نحن في القرن الحادي والعشرين، وهذا يعني أن الزمن يتحرك ,وحركة الزمن تدعو حثيثاً أن تتغير أفكارنا ,بل ان تستجيب هذه الأفكار للتغيير، فمحال أن يتغير الزمن ولانتغير فكل شيء من حولنا يتغير إلا عقولنا.. الطبيعة تتغير كل فصل ,تزهر فتثمر فتصفر فتموت فتحيا من جديد إلا نحن , فنحن نحيا حياة رتيبة مملة غاية في الملل والسآمة.. إذا أسلمنا فإن إسلامنا تقليد لاتجديد في فهمه ولا رؤية في ملكوت السماوات والأرض، حسبما يريد الإسلام , وإذا كفرنا والعياذ بالله فإن كفرنا جاهلي أخرق بليد هو أقرب للجدل العنيد والمقامرة الفجة ,وإذا بدونا كانت بداوتنا أقرب إلى بدائية متخلفة كئيبة لاتقبل أي مظهر من مظاهر الحضارة والانفتاح , وإذا تحضرنا كنا عالة وايتاماً على موائد اللئام , لا نأخذ من الحضارة إلا القشور، فالحضار تعني سيارة إذا تعطل فيها (فيوز) بريالين وقفنا جوارها نبكي الاطلال ولانعرف لتحريكها مدخلاً إلا نجمع المارة في الشارع إلى أقرب مصلح ,عفواً (مكسر ومعطل) كما أن الحضارة تعني الآيسكرم والشوكولاه , وفستاناً واكسسواراً , ولامانع من أن نفتح محلات لبيع (الفالصو) بعشرات الملايين الذي يطلقون عليه عدواناً وظلماً (أحجاراً كريمة). أما العقل فلا داعي لتجدده ,فليبق على جموده ولامانع أن تختار النخبة حزباً معيناً ويقسم في سره وجهره هذا المتحزب ,ليظل وفياً للحزب أبداً , ودائماً حتى يظهره الله أو يهلك دونه , دون تغيير أو تبديل, وإذا فكر أحدهم أن يطور أو يغير أو يبدل فعليه اللعنة الحزبية، لأنه تحريفي رجعي تبديلي، متخلف وربما جره التحريف إلى الاعدام بتهمة الخيانة الحزبية , ولذلك تعددت الأحزاب والجماعات داخل الحزب الواحد والجماعة الواحدة , بل كلما كثر المال ربما من المشتركين أو أهل الخير أو أهل الشر ,كثرت (التعددية) وتناسل (المرتزقة) غير الكرام! الجمود الفكري ليس سنة الله في أرضه إلا على الأشقياء الذين يعقرون ناقة الفكر وضمير الحياة.. هناك أناس لايحبون التجدد ولا تؤذيهم الأوراق حين تبدو يابسة والحقول حين تبدو مقفرة , والزمن حين يبدو في جلابيب الشتاء، إن كل غصة وكل عذاب إنما مرده إلى عدم التجدد, والذين يستيقظون وينامون على الجمود والغفلة والركود هم أعداء التقدم وأعداء الحياة وهم سبب أزماتنا وشقائنا.. من الصعب أن نغسل أجسادنا وثيابنا ولانطهر ضمائرنا وعقولنا وحياتنا.