الأحزاب والمكوّنات السياسية تدعو المجلس الرئاسي إلى حماية مؤسسات الدولة وتحمل مسؤولياته الوطنية    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    المرتضى: تم التوقيع على اتفاق انتشال وتسليم الجثامين من كل الجبهات والمناطق    ذمار.. مقتل مواطن برصاص راجع إثر اشتباك عائلي مع نجله    النائب العام يأمر بالتحقيق في اكتشاف محطات تكرير مخالفة بالخشعة    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    فتح ذمار يفوز على فريق 22 مايو واتحاد حضرموت يعتلي صدارة المجموعة الثالثة في دوري الدرجة الثانية    مجلس الأمن يطالب بالإفراج الفوري عن موظفي الأمم المتحدة المحتجزين لدى سلطة صنعاء    علماء وخطباء المحويت يدعون لنصرة القرآن وفلسطين    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    مؤسسة الاتصالات تكرم أصحاب قصص النجاح من المعاقين ذوي الهمم    شباب عبس يتجاوز حسيني لحج في تجمع الحديدة وشباب البيضاء يتجاوز وحدة حضرموت في تجمع لودر    القاعدة تضع السعودية والإمارات في مرمى العداء وتستحضر حديثًا لتبرير العنف في أبين وشبوة    تحذيرات للمزارعين مما سيحدث الليلة وغدا ..!    الشيخ أمين البرعي يعزي محافظ الحديدة اللواء عبدالله عطيفي في وفاة عمه احمد عطيفي    شبوة تنصب الواسط في خيمة الجنوب    الدولار يتجه نحو أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من 20 عاما    الرئيس الزُبيدي: نثمن دور الإمارات التنموي والإنساني    مصلحة الجمارك تؤيد خطوات الرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    لملس يتفقد سير أعمال تأهيل مكتب التعليم الفني بالعاصمة عدن    أبناء العمري وأسرة شهيد الواجب عبدالحكيم فاضل أحمد فريد العمري يشكرون رئيس انتقالي لحج على مواساته    سوريا.. قوة إسرائيلية تتوغل بريف درعا وتعتقل شابين    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    السلطة المحلية بمحافظة لحج تعلن دعمها الكامل لقرارات الرئيس عيدروس الزبيدي واستعادة دولة الجنوب    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة الدكتور "بامشموس"    هدوء في البورصات الأوروبية بمناسبة العطلات بعد سلسلة مستويات قياسية    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    سياسي عماني: خيبة أمل الشرعية من بيان مجلس الأمن.. بيان صحفي لا قرار ملزم ولا نصر سياسي    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    حوادث الطيران وضحاياها في 2025    اختتام دورة تدريبية لفرسان التنمية في مديريتي الملاجم وردمان في محافظة البيضاء    تونس تضرب أوغندا بثلاثية    إغلاق مطار سقطرى وإلغاء رحلة قادمة من أبوظبي    قراءة أدبية وسياسية لنص "الحب الخائب يكتب للريح" ل"أحمد سيف حاشد"    البنك المركزي يوقف تراخيص فروع شركات صرافة بعدن ومأرب    خطوة إنسانية تخفف المعاناة.. السعودية ترحب باتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    هيئة الآثار: نقوش سبأ القديمة تتعرض للاقتلاع والتهريب    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    مستشار الرئيس الاماراتي : حق تقرير المصير في الجنوب إرادة أهله وليس الإمارات    فقيد الوطن و الساحه الفنية الشاعر سالم أحمد بامطرف    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    صلاح ومرموش يقودان منتخب مصر لإحباط مفاجأة زيمبابوي    الخارجية الروسية: روسيا تؤكد تضامنها مع فنزويلا على خلفية التصعيد في البحر الكاريبي    فنان تشكيلي يتلقى إشعاراً بإخلاء مسكنه في صنعاء ويعرض لوحاته للبيع    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن.. أزمة استهتار بقيم الدين الحنيف!!
