احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    تشافي: أخطأت في هذا الأمر.. ومصيرنا بأيدينا    الحوثيون يبدؤون بمحاكمة العراسي بعد فتحه لملف إدخال المبيدات الإسرائيلية لليمن (وثيقة)    شاهد.. الملاكمة السعودية "هتان السيف" تزور منافستها المصرية ندى فهيم وتهديها باقة ورد    مليشيا الحوثي تحتجز عشرات الشاحنات شرقي تعز وتفرض جبايات جديدة على السائقين    جدول ترتيب هدافي دوري روشن السعودي 2023-24    ميلان يكمل عقد رباعي السوبر الإيطالي    صورة حزينة .. شاهد الناجية الوحيدة من بنات الغرباني تودع أخواتها الأربع اللواتي غرقن بأحد السدود في إب    النفط يواصل التراجع وسط مؤشرات على ضعف الطلب    تعيين الفريق محمود الصبيحي مستشارا لرئيس مجلس القيادة لشؤون الدفاع والامن    انهيار جنوني متسارع للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي (أسعار الصرف)    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    رسميًا: تأكد غياب بطل السباحة التونسي أيوب الحفناوي عن أولمبياد باريس 2024 بسبب الإصابة.    باريس يسقط في وداعية مبابي    الرعب يجتاح قيادات الحوثي.. وثلاث شخصيات بمناطق سيطرتها تتحول إلى كابوس للجماعة (الأسماء والصور)    دموع "صنعاء القديمة"    فساد قضائي حوثي يهدد تعز وصراع مسلح يلوح في الأفق!    رسالة صوتية حزينة لنجل الرئيس الراحل أحمد علي عبدالله صالح وهذا ما ورد فيها    هل تُصبح الحوالات الخارجية "مكسبًا" للحوثيين على حساب المواطنين؟ قرار جديد يُثير الجدل!    كهرباء عدن تعلن عن انفراجة وشيكة في الخدمة المنهارة والغضب يتصاعد ضد بن مبارك    تحرير وشيك وتضحيات جسام: أبطال العمالقة ودرع الوطن يُواصلون زحفهم نحو تحرير اليمن من براثن الحوثيين    منصات التواصل الاجتماعي تشتعل غضباً بعد اغتيال "باتيس"    للتاريخ.. أسماء الدول التي امتنعت عن التصويت على انضمام فلسطين للأمم المتحدة    بغياب بن الوزير: سرقة مارب لنفط شبوة ومجزرة كهرباء عدن والمكلا    استقالة مسؤول ثالث في الاحتلال الإسرائيلي.. والجيش يعلن عن اصابة نائب قائد كتيبة و50 آخرين خلال معارك في غزة    استشهاد جندي من قوات درع الوطن خلال التصدي لهجوم حوثي شمالي لحج    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    عدن.. احتجاجات غاضبة تنديدا بانهيار خدمة الكهرباء لساعات طويلة    استئناف إضراب نقابة عمال شركة النفط بمحافظة شبوة    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    المبعوث الأممي يصل إلى عدن في إطار جولاته لإستئناف مفاوضات السلام مميز    الأمم المتحدة تعلن فرار مئات الآلاف من رفح بعد أوامر إسرائيل بالتهجير    كوابيس كشفت جريمة مرعبة: فتاة صغيرة تنقذ نفسها من القتل على يد شقيقها والامن يلقي القبض على الاب قاتل ابنه!    "أطباء بلا حدود" تنقل خدماتها الطبية للأمهات والأطفال إلى مستشفى المخا العام بتعز مميز    إب .. وفاة أربع طفلات غرقا في حاجز مائي    بمشاركة «كاك بنك» انطلاق الملتقى الأول للموارد البشرية والتدريب في العاصمة عدن    بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    التوظيف الاعلامي.. النفط نموذجا!!    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    لو كان معه رجال!    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعوة لاتحاد بين شطرين تخفي بين طيّاتها إرادة مبيتة للانفصال
زيد الوزير ل«الجمهورية»:
نشر في الجمهورية يوم 12 - 05 - 2012

قال إن مؤسسة الخلافة كانت مدنية صرفة تقوم على الانتخابات والاختيار والتبادل السلمي للسلطة وكان (المسجد النبوي) برلمان تلك الأمة حتى جاء المصير المشئوم بصعود أول خليفة أموي إلى الحكم عن الطريق القوة.. المفكر الإسلامي زيد بن علي الوزير في حوار مع (الجمهورية) يدعو إلى تتبع النهر السياسي حتى الوصول إلى الينبوع من أجل أن يفضي بنا البحث إلى معرفة واقعنا اليوم بكل أمراضه..
من مشروع المفكرين الأحرار نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ودعوتهم إلى التجديد الديني.. إلى مشروع الضباط الأحرار منتصفه وقضية التخلص من الاستعمار والاستبداد في الوطن العربي.. إلى مشروع الشعوب الأحرار وبناء دول وأنظمة جديدة إن جاز التعبير مع بداية الألفية الجديدة.. كيف ينظر المفكر الإسلامي الأستاذ زيد الوزير إلى هذه المتوالية التاريخية؟
الجواب على هذا السؤال يقتضي لكي نفهم ما يجري بشكل أوضح البحث عما وراء الستار، وما في الزوايا من خبايا، فما يجري في السطح ليس إلا امتدادا لتيارات الأعماق البعيدة، التي غابت عن مداركنا فلا نراها ولا نحس بتحركاتها، وحضرت بدلا عنها أمواج السطح، فنحن نرى النتيجة ولا نطلع على الأسباب، وغير هذه الحالة فلابد إذن أن نتعمق في دراسات دورة “المسارات الكبرى” أو “المصائر الحاسمة” التي ضبطت إيقاع حياتنا منذ زمن طويل، وتحكمت في وجداننا الجمعي حتى لا نستطيع الخروج منها، أو الانفكاك عنها. ومن هنا وجب علينا ألا نتوقف عند “المراحل المؤقتة” على أهميتها لأنها أي “المراحل المؤقتة” التي نعيشها إن هي عند التحقيق إلا ندوبات مرض كامن وخفي لم يعالج، وبقي جهلنا بحقيقة المرض يمد تلك الندوبات بما يغذّي استمرارها المَرَضِي، إلى درجة أننا نتعامل مع ”المرض” وكأنه “الصحة” وما نعالجه هو أثر طارئ على “الصحة” سيزول باستخدام شيء من العقاقير المهدئة والمسكنة. وبعبارة أخرى وكأن هذا المرض الخفي قدر ومصير، لم نستطع الخروج من إسار هذا الإدراك المستعصي، فأصبح تعاملنا معه تعامل من يزيل الورم من السطح بدون أن ينظف جذوره الوبيئة، وإذا كان الحال هو هذا، فلابد إذن من دراسة الأسباب التي توصلنا إلى مرابض المرض الحقيقي والكامن، وإلا فسنظل نسبح في تيار عنيف لم نر عمقه. علينا أن نتتبع النهر السياسي حتى نصل إلى ينبوعه، وألا نكتفي بما هو عليه في مصبه. علينا أن نعيد النظر في “البداية” قبل أن ننظر في “النهاية”، من أجل أن يفضي بنا البحث إلى معرفة واقعنا اليوم بكل أمراضه.
