تبدأ الحكاية عن البلدي لدى الجزارين, فيقولون لتبرير رفع الأسعار: “إن هذا عجل رضيع” وعندهم أن ابن السنة والسنة والنصف بازي أو رضيع أنه بلدي, ولم يصدّق صديقي الذي أراد شراء اثنين كيلو رضيع أو حتى عجل والذي يكون عمره أكثر من ثلاثة إلى خمسة أشهر بأن سعر الكيلو ألفا ريال. وقد بدا في نظر الجزار الشاب وكأنه يعيش في بلد آخر, لأنه لو كان يعيش في اليمن لسمع من الآخرين أن هذه التسعيرة قد مضى عليها أكثر من عام ووجدها فرصة ليقول للجزار: والله لا أعلم بهذا السعر الجديد إلا منك, لأنني لم أشتر اللحمة طيلة عام كامل, ويقصد لحم الأبقار كبيره أو صغيره أو لحم الماعز والكباش. وقد أثار تأكيده هذه الشكوك أنه يبالغ, ولكنه استدرك قائلاً إنه يشتري أحياناً دجاجة يقسّمها لأسبوع أو سمكاً ويستهلك الكيلو منه في سبعة أيام أيضاً. فقال له آخر: يبدو أنك لا تحب السلتة, فقال: نعم ولا أنا ولا أهل بيتي,لأننا تربينا في دولة أفريقية مجاورة ومنها انتقلنا إلى عدن ومن بعد عدنتعز بعد قيام الوحدة المباركة قبل أكثر من عشرين عاماً. المهم لم ولن يصدّق أحد أن كل هذه الذبائح اليومية هي إنتاج بلدي, ولا يتعدى ذلك نصف الكمية الهائلة التي تذبح يومياً في المسالخ وفي الدكاكين وفي البيوت, لأن معظم الناس وخاصة الجزارين الذين تعج بهم بعض الأماكن كشارع الكمب في تعز يذبحون في محلاتهم ولا يذهبون إلى المسالخ ولا يعرضون الحيوانات للفحص البيطري, وبعضهم لا يكاد يقنع الزبائن آكلي اللحوم الكثيرة والطازجة والصغيرة بالانتظار دقائق حتى وهم يذبحون أمامهم ويحاولون الذبح والتقطيع خلال عشر دقائق فقط!!. وهنا تبرز كارثة إبادة الثروة الحيوانية التي لا تغطي النصف من حاجة الاستهلاك للكبار في مناصبهم وأعمالهم وبطونهم, أما غالبية السكان فلهم الأبقار الكبيرة والجمال, وهذه الأبقار سودانية أو من جنسيات أخرى كالصومال الذي عرفنا منذ سنوات أنه موطن الماعز والكباش البربري الذي يستورده كثيرون من المسؤولين والتجار في عيدي الأضحى والفطر بأعداد كبيرة من أجل الموظفين والعسكر بالتقسيط!!. إذاً فالإنتاج المحلي إما يذبح في أسبوعه الأول أو يصدّر ويُهرّب إلى الدول المجاورة بأسعار عالية أكثر بكثير من أسعار المواشي المستوردة مهدد بالفناء حتى وإن كان بعض المزارعين والمستثمرين قد أنشأوا مزارع خاصة لتربية وتسمين حيوانات الذبح تحت سمع وبصر المسؤولين المختصين الذين يقولون مالا يفعلون, والله المستعان.