نشر في نشوان نيوز يوم 25 - 03 - 2011

تعيش اليمن في المرحلة الراهنة امتحانا عصيبا وصعبا في خلاف تصاعدت وتيرته حين اختلقت بعض أطراف التنازع والخلاف أزمة عميقة وخطيرة تمثلت في التأجيج والاحتكام إلى الشارع الذي يعني الفوضى والإزعاج وترويع الناس البسطاء والزج بالبلاد والعباد في أتون صراع وفتنة لا ترضي الله ولا رسوله ولا جماعة المؤمنين, ولا يستطيع احد التنبؤ بما ستجره مخالفة تعاليم الخالق جل وعلا, وعدم تمثل تعاليم خاتم الأنبياء والمرسلين من عواقب, والتي أدار البعض لها ظهره إلى الدرجة التي أصبحت ديمقراطية الغرب المستوردة لدينا سنة بديلة ومقدمة عما بين أيدينا من كتاب الهدى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.

كما أن من مقتضيات الإيمان وجوب الاحتكام إليه والى سنة رسوله الكريم ( ص ) حال التنازع والخلاف يقول سبحانه وتعالى " فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا " النساء 59, " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا واطعنا " النور 51 , " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " الأحزاب 36, " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا " النساء115, صدق الله العظيم , وغيرها وغيرها من الآيات والتعاليم التي نحن جميعا مسئولون عنها أمام الله , وحجة علينا يوم نلقاه , ولا اعتقد أن شخصا مسلما لا يعلم أو لا يفهم معنى هذه الأوامر والتوجيهات والتعاليم الإلهية المقدسة , وبالتالي لا اعتقد أيضا أن شخصا رضي بالله ربا وبالإسلام دينا ومرجعا ونجاة وخلاصا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا وإماما ومعلما ومنقذا ولا يدرك عواقب المخالفة والعصيان لأوامرالخالق عز وجل " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم " النور63.
نعم إنني من واقع الأزمة التي تمر بها بلادنا والشد والجذب التي تشهده الساحة السياسية والعناد الذي تظهره بعض الأطراف بعيدا عما نؤمن به من القيم وما أمرنا الله به من صدق التعامل قولا وعملا وان ننصح لله ولرسوله أولا وابتداء ولأئمة المسلمين وعامتهم آخرا , وان نقول الحق ولو على أنفسنا ... نعم هذا ما تأمرنا به عقيدتنا ومبادؤنا وأخلاقنا وقيمنا وان لا نحيد عن الحق أبدا "ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى" المائدة 8, " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " التوبة 119, ثم لا يجب أن تكون أفعالنا وأعمالنا على غير ما نقول وخلاف ما نؤمن به فذلك من المقت " كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " الصف 3.
الحقيقة أن ما تعانيه الأمة اليوم هي أزمة خلق ودين قبل أن تكون شيئا آخر, ازمة ناتجة عن استخفاف واستهتار يتمثل بالابتعاد عن قيم الدين الحنيف وتعاليم الإسلام السمحة وعدم إنفاذ أوامر الله عز وجل ورسوله الكريم ( ص) في التوحد وعدم التنازع , والاعتصام بحبل الله المتين الذي ارتضاه لنا من الدين واعتماد النصيحة التي هي عنوان الدين كما ورد عن نبي الإسلام محمد ( ص ) " الدين النصيحة , قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم " – والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – والإصلاح بين الناس خصوصا جماعة المؤمنين " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله " الحجرات10, " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس "النساء114 , فكيف بمن يؤجج ويدعو للفتنة والشقاق بين الناس ؟ وصفها الرسول الأمين والرحمة المهداة ( بالحالقة ) وقال : لا أقول تحلق الشعر لكنها تحلق الدين أو كما قال عليه الصلاة والسلام, بل إن ترويع الناس أو إخافتهم حرام حرام في شريعتنا الغراء, حتى لو كان مزاحا, وكثير من الناس يعلمون ذلك علم اليقين ثم لا يحذر بعد هذا دعاة الفتنة وعيد الآخرة والحساب والعقاب الشديد, والعياذ بالله, ....كما حذرنا من اختلاق الفتن ونتائجها الوخيمة " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة , واعلموا أن الله شديد العقاب " الأنفال 25.
وليت الأمر يقف عند عدم الامتثال لأوامر الشرع واجتناب نواهيه والاستهانة والحذر من المخالفة الصريحة لنصوص القران والسنة وتعاليمهما , بل إن الكارثة حين يغدو الأمر إلى ما يشبه الاستخفاف والاستهتار والتحدي ويا لها من مصيبة لا يلقى لها البعض بالا فتصير عليه وبالا ونكالا في الدنيا والآخرة , لأنها هكذا هي سنة الله في العباد المخالفين والمتحدين للإرادة والسنن الإلهية وكذا هي في حق الكاذبين والمفتئتين على الله وعلى رسوله " ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم , ألا لعنة الله على الظالمين " هود 18, " ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة " الزمر60.