في البدء كانت مؤسسة الخلافة مدنيّة صرفة، تقوم على الانتخاب والاختيار والتبادل السلمي للسلطة، وكان “المسجد النبوي” برلمان تلك الأمة؛ فيه تعقد الاجتماعات، وتُتبادل الآراء بطريقة تشبه النظام البرلماني الحقيقي، وكان من المفروض أن تشكل هذه الحالة “مصيرا” وليس “مرحلة”، لكنها مع الأسف شكلت “مرحلة” وليس “مصيرا”، وكان “المصير” المشؤوم الذي نحن اليوم في جوفه الوبيء قد بدأ يوم تغلبت “القوة” على “الشورى”، وجاء أول خليفة أموي إلى الحكم لا عن طريق “الاختيار” وإنما عن طريق “القوة”، فمنذ تلك الفترة الفاصلة تمَ إسقاط نظام “الانتخاب” نهائيا، وسنَّ “التوريث” قانونا بصفة شرعية، ابتدعها “علماء سلطة”، ثم تكرس هذا القانون بعد دولة “بني أمية” بدولة “بني العباس” و“بني فاطمة و“بني بويه” و”بني سلجوق” و”بني عثمان” فشكلت “بنو” هذه كما تلاحظون ”مصيرا” متبعا حتى اليوم، وحتى عندما تم التغيير الشكلي وقامت ”الجمهوريات العربية”، فإن “بني” او “العائلة”لاتزال هي الواقع القيادي، وهكذا يتبين عند التدقيق أن “نظام بني” و”القوة” و”الوراثة” و”الفردية” قد أصبحت “مصيرا” متبعا منذ مئات السنين، وأن هذا “المصير” هو التركة التي ورثناها. وباختصار علينا أن نتخلص من هذا المصير، ولكن ليس ذلك سهلا وإنما يتطلب جهدا ووقتا.
قد نسأل لماذا لم تغير “الديمقراطية” هذا السلوك التعيس؟ هناك عدة أسباب من أهمها أن “الديمقراطية” لم تأت إلى العالم الإسلامي عن طريق التمرس والممارسة، وعشناها في أنفسنا وفي حياتنا اليومية وعلاقاتنا الاجتماعية، وإنما جاءت إلينا جاهزة، معلبة، تعاملنا معها بغباء وبفعل مألوف مناقض لها فاختلطت الأوراق وتشابكت، ثم إنها جاءت مع محتل غاصب، فاجتمع المحب لها والمبغض على التعامل معها بدون علم حقيقي بتركيبها، ولا بثوابتها، أو بتعبير آخر بفقهها السياسي، ومن ثم ارتكبت باسمها عدة إساءات أظهرتها كما لو كانت فاشلة. وهي ليست بفاشلة ولكن التطبيق كان فاشلا، وفي معادلة ساخرة كان الذي جاء بها هو من كاد لها؛ كان “الغرب” الذي صدرها ليبرر احتلاله كان هو الذي دبر لها المكائد حتى لا يفقد “سوقه”، فعمل على أن يبقيه “عالما مستهلكا” لا “عالما منتجا”، ونتيجة سلسلة مكائد مدبرة بإحكام أمكن للرأي العام العربي على إثر إخفاقات مدبرة للديمقراطية أن يقبل بابتهاج “الانقلابات العسكرية” كحل لمعضلته المزمنة، أي بقبوله تلك الانقلابات التي رفضت ”الدستورية المدنية” وعادت إلى حكم “القوة”، وسط تهليل وابتهاج، وبذلك تجدد “المصير” المشؤوم.
على الرغم من طول الجدل الدائر حول الديمقراطية وفلسفتها وأبعادها إلا أننا لما نحسم الأمر بعد، مازال البعض اليوم يرى فيها نقيضا للإسلام.. هل في الديمقراطية ما يقرر ذلك؟
إذا ما نظرنا بعمق إلى “حقيقة الديمقراطية” وبعمق أيضا إلى “شوروية الخلافة” وجدنا كثيرا من نقاط الالتقاء، وقليلا من نقاط الخلاف، وفي هذا الصدد يمكن القول بأن “الديمقراطية بعثت على نحو ما ”نظام المدينة” المنسي إلى الوجود، أي أنها بعثت “الأصولية النقية” أو “السلفية النقية”، بمعناها التقدمي، لا بمعناها المتخلف، وإنما بمعنى ما كانت عليه من مدنية، وحرية معتقد، ومواطنة متساوية بين المسلمين وبين أهل الكتاب، بل والوثنيين، كما صرحت بذلك “صحيفة المدينة” التي اعتبرت المسلم واليهودي والوثني أمة من دون الناس. أي أن الديمقراطية نادت بعودة الحكم رغم كل العراقيل إلى الانتخاب، وعدم التوريث، وإلى التداول السلمي للسلطة، أي إلى الأصول النقية والسلفية الرشيدة. وقد كتبت عن “صحيفة المدينة” عدة أبحاث نشرتها في “جريدة الشورى” و“مجلة المسار” فليرجع إليه من يحب التوسع.
ومن هنا يتضح أن الديمقراطية لا تتصادم مع “نظام المدينة” الشورى، ولكنها تتصادم بعنف مع “نظام دمشق” الفردي، أي مع “المألوف المنحرف”. ولكي يتضح هذا القول فإن علينا أن نقرر بأن هناك منهجين سياسيين طبقا في تاريخ المسلمين: “منهج المدينة الشوروي” المنسي، و“منهج دمشق الفردي” المتعامل به، ولأن الذي ساد هو “منهج دمشق” فإن كثيرا من الأحزاب السياسية والفقهاء والعلماء باختلاف أشكالهم لا يفرقون بين النمطين كثيرا، ويعتبرونهما منهجا واحدا لا منهجين.
إذن فمآسي اليوم السياسية من مذهبية وطائفية ومناطقية وعسكرية وقبلية هي إفرازات مرض خفي لم تحسن معالجته ولم يبحث عن جذور علله، وكانت النتيجة: “كلما داويت جرحا سال جرح”.
