء الدافئ إلى دعامة الركبة.. دراسة: علاجات بسيطة تتفوق على تقنيات متقدمة في تخفيف آلام الركبة    بفاعلية الحقن ودون ألم.. دراسة : الإنسولين المستنشق آمن وفعّال للأطفال المصابين بالسكري    طرق الوقاية من السكتة القلبية المفاجئة    من يومياتي في امريكا .. مرافق بدرجة رجل أعمال    تسجيل هزات أرضية من المياه المجاورة لليمن    استئناف نقل النفط الخام من عقلة شبوة لكهرباء الرئيس    رشاد العليمي..تاريخ من الغدر والخيانة: زملاءه أعدموا وهو أصبح وزير    من الدول الجديدة في اتفاقية ابراهام؟    إيران تعتقل 26 شخصا على صلة بالموساد    من يدير حرب الخدمات وتجويع المواطنين في عدن؟    كيف نطالب بتحسين الأوضاع    - *القيادات الإيرانية "تعود من الموت".. وإسرائيل تتخبّط وسط اختراقات أمنية وخلايا تتبع لطهران*    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    النصر يتخلَّى عن مدربه الإيطالي ستيفانو بيولي    برشلونة يعود إلى ملعب كامب نو 10 أغسطس المقبل    مصر تمنح 6 مناطق لشركات عالمية للتنقيب عن الغاز    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    عينيك تستحق الاهتمام .. 4 نصائح للوقاية من إجهاد العين في زمن الشاشات والإضاءة الزرقاء    جرعة سعرية ثالثة على البنزين في عدن    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    افتتاح مشاريع زراعية وسمكية بأمانة العاصمة بتكلفة 659 مليون ريال    تشيلسي يغتال حلم الترجي بثلاثية قاسية    الشاعر المفلحي.. رافعات الشيادر روحن فوق جيل الديس    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    تاريخ المنطقة خلال سبعة عقود تم تلخيصه في عامين    الوزير الزعوري يشيد بمشاريع هيئة الخليج وعدن للتنمية والخدمات الإنسانية وجهودها في دعم الفئات المحتاجة    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    موقف غير أخلاقي وإنساني: مشافي شبوة الحكومية ترفض استقبال وعلاج أقدم كادر صحي في المحافظة    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    الحديدة و سحرة فرعون    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن وثمن اللاحرب واللاسلم .. خذو العبرة من حرب ال12 يوم..!!
نشر في يمنات يوم 26 - 06 - 2025


عادل السياغي
مقدِّمة الانهيار
إذا كان الخراب وجهاً، فإن اليمن اليوم هو الملامح الأكثر وضوحاً فيه: بلدٌ قُدِّم على موائد الطموح الشخصي والتجاذب الإقليمي حتى صار 19.5 مليون إنسان فيه من أصل 30 مليون يعتمدون على المساعدات، وأكثر من سبعة عشر مليوناً يواجهون انعداماً حادّاً في الأمن الغذائي، بينما يتقلّص دخل الدولة ويُشفَط احتياطيّها النقدي كأنّه حفرة لا قعر لها.
الحوثيّون «أنصار الله»
حوّل الحوثيّون مناطق سيطرتهم إلى شركة جباية مسلّحة: ضرائب استثنائيّة على التجّار وزكاة بالإكراه في ظل ركود اقتصادي ، تمرير حمولات الوقود في السوق السوداء، وتسييس الإغاثة لتكريس الولاء. ففي كانون الثاني/يناير 2025 اعتقلوا سبعة موظّفين أمميّين إضافيين، ما دفع الأمم المتّحدة لتعليق تحرّكاتها في صنعاء. بهذا السلوك يطعن الحوثيّون شريان الحياة الوحيد الباقي لملايين النازحين ويجعلون الجوع سلاحاً تفاوضيّاً.
الحكومة المعترف بها دوليّاً ما يوصف ب(مجلس القيادة الرئاسي)
في عدن، يقبع قادة السلطة الشرعيّة على فَوْهَة خزينة مثقوبة: توقَّف صرف الرواتب لقطاعات واسعة، وتحوّل ملفّ النفط إلى مزاد نفوذ بين الوزارات المتناحرة. الفساد صار علنيّاً؛ قوائم سفر وفنادق خمس نجوم ونثريات بالدولار، بينما الجندي على الجبهة بلا مؤن ولا ذخيرة، والمواطن في تعز يحشو الخبز اليابس بماء شحيح كي ينام أبناؤه. بهذا العجز الصارخ، تثبّت الحكومة صورة «الشرعيّة الورقيّة» التي فقدت القدرة الأخلاقيّة على مطالبة العالم بالمساندة.
المجلس الانتقالي الجنوبي
أما الانتقالي فحوّل «القضية الجنوبية» إلى دفتر شروط يفتحه ويغلقه متى ما استدعت الحروب الصغيرة رفع أسهمه السياسية. اقتتال فصائل الأمن في عدن على العائدات الجمركيّة والموانئ يعيد إنتاج مشهد الحرب الأهلية المصغّرة ويقضي على أي إمكانية لإعادة بناء مؤسّسات الدولة في الجنوب. كلما طفا نزاعٌ داخلي ضُربت بنيةٌ تحتيّة أو أُغلِق طريق، فينكفئ المستثمرون ويُسرَّح العمال.