ثم ماذا عن سوء الأخلاق والتلاسن والتلفظ بالبذاءات والألفاظ النابية وما تحمله بعض الشعارات واللافتات والصور البعيدة عن كل القيم الدينية والوطنية والمنافية لكل القيم السامية وعادات وتقاليد مجتمعنا اليمني المحافظ والملتزم , فضلا عن أن الدين الإسلامي الحنيف , الذي ندين به جميعا يحرم ويجرم البذاءة وسوء الأخلاق والسخرية من الآخرين سواء بالقول أو الفعل بل يجعل ذلك منافيا لحقيقة الإيمان , والجميع – للأسف يعلم يقينا – كلمات وتوجيهات الصادق المصدوق ( ص) " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " , " المؤمن ليس بلعَان ولا طعَان ولا فاحشٍ ولا بذيء " , كما أن العقيدة الإسلامية بالأساس مبنية على مكارم الأخلاق وهي سمتها الأولى" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " , والخلق القويم هو الشهادة الأزلية التي منحها سبحانه وتعالى لنبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام بقوله " وانك لعلى خلق عظيم " , وبعد ذلك يرسم تعالى للمؤمنين طريق السلامة والأمان في الدنيا والآخرة حين يوجهنا عز وجل إلى الاقتداء والتأسي بهذا الرسول العظيم ( ص ) بقوله تعالى " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا " الاحزاب 21..
أترون أعزائي كم نحن بعيدون عن ما نؤمن به وما سلمنا ورضينا به وارتضاه المولى عز وجل كطوق نجاة من غصص الدنيا وزلاتها , والفوز العظيم والتكريم في الآخرة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا , ولمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد , الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم عليه الصلاة وأزكى التسليم يدعواننا إلى التمسك بأهداب الدين القويم وعدم التفرق والتنازع , والتناصح فيما بيننا وان نكون أولياء بعض في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" التوبة 71, إلى غير ذلك من التعاليم السامية التي تحمي الكليات الخمس وتحفظ للإنسان دينه ودمه وماله وعرضه وتصون حريته وكرامته , وجميع حقوقه وتحصنه من الامتهان والذل والاستعباد بل لقد وعد الله تعالى الملتزمين بهذه الأوامر والمتصفين بهذه الصفات بالأجر والمثوبة , وتوعد المخالفين والرافضين بالخزي والعقوبة في الدنيا والآخرة.
الحقيقة لست أعرض لمعلومات جديدة هنا بالقدر الذي حاولت وزن الأمور وما نشهده من أحداث في يمن الإيمان والحكمة بميزان الشرع الشريف , وللتذكير فقط والذكرى تنفع المؤمنين وأيضا من باب الواجب المناط بكل إنسان ينتمي لهذه العقيدة السمحة التي يجب أن تكون ميزاننا وحصننا المنيع ودليلنا في بناء وتعمير الحياة وصنعها بعيدا عن توجهات وانحرافات شياطين الإنس والجن الذين أمرنا الله دائما بمخالفتهم والاستعاذة الدائمة منهم ليلا ونهارا وجعل ذلك من الأمور التعبدية " إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير " فاطر 6.
وكم يحز في النفوس ويؤلم الضمائر أن يحجم بعض علماء الدين عن البيان والتبيين وتقديم النصح , وتوجيه العامة من الجهال والدهماء إلى ما يرضي الله ورسوله , والتحذير من مخالفة الأوامر والتوجيهات الإلهية والنبوية , خصوصا في مثل هذه الظروف التي ينبري فيه دعاة الفتنة والمتآمرون من الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ...فضلا عن تفويتهم لفرصة هي من أغلى فرص العمر لدى العالم المخلص المتجرد وما يطمح إليه من الثواب الجزيل من الله تعالى , والقيام بمهمة الوريث الحقيقي لرسالات الأنبياء , وبالتالي الخلاص من المسئولية الجسيمة أمام الله والرسول ( ص ) , لان واجبات العلماء كبيرة وخطيرة إن هم قصروا أو شاركوا بصورة أو بأخرى في تأجيج الفتن , بل والأدهى والأمر من ذلك أن يتقولوا في الدين ويؤصلون شرعيا للفوضى والضرر والإضرار وترويع الآمنين من النساء والولدان والشيوخ , وصب الزيت على النار في إنتاج الفتن بين خلق الله .. نعوذ بالله , ومن قول لابن حزم رحمه الله " فلا تغالطوا أنفسكم ولا يغرينكم الفساق والمنتسبون إلى الفقه اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع , المزينون لأهل الشر شرهم , الناصرون لهم على فسقهم " , ولا شك أن من غضب الله عليه أورده موارد الهلاك والخسران المبين والعياذ بالله..