وبشيء من التفصيل الصريح والموجع فنحن ياسيدي أساسا لا نعرف معنى الدولة إلا رديفا للقوة والهيمنة والسيطرة والبطش والقهر، وأن الدولة هي كل شيء، وان الأمة تابعة لا متبوعة، وإنما نعرف بحرارة بلهاء “السلطة” و“التسلط”. أليس لافتا للنظر أن تندرج مجموع قوانيننا تحت اسم السلطة! مع أن اسم السلطة أساسا يعني سلاطة اللسان والبذاءة، وفي اللغة: سلط سلاطة فهو سليط، وما ذلك إلا لأن الدولة تعني القوة والبطش والمصادرة والقتل والتسلط، وهذا التسلط وليس حتى السلطة، هو تراثنا السياسي لمئات السنين، فكيف تريدنا أن نخرج منه ونحن لا نعرفه، بل لا نحس به، وهذا يفسر لنا كيف أننا نتخبط ذات اليمين وذات الشمال، وأننا أفسدنا اليمين و”اليمن”، وأفسدنا اليسار و”اليسار” أي الاقتصاد ، وكما قلت في بعض مقالاتي أفسدنا الفساد. وبهذا السلب أمكن للتسلط اختزال حقوق الأمة في شخصه، وحول الأمة فعلا إلى مجرد سائمه يكون همها البحث فقط عن مرعى أي مرعى تأكل منه، وتفتش عن حوض أي حوض لتشرب منه, مسلمة قيادها لمن يقودها فيذهب بها يمينا أو شمالا.
نحن استوردنا الديمقراطية منذ عشرات العقود ولما نستفد من أدبياتها السياسية في أنظمة الحكم التي نتغياها على الرغم من طول الفترة.. ما هذه المفارقة؟ ثم إن مشروع التنوير العربي الإسلامي لما يؤت ثماره على ما ينبغي حتى الآن، هل نحن عصيون على التحضر؟
هناك عدة أسباب نختار منها ما له صلة بموضوعنا وهو وجود ”عثة” سياسية تأكل كل جديد لا تألفه، وعليه فإن تنظيف هذه “العثة” في طليعة المستحقات.
وفي ضوء ذلك لم نفهم لماذا فشل مشروع التنوير عمليا والذي قام به “جمال الدين الأفغاني” و”محمد عبده” ومن تبعهما بإحسان. أما مشروع الضباط الأحرار وإن نجح في القضاء على الاحتلال الأجنبي لكنه عزز الاستبداد في الوطن العربي وقضى على الديمقراطيات. وعزز المألوف بتزويق جديد وأما مشروع الشعوب الأحرار وبناء دول وأنظمة جديدة إن جاز التعبير مع بداية الألفية الجديدة، فإنها اليوم تتصادم مع المألوف، وهي التي تشكل الشرارة الواعدة.
على غير المتوقع اندلع غضب الربيع العربي فجأة من مغربه إلى مشرقه بعد طول معاناة حتى أن المشهد في صورته الكلية يكاد يبدو وكأنه ثورة واحدة تعددت طرائقها من قطر إلى آخر.. حبذا لو بحثنا في تفاصيله عن الشرارة التي أشعلت السهل حسب تعبير القائد الثوري المعروف تشي جيفارا أو عن القطرة التي أفاضت الكأس؟!
غير المتوقع هو توقيت الانفجار، أما الانفجار نفسه فكان متوقعا على كل حال، إذ إن الشعوب العربية كانت تعيش في حالة من القهر الداخلي، والإذلال الخارجي لم تعرفهما في تاريخها كله بما فيه من ظلمات، وأذكر أنني عندما رجعت من زيارة للقاهرة قبيل الانفجار سُئلت عن انطباعاتي، فقلت: أن مصر تعيش على بركان سينفجر، وكان هذا رأي كل من زار مناطق عربية أخرى كان دوي البركان يحتدم في الأعماق. إذن كان متوقعا هذا الانفجار العربي، وكان مستغربا أنه تأخر كثيرا.
ما حدث كما حدث كان رد فعل لتراكم المظالم الداخلية وعمق الإذلال الخارجي، ونتيجة للكبت الشديد اندلع الانفجار بقوة محاولا أن ينتقم من جلاديه، وفي هذه المرة ظهرت الشعوب يقودها المثففون تطرح مشروعا لتغيير النظام، والعودة إلى مدنية الحكم بشبه إجماع، مشفوع بمذخور جديد استقته من التجارب الفاشلة السابقة، فالظلم والقهر والإذلال كانت القطرة التي أفاضت الكأس، أو الشرارة التي ألهبت الهشيم ولكنها شرارة مزودة بفكر جديد.
ألا ترى أن هذه القطرة أو الشرارة قد تتعرض لمكروه يعوق مسارها ويحرفها عن وجهتها كما حدث لثورات الخمسينيات وما بعدها في المنطقة العربية؟
بالفعل هذه القطرة معرضة لخطر التجفيف وتلك الشرارة معرضة للانطفاء..
كيف؟
ذاك ممكن ببقاء “العثة السياسية” ممثلة ب“القبلية” و“العسكرية” و“الكهنوتية”، ومن ثم عليها أن تتحصن وتحصن رؤيتها هذه حتى لا تتآكل، وإذ أقول هذا فلأني أجد أن الصوت الإعلامي الخارجي المغرض قد رفع من معيار هدف إخراج “العائلة الحاكمة”، وخفّض في المقابل وإلى حد كبير من معيار الصوت المطالب بتبديل النظام السابق كله وإخراجه من النفس والحياة معا. وواضح أن الاكتفاء بإخراج العائلة بدون تبديل النظام نوع من “العثة” الشرسة، و مصيدة للهدف الرئيس، المتجسد في”منظومة مدنية الحكم”، ذلك أن الفرد ليس هو المطلب الأساس مع التسليم بأهميته ولكن إخراج نظام الفرد.. نظام القوة الوراثي الكهنوتي من الثقافة السياسية الخربة هو الأهم، وهو الحل الجذري، وهو “المصير الجديد” بينما إخراج العائلة الحاكمة هو حل مرحلي ستعقبه عائلة أخرى. لقد تم إخراج “العائلة المالكة المتوكلية” بقيام الجمهورية، ولكن هاهي الأصوات تنادي بإخراج “العائلة الجمهورية المالكة” لأن استبدال عائلة بعائلة ليس حلا، ولن يحصل التغيير المطلوب بتغييرها وحدها. إنها نفس معزوفة قديمة: ذهبت عائلة بني أمية، وجاءت عائلة بني العباس، لكن لا أحد طالب بإعادة النظام المدني، فاستمر “نظام بني” أي نظام العائلة قائما حتى اليوم.
ولكن المشهد اليوم تغير.. الآمال منعقدة على الشباب المثقف بدرجة أولى، لا أظن أننا سنكرر سلبيات الأمس؟
هناك أمل قوي في الصوت الشعبي المثفف الذي ينادي ب“مدنية الحكم وتغيير النظام معا”، لكن طغيان الإعلام الخارجي وهو الزاد الكبير الذي يستقي منه الناس وضع القضية في غير إطارها عندما أبرز صراع الأقوياء على السلطة، وأخفى مطالب الشباب العادلة السلمية. وهذا واحد من أسباب يُخاف منها على “الشرارة“ أن يضعف وهجها، وعلى القطرة أن تجفف أو على الأقل أن تضعفا. ولمنع تكرار التجارب المريرة علينا أن ننظف الينبوع من مغرياته الكهنوتية والقبلية والعسكرية، ومن المسلم به أنه ليس هناك منطقة فراغ قط، وما لم يملأ بالخير يملأ بالشر.