التحالف السعودي – الإماراتي
سنوات من الضربات الجوّيّة والحصار البحري جعلت الاقتصاد اليمني يترنّح؛ منع دخول الوقود والأدوية الإ لمن ارادو من الشركاء المتنفذين شلّ المستشفيات وجعل كل شيئ يصل اليمن اما صناعة رديئة او منتهي الصلاحية ، ونقل البنك المركزي إلى عدن أطلق سباقاً جنونيّاً في سعر الريال. الأخطر أنّ التحالف، وهو يدّعي حماية الشرعيّة، قسّم ساحلَي اليمن إلى مناطق نفوذ تنافسية: موانئ في المخا والمكلا سُلّمت إلى شركات إماراتيّة بنظام امتيازات طويل الأمد، بينما عدن تغرق في الظلام لأيام .
إيران وتحالفاتها
طهران تتعامل مع اليمن كحقل تجارب للصواريخ والطائرات المسيَّرة؛ تسلِّح الحوثيين لابتزاز السعودية والولايات المتحدة لكنها، حين دقّ ناقوس مواجهة مباشرة مع إسرائيل في يونيو 2025، لم تجد بدّاً من تقليص خطوط الإمداد عبر بحر العرب لتأمين جبهتها الداخليّة. هكذا يتبدّى اليمن مجرّد ورقة مساومة إقليمية لا أكثر.
ثمن «اللا حرب واللا سلم»
منذ هدنة 2022 الميتة سريريّاً، تحوَّلت البلاد إلى أرخبيل من خطوط تماسّ ثابتة: لا معارك تُحسم ولا تسوية تُوقَّع. في هذا الفراغ تكاثر «أمراء الحرب» وتجّار الوقود والسلاح؛ نهبت الجماعات المحلية إيرادات الموانئ والضرائب والزكاة ، وتضاعف تهريب الحشيش والحبوب المخدِّرة. المدارس تحوّلت إلى ثكنات أو مخازن إغاثة، والمستشفيات تفتقر حتى للمحلول الوريدي.
المجتمع المنهَك
النتيجة أنّ اليمني بات يُقايِض لقمته بكرامته. تضاعفت نسبة الزواج المبكّر، وارتفعت معدّلات الانتحار، وانتشر تجنيد الأطفال بوصفه «فرصة عمل» لمن فقد أبسط مقوّمات العيش. هذا الانهيار البنيوي أخطر من القصف؛ فهو ينسف العقد الاجتماعي ويزرع جوعاً متوارثاً لن يندمل حتى لو توقفت الحرب غداً.
درس حرب ال12 يوماً بين إيران وإسرائيل
في أقلّ من أسبوعين، تلاقى خصمان إقليميّان مسلّحان نوويّاً على قمّة تصعيد حادّ، ثم انفرط عقد المعركة تحت ضغط الخسائر الثقيلة والعزلة الدوليّة، ليتوصّلا إلى وقف إطلاق نار في 24 يونيو 2025. رغم سقوط مئات القتلى في إيران، من بينهم أكثر من عشرين قائداً عسكريّاً رفيعاً، ورغم الهجمات الصاروخيّة الإيرانية التي طالت مستشفى سوروكا في بئر السبع، فقد أُغلِق الملف عسكريّاً سريعاً لأن طرفيه يعرفان أن استنزافاً طويل الأمد سيقضم قدرتهما الاستراتيجية.
المفارقة أنّ حرباً بهذه الضراوة انتهت في اثني عشر يوماً، بينما اليمنيون محاصرون في جحيمٍ بلا توقيت نهاية. الدرس الصارخ هنا: طول أمد النزاع ليس دليلاً على توازن ردع، بل على غياب إرادة الحسم واستسهال الاتجار بمعاناة المدنيّين.
خاتمة ومحاكمةٌ أخلاقية
لا يحتاج اليمن إلى مبعوث أممي جديد ولا إلى هدنة بالقطّارة؛ يحتاج إلى محكمة تاريخيّة تُدين كلَّ من حوّل اليمنيّين إلى رهائن جوع. الحوثي، والحكومة، والانتقالي، والتحالف، وإيران—all of the above—يجب أن يُسلَّموا إلى مواجهة شعبية تُرفَع معها الحصانة السياسية والعسكرية. أمّا المجتمع الدولي الذي اكتفى ببيانات القلق، فعليه واجب أخلاقي بإنشاء ممرّ إنساني محميّ بالقانون الدولي، لا بالصفقات المشبوهة. إن لم يحدث ذلك، فلن تُذكَر اليمن بوصفها «الدولة الفاشلة» وحسب، بل بوصفها جريمة متعدّدة الجنسيات ارتُكبت على الهواء مباشرة، بينما العالم يصفّق لمسرحية أخرى تدوم اثني عشر يوماً ثم يُسدل الستار.
الخلاصة
عندما تُختَزَل دماء شعبٍ في صفقات نفطٍ و«ترندات» تفاوضيّة، يصبح الجوع أبلغ من كلّ بيان. واليمن، بفضل « شركاء الدمار » كلّهم، صار الدليل الحي على أن الحرب ليست دائماً نقيض السلم؛ أحياناً يكون غياب الحرب المنظَّمة أسوأ بكثير من اندلاعها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.