ترى أمثال هؤلاء العلماء الذين يشاركون ويوغلون في الاستهانة بأرواح ودماء وممتلكات الناس وقبل ذلك الاستهانة بقيم الدين التي تحرم بشدة مثل هذا التوجه الذي يغضب الله تعالى , ومخالفة صريحة لرسوله الذي يشدد على حرمة دم المسلم وماله وعرضه بقوله (صلى الله عليه وسلم): " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه "..وأمثال هؤلاء المتفيقهون ليسوا إلا من ضمن أولئك الذين لا يريد الله أن يجعل لهم حظا في الآخرة ولا ليهديهم طريقا , وسيحملون أوزارهم وأوزار من أضلوهم وسوغوا لهم طريق الضلال وأوردوهم المهالك , وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا , نحن بحاجة إلى علماء دين صادقين مع الله , الذين لا ينتمون إلى الأحزاب والتنظيمات السياسية لأنهم ورثة علم الأنبياء ورسالاتهم السامية , الذين هم نبراس للأمة يضيء لها الطريق ويقوم مسالكها عن الانحراف نحو الجادة وبما يحقق لها سعادة الدارين.
إن الأمر بالنسبة لهؤلاء الساكتين أو المحرضين على الفتن والفوضى والتنازع والتشاحن بين جماعة المؤمنين - عند الله - وفي حسابات العقيدة الإسلامية ليس هينا أبدا بل شديد وعظيم انه بيع للآخرة الباقية بالدنيا الفانية.
وعليه نوجه دعوة خالصة لوجه الله لكل علماء اليمن المخلصين أن يراجعوا مواقفهم وان يبادروا سريعا إلى ما يرضي الله , وبما يجنب البلاد والعباد الشرور والمحن وان يتقوا الله في أبناء اليمن , ويبذلوا ما وسعهم الجهد على تقديم النصيحة لا بل ويقدمون الحلول الناجعة بعد أن تم الاحتكام إلى أصول الشرع الشريف والى كتاب الله وسنة نبيه (ص) , والأخذ على يد دعاة الفتنة والإضرار بمصالح الوطن والشعب اليمني المسلم الذي لو نصح علماؤه في اختيار الحلول التي ترضي الله ورسوله ابتداء لسلم الجميع وقالوا سمعنا واطعنا وحينها فقط نفوز جميعا برضاء الله ويمن علينا بالتوفيق ويجنبنا الوقوع في مهاوي التردي وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن ويتقبل منا صالح الأعمال والأقوال " والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم " 2 محمد.
ومن رحمة الله تعالى بنا انه لا يتقبل من أي احد فينا أي عمل حتى لو كانت العبادة كالصلاة وغيرها ما لم نصطلح مع بعضنا , ولا يتقبل الله من المتخاصمين ... فتخيلوا معي وانتم أيها العلماء خير من يعلم ويدرك ارتباط العبادة والتقرب إلى الله بأي عمل لا يمكن في ظل حالة التشاحن والبغضاء بل حتى في أسباب تحريم " الخمر والميسر " مثلا ..جعل ارتباط ذلك بان الخمر والميسر من شانهما إيقاع العداوة والبغضاء والصد عن الصلاة , فهلا وعينا أي خطورة ناجمة عن تشجيع التخاصم والتنازع والخلاف نعم إنها خطورة تتمثل في " إحباط الأعمال " والعياذ بالله أن تضيع الأعمال الصالحة التعبدية وغيرها مع لحظة غلبة الهوى والعناد مع بعضنا .. الله ما أعظم هذا الدين الذي يربط طقوسه التعبدية والتقرب إلى الله بالوحدة والتكاتف والتكافل بل إن صيغة الجمع التعبدي في سورة الفاتحة جاءت مشيرة إلى ذلك عمدا بصيغة الجمع تأكيدا على تلك الوحدة التي أرادها الله لأمة الإسلام ولعباده المؤمنين " إياك نعبد وإياك نستعين , إهدنا الصراط المستقيم " الفاتحة 5, 6 " وان هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاتقون " المؤمنون52.