وهنا اسمحْ لي أن استطرد فأسأل: لماذا لم تنجح الثورة الدستورية المدنية عام 67ه 48م مع أنها كانت بداية موفقة في الطريق إلى “النظام الدستوري” وإلى مدنية الحكم؟ الجواب بسيط لأن العمل من أجل “الدستور المدني” توقف بعد انطفاء الثورة مباشرة، وحل محله العمل للانقلابات العسكرية، وسط غبش سياسي كثيف، وتبين فيما بعد ولات حين تبين أن هذه الانقلابات أعادت الأمور إلى حكم القوة.
وعلى ضوء هذا فأنا أنظر إلى ثورة الشباب بأنها ثورة من طراز جديد ينبغي تحصينها ضد “العثة السياسية القديمة” بكل جهد ممكن. فهي أول ثورة شعبية ذات رؤية واضحة في تاريخ اليمن الإسلامي كله، فكل الثورات القديمة، كانت إما ثورات نخبة (الثورة الدستورية عام 67ه 48م) أو انقلاب عسكري عام 1955م أو عسكري قبلي علم 1962م. وبالرغم من أن الثورة الدستورية غيرت نمط الحكم الفردي إلى “دولة دستورية” ليس للفردية فيها مكان، وقضت على صلاحيات الإمام المطلقة التاريخية، وأعادتها إلى مجلس الشورى منهية بذلك قرونا من الفردية الكهنوتية، إلا أنها مع كل ذلك كانت نخبوية، لم تلامس جماهير الأمة من ناحية، ولم تتحول بسبب قصر فترتها وأهم من ذلك عدم السير بعد انطفائها في النهج الدستوري إلى ثقافة عامة، بل كان الشعب بحكم ثقل الماضي وقداسة الحكم ضد التغيير الذي حدث، ومع المألوف الذي عاث فسادا. والمؤكد أن ما جاء بعد الثورة الدستورية لم يكن من نمطها ولا سلالتها، بل كان من نوع آخر يكرس “المألوف” بشكل ما, كان تيار الانقلابات العسكرية هو الذي أغرق الأمة بتياره القوي، فلم تعد الدعوة إلى “الدستور” قائمة، بل أصبح التطلع إلى “القوة” هو الأمل، وقد ألغت هذه القوةُ ”الدساتيرَ المدنية” وأحلت محلها “دساتير عسكرية”مفصلة على قامة “الجنرلات”وكان دور المثقف فيها تابعا ولم يكن له دور القائد.
ظل هذا هو النمط السائد حتى جاءت “ثورة” الشباب تحمل بواكير يقظة جيدة؛ ذات نظرية جديدة، أو أنها “إحياء جديد” لمفهوم الحكم الحقيقي تمثل بوضوح في الدعوة إلى “مدنية الحكم” ورفض الثالوث المقيت “العسكرية” و”القبلية” و”الكهنونبة . ولأن لصوت الشباب هذا إيقاعا جديدا، فإنه حتما ستتصادم مع الوتر “المألوف” الراسخ، مع “العثة” الكامنة بما فيها من فردية وكهنوتية وعائلية، مع التخلف بكل ما فيه، إن ثورة الشباب بكل المقاييس هي ثورة شعبية مثقفة، وهي سيدة نفسها نجحت أو لم تنجح على المدى القريب وستنجح على المدى المنظور وأقصد بالشباب أولئك الذين لا يتبعون عسكرا ولا قبيلة، وإنما يقودون منهجا مدنيّا واضحا.
في معادلة قد تبدو طردية اندلعت الثورات العربية من بلدان كلها جمهورية في الوطن العربي بكامله في الوقت الذي لاتزال الدول الملكيات والاأميريات بمنأى عن صرصر هذه الريح العاتية، وإن كان التغيير في الحقيقة قد لامس السهل والجبل في المنطقة كلها تقريبا.. لماذا هذه المعادلة أولاً؟ وهل استنفد البركان كل حممه اللاهبة؟ أم أن فصلا جديدا لايزال يعتمل ولما تكتمل معادلة الانفجار بعد؟ بمعنى: هل لاتزال الجذوة مشتعلة أم أنها انطفأت؟
كانت الانقلابات العسكرية شرا مستطيرا على الديمقراطية، ومع ذلك فيمكن القول أن “الانقلابات العسكرية” قد حركت بحيرة النمط المألوف، على الأقل شكلا، ومن خلال هذا الشكل تولد الأمل في التغيير بشكل قوي، ولكن ما لبث الحكم العسكري أن أظهر سمات المألوف الفردي السياسي على جبينه، إلا أنه بفعل جهاز إعلامي قوي، وبفعل الشعور بالخروج من مذلة المحتل، وبفعل الأمل في إنقاذ فلسطين من غاصبيها، عشيت الأبصار عما وراء الستار. بينما بقي المألوف التقليدي عاجزا آنذاك عن مقاومة “الفردية الجديدة” المتألقة، لكن أخطاء هذه الفردية الجديدة قد تراكمت، ومن ثم ضخت في عروق المألوف التقليدي قوة جعلته يستعيد توازنه ويستفيد من أخطاء التغيير الشكلي لصالح استمراره. على أن تغيير الأشكال في حد ذاتها قديمةً كانت أو بالية ذات مخالب وأنياب، إما مخفيةً تحت شعارات متألقة كالاشتراكية والقومية، وإما تحت إهاب دعوى إسلامية، وكلها يفري الديمقراطية بمخالب حداد. ودلّ ذلك على أن ”العثة السياسية” كانت حاضرة في الجانبين تحت الشعار المتألق، أو الإهاب المعتم، وبعد سلسلة من الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية ظهر “المألوف التقليدي” مزودا بوفرة المال وتأييد الغرب إلى الظهور.
إذن كان مردود “حكم القوة” في الجمهوريات دعما لحكم “المألوف” في النصف الأخير من القرن الماضي، فالتقى الجديد والقديم في مصب واحد، وتكثفت المظالم، وازداد القهر، وبلغ ذروته، ففار التنور، وكان إحراق “البوعزيزي” نفسه في إحدى ساحات ”تونس” هو القطرة التي ملأت الكأس المرير، فالتهب التراكم الظالم وهبت في عالم الجمهوريات صرصر الرياح العاتية كما قلتم.
