الحرية شيء جميل.. غاية الإنسان أن يكون حراً ليحيا حياة سعيدة وكريمة. وعبادة الله وحده لاشريك له باب الحرية الوحيد للإنسان, أياً كان وفي أي مكان على وجه الدنيا. إن المسلم عندما يعبد الله وحده، إنما يحقق حريته وكرامته, باعتباره مخلوقاً كرمه الله وفضله على كثير ممن خلق تفضيلاً.. وإذا كانت الصلاة هي أقدس العبادات وأشرفها وأحراها بالأداء, قد تسقط أركان الإسلام الأخرى لعدم القدرة والاستطاعة ولاتسقط هي, فإن هذه الصلاة لاتصح إلا بالفاتحة والفاتحة مفتاح سر حرية المسلم.. فالعبودية لله وحده وطلب العون والنصرة إنما تستمد من الخالق العظيم «إياك نعبد وإياك نستعين» والهداية لسعادة الدنيا والأخرى لاتكون إلا عبر صراطه المستقيم «اهدنا الصراط المستقيم», لأن طرق الهداية ليست على نمط واحد, بل قد يتوهم المرء أنه يسير في طريق الهداية, فيكون سايراً في طريق الغواية, فالصراط المستقيم هو طريق الله لاغير «اهدنا الصراط المستقيم», وهو الصراط المفضي إلى النعيم, نعيم الرضا والسلام النفسي في الدنيا والنعيم في الآخرة.. إنه صراط متميز لأنه خاص بالمسلم دون غيره من بني الإنسان، فكأن أي طريق يراه الإنسان دون طريق الله فهو مؤد للضلال لامحالة«صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين». إن الحرية قيمة عظمى من قيم الإنسانية الفاضلة, تقع في أول سطر في كتاب العقيدة الإسلامية, الحرية في الإسلام من دواعي الفطرة, ولذلك فإن القرآن الكريم عدها في طليعة آياته الكريمة من حيث الحث على التوحيد واجتناب الشرك, الذي هو من دواعي العبودية للعباد والأهواء والرغائب الدونية الرخيصة. لن تكون الحرية مستوفاة وفق الطبيعة البشرية ومنسجمة مع مخلوقات الكون، إلا إذا تحقق في صاحبها الانقياد لدين الفطرة, دين الإسلام الحق وطريقه المستقيم.. إن أية حرمة بدون الإسلام هي عبودية محض وطريق غير مستقيم, يكرس دونية الإنسان الذي يحتكم لشريعة العبيد، وكثير من المسلمين مطالبون بفقه الدعوة الإسلامية ليكونوا أكثر مستحقي الحرية الكاملة.