وكثيرة هي الآيات والأحاديث التي تؤكد هذه الوحدة ولا يمكن أن تكون هناك وحدة تحقق مراد الله في الأمة في ظل التخاصم والتنازع الذي يمقته الدين ويحاربه بأشد الوعيد , ولا نشك في أن أي احد فينا يقبل بان يحبط عمله الذي يعني خسارة الدنيا والآخرة والعياذ بالله ... بل وحذر الرسول الكريم (ص ) بعدم قبول الله للصلاة , نتيجة التدابر والتخاصم وهجران الأخ لأخيه وأعطاهما فرصة ثلاث ليال فقط لإعادة الانسجام وتوثيق عرى الأخوة بينهما في الحديث الذي منه " ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم قيد شبر وذكر منهم الإخوة المتخاصمين " وفي الحديث الأخر " لا يحق لامرئ مسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال , بل واستحق الخيرية منهما الذي يبدأ بالسلام على أخيه " .
إذا نحن أمام امتحانات إيمانية خطيرة مرتبطة بحركة حياتنا وتوجهاتنا ..إن لم نتنبه لها ونتبع الهدى الذي يترتب على إتباعه صلاح الأعمال والنجاة والفلاح في الدنيا والآخرة , وهنا يقع العبء الأكبر على ورثة الأنبياء من العلماء الذين ألزمهم الدين القيام بواجب البيان والبلاغ وترشيد سلوك الأفراد والمجتمعات المسلمة وتصحيح الاختلال وتقديم النصح للأمة حكاما ومحكومين , بما يحفظ كيانها ويصونها من التردي في الفتن وبحيث لا تنزلق إلى الهاوية فتخسر دنياها وآخرتها , وجدير بالإشارة إلى أن الله سبحانه قد توعد في ذات الوقت العلماء الذين لا يبلغون ولا يبينون للناس الحق من الباطل بقوله سبحانه " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون " البقرة 159, والحقيقة أن الحديث يطول في مضمار تحقيق الموازنة بين تعاليم الدين الحنيف وبين ما يعتمل اليوم في حياة الشعوب المسلمة إلى الدرجة التي يجب أن يتنبه علماء الدين إلى مهمتهم الكبيرة وواجبهم المناط بهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه بمزيد التوعية والدعوة إلى الالتزام بتعاليم الإسلام الصحيح والمنافع المرجوة من هذا الالتزام , والمخاطر التي تنطوي على عدم الالتزام والاستهانة بهذه التعاليم , والتعامل مع سنن الله في الكون وحركة الحياة بما يحقق الفلاح والنجاح في الدارين.
ولعل خير ما اسطره في ختام هذه الإشارة التي لابد للعلماء من التقاط اللحظة والتسابق فيما يرضي المولى سبحانه وتعالى .. عبارة كنت أركز عليها وأحفظها للشيخ الزنداني الذي كنت احضر خطبته للجمعة في السبعينيات وأنا في ريعان الشباب وهي الآية التي يختتم بها خطباء الجمعة خطبهم عادة , وصار الناس لا يركزون على معانيها ومحتواها الكبير لكنه قدم لها ما ينبه إلى حقيقة وأهمية محتوى الآية , وأنا اليوم أيضا اذكره بها " إن الله يأمركم بثلاث فقوموا بها , وينهاكم عن ثلاث فاجتنبوها "إن الله يأمر بالعدل والإحسان , وإيتاء ذي القربى , وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون "النحل 90 صدق الله العظيم.
حفظ الله اليمن وشعبها من كل مكروه, وهدانا جميعا إلى صراطه المستقيم, وجنبنا وبلادنا وسائر بلاد المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن, وألف بين قلوب أبنائها, ورد الأمة إلى دينها القويم ردا جميلا, انه ولي ذلك والقادر علي.
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.