وماذا عن استنفاد البركان لحممه إن صح الكلام أولاً؟
لا أعتقد ذلك. إذ إن منطق التاريخ يدعم استمراره، حتى لو توقف مؤقتا افتراضا، لكنه لن يرجع إلى الوراء، ولكن يمكن التحايل عليه، بسوقه في دروب مغلقة، بعيدا عن هدفه، وهذا التحايل هو الخطر المرتقب كما يلوح في الساحة اليمنية ليس فقط من القوة العسكرية والقبلية بل من أحزاب تحمل في عروقها تلك “العثة السياسية” .
يقول البعض: إن عصر الإسلاميين قادم في إشارة من بعضهم إلى عدم تفاؤلهم بما تحمله هذه الجماعة.. والسؤال: لماذا هذه الجماعة دون غيرها هي من تتصدر المشهد أو تكاد في كل الدول التي اندلعت فيها الثورات؟ هل سيكونون على مستوى الدور القادم، وهو دور كبير وحساس بالفعل؟ أم سيكونون امتدادا لأسلافهم من الحكام الفاشلين الذين أوسعوهم نقدا ومعارضة خلال فترة حكمهم؟ وهل الإسلاميون هم التيار الأخير الذي تفرضه المتغيرات لاسيما بعد أن خاب أمل الجمهور العربي بالتيارات التي طفت على سطح العقود الماضية كاليسارية والقومية والليبرالية؟
دعنا نتفق أولاً على معنى هذا المصطلح. فماذا نعني بالإسلاميين؟ هل الآخرون غير مسلمين؟
لا أقصد ذلك، إنما الإسلاميون الحركيون، الإسلاميون السياسيون بالتعبير الغربي؟
إن “الليبراليين” و“الاشتراكيين” و“البعثيين” و”القوميين” كلهم مسلمون بلا شك، ولكن لكل فريق تصور خاص به لا يخرجه عن الإسلام. ذات مرة وكنت في مقيل في صنعاء قال لي بعض الأخوان: اسمع هذا الحديث وخمن لمن هو؟ ثم تلا فصلا ممتعا عن العدالة الاجتماعية في الإسلام وبعد أن انتهى قال لي لمن هذا الكلام فذكرت عدة أشخاص من علماء التنوير فقال: ليس واحدا منهم. فقلت إذن لا أعرف فقال انه ل“عبدالفتاح إسماعيل” قبل أن يُقتل رحمه الله ومرة أخبرني المرحوم الشاعر “عبده غانم” أن “الريس علي” دعا العلماء وغيرهم وهو واحد منهم إلى حفلة إفطار رمضانية كان فيها الرئيس مصليا صائما مستمعا لأحاديث العلماء.
إذن فكيف تجعل الحزب الاشتراكي مثلا حزبا غير إسلامي. إن هذا المصطلح شأنه شأن مصطلح “السلفية” وشأن مصطلح “الأصولية” خرج على نفسه وعلى محتواه، وأثار بلبلة وخلق ضبابا، فالتسمية في حد ذاتها لا غبار عليها، ولكنها غير محصورة بفريق، والمسلمون كلهم أخوة وكلهم ”سلفيون”، “أصوليون”، لا يتنكرون لا للصحابة ولا للتابعين، ولا للإسلام، ولكن البعض منهم فهم الحكم الإسلامي أنه هو الحكم الذي قدمه “الأمويون” و“العباسيون” و”الفاطميون” وبقية الممالك بكل ما فيها من مظالم، واعتبروها حكما إسلاميا، ودمجوا بين النظامين، بين النظام المدني وبين النظام الكهنوتي وجعلهم لا يرفضون ”خلافة قيصر”ولا “خلافة عمر” فجمعوا بقدرة عجيبة بين المتناقضين، فتاهت الأشرعة وسط ضباب كثيف. والغالب عليهم أنهم لم يستقوا نظرياتهم من أصول الصحابة”، بل من “أصولية معاوية” الأموي و“أصولية المنصور” العباسي و أصولية “سلطانية البويهي والسلجوقي والعثماني”. ومع أن ما اعتبروه حكما إسلاميا هو يناقض نظام الخلافة الراشدة المدنية” مناقضة تامة، ومع ذلك اعتبروا مسلمين وعند البعض مسلمين منحرفين, وهنا أريد أن أوضح نقطة قد تعيننا على التخلص من الغبش الكثيف وهو أن حصر “الإسلامية” في فئة معينة تدخل في أذهان الناس أنهم هم وحدهم ممثلو “الأصول النقية” وأنهم هم وحدهم الذين يمثلون الإسلام، في حين أن “الأصول النقية” تخالف ما كان عليه الحكم عند الأمويين والعباسيين والفاطميين والتي تسمى باستمرار الدول الإسلامية في حين أن التسمية الأقرب إلى طبيعتها هي دول المسلمين.
وعليه فليس عندي قبولا لما يسمى أحزابا إسلامية وأحزابا غير إسلامية في مجتمع مسلم، فالكل مسلمون، ولكن لكل منهم كما قلنا تصوره الخاص، ومن ثم فعلينا أن نسميهم بأسمائهم: حزب “العدالة”، “حزب النور”، “حزب الوفد”، “حزب الإصلاح” “الحزب الاشتراكي” “حزب اتحاد القوى الشعبية” ...الخ وننظر ما لديهم من مشاريع، وعلى ضوئها نقومهم ونصنفهم تصنيفا سياسيا لا دينيا، أما إذا صنفوا دينيا فسنكون أمام مذاهب إسلامية تعيدهم إلى مربع “المذاهب السنيّة والشيعية والإباضية ...الخ وهم لا يقولون بأنهم “مذاهب” وإنما هم أحزاب، وما دام وقد دخلوا ضمن دائرة الحزبية فعلينا أن نصنفهم سياسيا فنقول: هذا حزب محافظ، وهذا متحرر، وذلك متطرف، ونبتعد نهائيا عن اختزال الإسلام في فئات، وننزعه عن فئات؛ إننا نكون قد دخلنا ضمن دائرة المذاهب وعدنا إلى صراع “الفرقة الناجية”.
على أنه من الممكن القول بالنظر إلى واقع هذا الأحزاب الفكرية أنها مرتبطة بسلاسل قوية من المذهبية، فحزب الأخوان في مجمله “سُنّةٌ” أتباعه من ”الحنفية” و“الشافعية، و”الحزب السلفي” سنة أيضا أتباعه من الحنبلية” و“الوهابية”، و“حزب الله” في مجمله شيعي، أتباعه من “الإمامية” فهم في الحقيقة أقرب ما يكونون إلى “المذاهب” منه إلى “الحزب”.
على ضوء هذه الحالة يأتي فوز “الأخوان” و“السلفيين” وغيرهم مرتبطا في ذهنية خصومهم بهذا التصور، وإذا جاز أن يكون هذا حكما على الماضي، فهل يجب أن يظل ينسحب على الحاضر والمستقبل؟. إن ”الإخوان” بالذات نتيجة المحنة التي مروا بها، قد استفادوا دروسا مفيدة وذاقوا مرارة القهر والاستبداد، فربما ولديهم غير ما يؤاخذون عليه، ولن نتمكن من الحكم لهم أو عليهم إلا من خلال التجربة، فإن أحسنوا فلهم، وإن أخطأوا فعليهم.
