أكثر من ثلاثة أشهر من الشد والجذب والفتنة والاقتتال بين أبناء الوطن اليمني.. لماذا..؟ نهدف إلى إصلاح الوضع وتغيير حال اليمن للأفضل، ولو اختلفنا في الطريق لكننا نتفق على الهدف. ولكن خلال هذه الفترة حدثت أخطاء ارتكبت من الطرفين المؤيد والمعارض للنظام وبغض النظر عن المتسبب فيها لكنها تصب جميعها تحت مسمى واحد (التعصب).. وهنا أورد بعض ما جال في خاطري: فأتعجب!! ممن يتعامل مع من خرج للاعتصام والتظاهر من الجانبين كأنه عدوٌّ له!! وبمنطق من ليس مع رأيي فهو عدوي!! ممن يتعصب لرأيه لمجرد أن أحد المقربين له يملك نفس الرأي ويخاف أن يعاديه أو حتى يظهر له ولاءه!! ممن يتعصب لرأيه ليثبت أنه يستطيع الكلام والمناقشة والحوار!! ممن يستهين بدماء أبناء الوطن.. وكأنها دماء لكفار اعتدوا على الوطن وحاولوا المساس به!! كما أتعجب!! ممن يمتدح أشخاصاً هم الشيطان نفسه بسبب انضمامه للثورة وكأنهم قد اعتنقوا الإسلام بعد ضلالة!! ممن يصف المناصرين والمدافعين عن النظام بالكفار الزنادقة الذين إما يتوبون أو ينفذ بهم حكم الله العادل!! ممن يهدد ويتوعد بأنه وبمجرد انتهاء الثورة سيقوم بمحاسبة جميع الأعداء السابقين المناصرين للنظام وكأن الوطن سيبقى ملكاً له!! من بعض من خرج إلى الساحات للتسلية ومشاهدة نفسه في القنوات الفضائية. ممن خرج من أجل مصلحة أو كسب سيحققه، إما مجاملة لفلان.. أو حتى يلاقي (حق القات) من علان!! من الكثير ممن لا رأي له، والمضحك أن البعض منهم «يخفي وجهه» خوفاً من أن يراه أحد المقربين!! ونسينا! أننا نعتنق أعظم دين. أن اليمن ملك لجميع اليمنيين وليست ملكاً لقبيلة، أو لحزب أو لعائلة أو لشخص، فهي أعلى وأقدس منهم جميعاً. أن إراقة دم مسلم أشد عند الله من هدم الكعبة. أننا أبناء بلد واحد.. ونمتلك نفس العادات والتقاليد، وأن الدماء التي تجري في عروقنا هي دماء يمنية واحدة. أن لدينا من الحضارة والتاريخ والإمكانات ما يؤهلنا لنكون قادة الأمة الإسلامية. أن من حق كل فرد أن يقول رأيه.. ولكن ليس من حقه أن يفرضه على أحد. وللأسف.. أصبحت السياسة والكلام فيها ومحاولة إقناع الآخرين بوجهة نظرنا، في المنزل، في الحارة، في العمل، في الباص، في التلفون، وحتى في الأحلام، هي شغلنا الشاغل!! والكل مبدع في الحديث فيها ولديه حججه حتى الأطفال!! تخلّقنا بخلق لم نكن نعرفه من قبل.. وأصبح من ليس معي فهو عدوي!! حتى ولو كان أخي!! كسبنا صداقات لأناس لا نعرفهم بسبب اتفاقنا وإياهم بوجهة نظر!! وأصبحوا من أشد الأصدقاء دون معرفتنا بماضيهم ومَن يكونون في الحقيقة.. وفقدنا أصدقاء وأخوة كانوا أقرب الناس لنا!! تشددنا وتعصبنا وتعاملنا مع مَن لا يوافقنا بالرأي أنه العدو الذي يبحث عن مصلحته الشخصية والذي يهدد أمن الوطن..! أطلقنا أبشع الألفاظ على من لا يوافقنا الرأي خونة، مرتزقة، بلاطجة، عملاء، مندسين، متشددين، متهورين، قطاع طرق..!! علّمنا أطفالنا ترديد آرائنا، وعكرنا طفولتهم بالسياسة المتعفنة، حتى أن البعض يقوم بضرب طفله إذا قام بترديد شعار سمعه في التلفاز أو من صديق له وكان هذا الشعار مخالفاً لما يريد!! وكأنه قد كفر بما أنزل على محمد!! فإلى متى؟! ألسنا مَن قال فينا خير البرية محمد (ص) «الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية»، وقال عليه الصلاة والسلام «جاءكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة». ألسنا نتفاخر بحضارتنا.. وبأجدادنا وبما صنعوه لنا من مجدٍ لوّثناه بأيدينا ونحن نشاهد!! فهل وصل أجدادنا إلى قمة المجد والحضارة بمجرد الكلام والانتقاد وإقصاء ومعاداة من يخالفهم في الرأي؟! لتعلم أخي.. أن مَن يخالفك في الرأي له رأيه وقناعاته، وليقينه أن رأيه هو السليم وأنك على خطأ سيحاول إقناعك ويعاديك في حالة لم يستطع لأنه يشاهدك كما تشاهده أنت. أن الكثير من أبناء الوطن (المؤيد والمعارض) لا يهدفون إلا لمصلحة الوطن ورخائه، لكننا أسأنا استخدام الوسيلة للوصول لهذا الهدف. لن نصل إلى أية نتيجة بإقصاء ومعاداة الغير، لأن الغير هو أنت. اليمن لديها من القدرة والإمكانات والعقول والثروات ما تستطيع به أن ترتقي إلى أعالي قمم التقدم والرخاء.. وأننا بتعصبنا ومعاداتنا للغير سنهوي بالوطن إلى قاع سحيق. أخيراً.. اليمن أكبر وأعلى من جميع الطامعين للوصول إلى السلطة، ونتمنى أن يتعامل الجميع من هذا المنطلق.. أن نتعامل بلغة العقل مَن يخالفنا الرأي، وتأكد أن مَن تعاديه قد يمتلك مثل عقلك أو يتفوق عليه.. كما أن الاستهانة بالغير مهما كانت مكانته لن تؤدي إلا إلى الفتنة والتعصب.. ولتعرف أنه إذا ما كابرت لرأيك وتعصبت له فإنك لست إلا أداة في يد الشيطان يحركها كيفما يشاء في وجه أخيك اليمني.. لذا كان التعصب لغة الشيطان وكما جاء في الأثر: «مَن تعلم لغة قوم أمن مكرهم».