وقبل الوصول إلى آخر الإجابة عن هذا السؤال أحب أن أشير إلى أن فشل التيارات الأخرى من “قومية” و“اشتراكية” و“بعثية” خلال القرن الماضي كان من أسباب فوز “العدالة” و“النور” في “مصر” و“النهضة” في “تونس” على تفاوت في درجاتهم، ولكن قد يحمل هذا الفوز عامل فشله، لو اتكل “حزب العدالة” و“حزب النهضة”بالذات على هذا العامل وحده، لأن تيار الحياة لا يمنح فشل هذا نصرا مؤزرا لذاك، ما لم يحسن هذا صنعه.
ما توقعاتك لمستقبل الجماعة مع الغرب وتحديدا أمريكا؟ ألا ترى أن في المشهد ما يشي بفتح أفق جديد من التعامل معها من قبل الغرب وأمريكا؟ وكيف تنظر إلى المتغيرات التي قد تفرض نفسها على مستقبل بعض الفصائل الإسلامية كالوهابية والقاعدة تحديدا؟
الغرب وأمريكا تيار واحد، فإذا قلنا الغرب فقد دخلت أمريكا، وإذا قلنا أمريكا فقد دخل الغرب. ومن ثم فكلمة “الغرب” جامعة لهما. وهذا الغرب كما نستقرئ من وقائع التاريخ المعاصر هو الأقوى، وهو يلعب مع “عالم المستهلك” لعبة المراحل المؤقتة، فيجعلهم يعيشون ضمن شعور بحصول التغيير لمدة سنوات، ثم يدمر بما له من أيادٍ خفية ووسائل ماكرة هذا التغيير عن طريق سوء تطبيقه. فينقلهم إلى سراب آخر، وهكذا. عندما خرج “العرب” من قبضة “الاحتلال الغربي” كان “الحكم الوطني القومي” هو “التغيير الآمل”، ولكنه ما لبث بسبب سوء التطبيق أن فشل، ثم قفزت “العسكرية” على “الوطنية” ومعها الألق الاشتراكي، والبريق الثوري، والوهج القومي، وما لبث أن جفت النشوة وصحا النائم على واقع الهزائم العسكرية، والانهيارات الاقتصادية وما تبعها من انهيارات اجتماعية وقهر وإذلال وجاء الآن دور ما يسمونه بالإسلام السياسي، فهل سيلقى نفس المصير؟ أم أن القائمين عليه يدركون هذا فلا يستسلمون؟ علم ذلك عند المستقبل.
هل بوسع الإسلاميين تصدرهم لوحدهم للمشهد؟ أم أن ذلك ليس من مصلحتهم وما لم يقدموا عليه وقد استفادوا من عواقب الاستئثار بالحكم ممن سبقهم؟ ثم ما هي القوى المعارضة البديلة التي ستفرضها الساحة لمعارضتهم؟ وهل لها صلة من نوع ما بالغرب؟
ليس في وسعهم ذلك على ما أرى، بل وليس من مصلحتهم ذلك، فهم قد عانوا من مرارة الاستئثار ما يكفيهم ليدركوا أن الاستئثار بالحكم عواقبه وخيمة. أما القوى المعارضة فهي موجودة في الساحة لم تغب، ولن تعب. وما دامت هناك معارضة حقيقية قي ظل ديمقراطية حقيقة فلن يسمح بوجود استئثار، ولا تتصدّر فئة على أخرى، قد تكون هناك أكثرية ما تلبث أن تعود أقلية والعكس صحيح وهذه طبيعة النظام الديمقراطي، أما إذا حصل هذا الاستئثار فاعلم أن التجربة غير ديمقراطية وفاشلة أيضا. فالعالم اليوم عالم يخرج من عباءة المألوف وليس إلى إرجاعه من سبيل.
ثمة تحدٍ كبير أمام الإسلاميين خلال الفترة القادمة يتمثل في التحدي الاقتصادي الذي يكاد يكون هو صوت النفير للملايين التي هبت ثائرة لكرامتها بعد طول معاناة.. ألا ترى أن الجماعة أمام مهمة إيجاد نظرية اقتصادية ثالثة بدلا عن الاشتراكية والرأسمالية التي فقد معهما المواطن العربي أمله؟
ليس التحدي مقصورا على هذه الأحزاب وحدها، ولكنه تحد لكل حزب على مستوى العالم، ولدى “الإخوان” بالذات كوادر اقتصادية كثيرة، ومواهب كبيرة تمكّنهم من تقديم النظرية الاقتصادية الثالثة، في العالم العربي، كما تمكنت دولة إيران من بناء اقتصاد قوي أيضا، لكن المشكلة هي أن “الاقتصاد” عند “المذاهب السنية” وهم أكثرية العالم العربي ممزق بين أروقة التمذهب والتعصب، وهذان يشكلان عقبة في طريق تحقيقه. ويخيل إلي أن ليس في وسع الأخوان وحدهم أن يحلوا مشاكل مجتمعهم لأن التحدي لا يخصهم وحدهم بل يخص كل فريق.
ما هي آفاق القضية الفلسطينية مستقبلا على ضوء التحولات الجارية اليوم؟ هل سيكون الجهاد المقدس هو الحل كما كانت تنادي به الجماعة سابقا؟ أم أن الحل سياسي دبلوماسي؟
أنا من المؤمنين بأن مستقبل القضية الفلسطينية يوعد بالنجاح مهما طال الوقت، لقد بقي “الأفرنج” محتلين ل“فلسطين” مدة مأتي عام، ثم أُخرجوا منها مذمومين مدحورين، واعتقادي أنه كلما تحرر “العرب” من الهيمنة الغربية، كلما كانوا أقدر على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لكن في ظل الوضع الراهن يبدو التحرير ليس قريبا، لأن سلاسل الغرب تطوق أعناق وأيدي معظم حكام العالم العربي، ومن ثم فقد يطول الاحتلال لبعض الوقت، ولكن ليس لكل الوقت. ونحن نعرف أن الحملة الغربية قوية على موقف “الممانعة” للوصول إلى الحل السياسي المعروف سلفا.
ما الذي جعل حكام سوريا صامدين حتى الآن، وحكمهم كبقية الأنظمة العربية؟ ألا ترى أن إحساس الناس بدور أي حاكم يمانع ويقاوم المحتل في مثل هذه الظروف يجعل الأمة تضحي كثيرا بحقوقها في سبيل غاية نبيلة. التقت الأمة حول “صلاح الدين” مع أن حكمه الداخلي كان استبداديا قاسيا، ولكنهم تحملوه، كما تحملوا حكم “المماليك” من أجل الغاية المقدسة تحرير فلسطين, أنا لا أقر نظام الأسد ولا أتعاطف معه وهو كغيره من الأنظمة الدكتاتورية العربية، ولكني أتحدث عن المسؤولية الكامنة وراء كل قلب عربي ومسلم يجدها إزاء “القضية الفلسطينية”، ولست في شك من أن تصريح الأبله “برهان غليون” بالاعتراف ب“إسرائيل” من ناحية، وظهور التدخل الغربي السافر من ناحية أخرى، قد قوى موقف “الأسد” لما للقضية الفلسطينية من وجود في قلب كل عربي ومسلم، وما في قلب كل وطني من كراهية تدخل أجنبي في وطنه خاصة بعد أن ذاق العرب صنوف العذاب من هذه التدخلات. لو أن المعارضة تمسكت بمبدأ الممانعة والمقاومة إسرائيليا لنجحت في رأيي لكن التدخل الخارجي عبث بها.
في صورة غير متوقعة تسللت الانتفاضات الشعبية اليوم إلى كثير من دول الغرب لا نستطيع فصلها عما يجري في الوطن العربي في الوقت الذي لا نستطيع الجزم أيضا بأنها من نسلها؛ لكن تبقى المسألة مثيرة للتأمل.. كيف ترى؟
في اعتقادي أن دور الغرب بما فيه أمريكا بدأ في العد التنازلي، وأن العملاق الشرقي الصيني الذي تنبأ الفيلسوف الجزائري “مالك بن نبي” بأنه دورة الحضارة الجديدة منذ ستين عاما وكان الغرب في ذروة ازدهاره بدأ في الدور التصاعدي، وبظهوره ستفرض حالات جديدة حتى يصبح الشرق في المستقبل هو القائد والغرب هو المقود.
ثانيا: إن النظام الرأسمالي أعلن فشله بصوت جهير، وما هذه الانتفاضات الشعبية الغربية إلاّ التعبير عن هذا الفشل. إن الغرب يعاني انهيارات اقتصادية واجتماعية وأخلاقية إلى درجة أن مظاهرات ضخمة في “فرنسا” قامت مطالبة بتغيير النظام الفاسد نفسه، في مجتمع نظن نحن بسبب أنظمتنا الفاسدة أنه بلغ الكمال، بينما هم يظنونه أنه بلغ الفساد. هذا هو الفارق بيننا وبينهم. أليس في تلك الانتفاضات والمظاهرات ضد العولمة وضد الفساد الداخلي إيذانا ببدء انهيار تلك الهيمنة؟ لقد بدأ عالم جديد يبحث عن ذاته.
يقال إن ثمة تحولات جوهرية ستطال منظومة النظام الرأسمالي خلال الفترة القادمة تتمثل في بعض المراجعات في السياسات الاقتصادية للحد من السيطرة المتوحشة التي يئن منها العالم اليوم.. ما ملامح هذا التحول إن صح أولاً؟ وهل ستراجع الرأسمالية نفسها لتتجدد قبل أن تتبدد؟
معظم هذا السؤال أجبت عنه فيما سبق, أما أن الرأسمالية ستراجع نفسها لتتجدد؛ فأمر متوقع، ولكنها مراجعة ترميمية، ولم يعد الترميم قادرا على الصمود. وكما يقول الشاعر العربي: وهل ينفع العطار ما أفسد الدهر؟ لقد أفلست الرأسمالية أو بدأت تشهر إفلاسها، وإفلاسها يفسح الطريق إلى النظرية الأنقى لو أحسن المسلمون إظهارها, وبالطبع فهذا التغيير الكبير في دورة الحضارة لا يحدث في بضع سنوات ولكن الانهيار قد بدأ فعلا.
يتنبأ البعض أيضا بتحول كبير يطال منظومة الثقافة الغربية السائدة بفلسفتها المادية التي سيطرت على الذهنية العامة وصارت صنما يعبد باتجاه تعزيز القيم الإنسانية المشتركة بين الشعوب وصولا إلى “الإنسان الجديد” حسبما يرى المفكر اليمني الأستاذ أحمد الأسودي.. خاصة وثمة من الأدوات ما يعزز ذلك كالعولمة مثلا.. إلى أي حد ذلك متحقق؟ ومن جهة ثانية: ألا نعتبر هذا التحول نسفا لنظرية صراع الحضارات الذائعة الصيت؟
التنبؤ بتحول منظومة الثقافة الغربية السائدة بفلسفتها المادية إلى حقيقة أصبح حقيقة ولم يعد تنبؤا، بل فعلا، وليس تفكك جدار النظام الاقتصادي الرأسمالي إلا هذا الفعل، فالتطور لا يتوقف قط، وأما “العولمة” فهي المحاولة الغربية من قبل “الدول السبع الاقتصادية” لإعادة هيكلها المتصدع، ولهيمنتها على “عالم المستهلك” فهي نوع من الاختلاس الاقتصادي، وليست في رأيي من الأدلة على ظهور الإنسان الجديد، ولكنها محاولة لإخراج الإنسان القديم في ثوب جديد. وأعترف أنني غير خبير بالاقتصاد حتى أفي الموضوع حقه، ولكني مجرد راصد للتحولات الواضحة التي لا تخطئها العين.
تشهد المنطقة العربية حاليا صراعا حادا بين طرفين، سني شيعي، هل الصراع في حقيقته كذلك؟ أم أن الصراع سياسي في الأصل تداخلت أطرافه؟ ومن جهة ثانية: لماذا هذا العداء بين الطرفين على الرغم من المشترك التاريخي بينهما؟ لماذا لا نجعل من هذا المشترك التاريخي رافعة سياسية نحو الوصول إلى تحقيق عملية تكامل مشترك بين الطرفين لاسيما والمصلحة تفرض ذلك؟
الخلاف المذهبي في العالم الإسلامي قديم منذ أن لاحت نذر التخلف في الحضارة الإسلامية، لكنه كان في البدء خلاف آراء وصراع أقلام، ليس فقط بين سني وشيعي، ولكنه كان داخل أجنحة المذاهب كلها. داخل مذاهب أهل السنة أنفسهم، بين أجنحة السلفيين أنفسهم، بين أجنحة الشيعة أنفسهم أيضا، لقد وقفت الحنابلة ضد الأحناف وضد الشافعية إلى درجة أن الابن كان يكفر أباه، ولم يجرؤ أحد أن يشيع العلامة الكبير والمؤرخ الكبير الإمام الطبري إلى مثواه الأخير خوفا من الحنابلة لأنه خالف الإمام أحمد بن حنبل، وهناك معارك دارت بين بقية المذاهب رواها المؤرخون كابن الأثير وغيره، لكن المشكلة أن الصراع بدأ يأخذ شكله الرسمي منذ أن جاء “الخوارزميون” إلى الحكم وتلاهم “السلجوقيون” وبلغ هذا المد ذروته عندما حصل القتال بين “العثمانيين” وبين “الصفويين” فقد تعمد هذا الصراع بدم قوتين متكافئتين؛ تبنى العثمانيون تبريرا لحربهم إيران راية “السنة”، وتبنى”الصفويون” لتبرير حروبهم العثمانيين راية “التشيع الإمامية” وقد أدرك العثمانيون فوائد هذا الانقسام للسيطرة على العالم السني فرفضوا إلغاء المذهبية عندما تقدم “نادر شاه” الشيعي المعتدل بهذا العرض على نحو ما وضحت في مقالات لي حول “مثلث القوة” فلا حاجة للإيغال فيه.
والخلاصة أن صراع المذاهب بالأقلام قد تحول إلى صراع أسنة وحراب ، لأن “الساسة” تمكنوا من المذاهب فوجهوها حيث أرادوا. وهكذا ورثنا التعصب المذهبي منذ زمن قديم حيث احتفظ كل فريق لنفسه ب“الفرقة الناجية” ورمى الآخرون في جهنم، ومن الأكيد أنه لكي نفكك الأغلال السياسية الفردية أن نفكك الأغلال المذهبية أيضا، وإلا فسنكون قد أبقينا القيد مع بقية الأغلال الأخرى.
ما يتعلق بالشأن اليمني: تاريخ اليمن يكاد يكون كله صراعا وحروبا عدا فترات محدودة.. ما حقيقة هذا الصراع؟ وما تأثيره على واقعنا اليوم؟ ثم لماذا لم يستفد اليمنيون من موروثهم التاريخي الذي يصل ربما إلى خمسة آلاف سنة تقريبا كان لهم شرف المساهمة في صناعة واحدة من أرقى الحضارات الإنسانية؟
ليست اليمن وحدها مَن كان تاريخه صراعا وحروبا، بل كان تاريخ المسلمين كله من هذا النوع، بل تاريخ العالم كله، ولو رحنا نفتش عن السبب لوجدناه باختصار في “فقدان العدل” وعندما يفتقد الناس العدل يتخلق فيهم ضراوة الدفاع الغريزي المتوحش، وهنا يكون المجال مفتوحا أمام الطامحين فيعيثون في الأرض فسادا، وتندلع الحروب هنا وهناك.
أما لماذا لم يستفد اليمنيون من موروثهم التاريخي الذي يصل ربما إلى خمسة آلاف سنة تقريبا، وقد كان لهم شرف المساهمة في صناعة واحدة من أرقى الحضارات الإنسانية؟ فيجب أن نفرق بين فترتين: فترة الحضارة القديمة، وبين فترة الحضارة الإسلامية، فبالنسبة للحضارة القديمة حصل انقطاع كامل بين اليمني وحضارته حتى أمس القريب، كما كان الحال في مصر، ومن ثم فالمتحصل الإفادة من معدوم. ثم لما كانت الحضارة الإسلامية في أوجها كان لليمنيين مساهمات رائعة فيها، ولكن خارجها ك“الأندلس” مثلا، أما داخلها فقد ظل محصورا داخلها، ومن ثم فلم يستفد مما هو بعيد. ثم إن اليمن وخاصة في الشمال ازدهر فيها العقل المعتزلي الديني لكن خبا منها العقل العلمي التطبيقي بغياب “المطرفية” فرسان هذه الساحة، أما الفقه السياسي وإن كانت الزيدية تتقدم على سائر المذاهب الإسلامية إلا أنها لم تخرج عند التطبيق وفي حالات كثيرة عن الخط السياسي، وكانت نظرياته المتطورة مخالفة لواقعه في معظم الأوقات.
الإسلاميون في اليمن جزء من تيارهم الكبير في المنطقة وهم أيضا جزء من مجتمعهم اليمني، ألا ترى أن أمامهم كثيرا من التحديات المستقبلية وهم يتصدرون المشهد السياسي أو يكادون أكثر من غيرهم خاصة في قضايا لاتزال مثار جدل داخل أروقة الجماعة نفسها كقضية المرأة والفنون والقبيلة..؟ كيف يمكن تجاوز ذلك؟
صحيح كل ما ذكرتم، ولا يمكن أن يتجاوزوا ذلك إلا إذا تحولوا إلى أحزاب حقيقية لا إلى أحزاب مذهبية أو مرتبطة بمذهب حتى يتخلصوا من إرث “علماء السلطة” ومن الاستسقاء من فقه متخلف.
فيما بين الحكم المحلي كامل الصلاحيات ونظام الأقاليم أو الفيدرالية تتصارع آراء اليمنيين اليوم في ذلك.. ما الذي تراه صالحا لليمنيين خلال الفترة القادمة؟
سبق لي أن طرحت في البداية فكرة “اللامركزية” فشنّ البعض من أنصار الرئيس السابق وحزب الإصلاح معا عليّ هجوما كبيرا حتى كتب بعضهم بأنني كفرت بالله وبالأمة، لأني طرحت اللامركزية، ثم ما لبث الرئيس السابق وحزب الإصلاح أن تبنوها لأسباب لديهم، ولاح أن اللامركزية تأخذ طريقها إلى التحقيق، ولكن
لم يكن الإخراج حسنا، فظهرت وكأن المركز يحكم اللامركزية بقوة، ثم كان الحرب والانفصال وظهر الحراك الجنوبي مطالبا بالانفصال فلم تعد اللامركزية كافية، بل لابد لتوقي انفصال تام من “اتحاد فيدرالي”، ولكن ليس بين دولتين أو إقليمين، وإنما بين عدة مخاليف تقوم على المصالح الاقتصادية، لا على المذهبية، ولا العشائرية ولا المناطقية، كما قضت بذلك “وثيقة العهد والاتفاق”، أن الدعوة إلى اتحاد مؤقت بين الشطرين يخفي بين طياته إرادة مبيتة للانفصال بعد فترة معينة عبر انتخابات تقوم من أجل هذا الغرض، أنا لا أرى هذا حلا لأنه يذكرنا بانفصال “جنوب السودان” وما خلّف من قتال وتقاتل بين الأخوين. صحيح انه يحق لأي “مخلاف” أن يستقل كما هو الحال في مقاطعة “كيوبك الكندية” لكن بشرط أن توافق “الأكثرية” من سكانها المتعددين العروق، وبعد أن يكون الاختلاط بين سكانها قد تم.
ما التحديات التي تراها ماثلة اليوم أمام حكومة الوفاق الوطني؟ وكيف يمكن تجاوزها؟
تراث تاريخي كبير لا أعتقد أنها قادرة على تجاوزه بنجاح خلال السنتين القادمتين خاصة والأجواء السياسة ليست رخاء، وأن “الوفاق” ملغم بالشقاق، وأن رؤية البعض للحكم مثقلة بماضيها الفردي، وارتباطها المذهبي، ثم إن رجال الأمس هم رجال اليوم، كل ذلك يشكل عقبات كبرى في طريق ثورة الشباب. والأمل الصافي في الشباب، وكان الله مع الشباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.