خلال ستة أشهر من التهريج والتخريب والعنف والإرهاب رأى الشعب اليمني ما لم يكن يظنه مختبئاً في جراب الحاوي الذي جمع كل ما ابتدعته جوقة السحر والشعوذة ..لا لتثير دهشة الجماهير وإنما لتستغفلها لتمرير مشروعها الظلامي البائس. رأينا ضروباً من التهريج ، وطقوساً من الدجل ، وفصولاً من مسرح العبث ، وآيات شيطانية خرجت من أفواه المعتوهين والمتطرفين وتجار الدين وتجار الحروب وتجار السلاح وتجار المخدرات. كانت المشاهد جديدة على العامة باعتبار معرفة الخاصة بها وأثارت دهشتهم إلى حين، لكنها أبداً لم تستغفلهم، لأن أولئك الممثلين والسحرة نسوا بأن الشعب اليمني أذكى منهم في الفهم وأسرع منهم بديهة، وأكثر خبرة منهم بواقعه، ومعرفة بنفسه. وقد أرادوا أن يلبسوه جلباباً غير جلبابه وقميصاً مستورداً ينكره الشعب اليمني الضارب في عمق الحضارة وجذور التاريخ. وهاهي أيديهم قد تلطخت بالدماء وألسنتهم بالكذب ولحاهم بالحمق وقلوبهم بالنفاق والحقد، وأصبحوا أمام مساءلة الشعب عما فعلوا. فماذا بقي في جراب الحاوي من لعب انقلابية مدهشة ؟ بعد أن غرروا بالشباب ، وأقحموا الدين في باطلهم، واستخدموا كل صروف التخريب والعنف والإرهاب ؟ وما عساهم فاعلون بعد أن تبين للشعب الخيط الأبيض من الأسود من الفجر .. في فتنة أرادوا لها أن تكون ظلامية ومعتمة ؟ وما عساهم فاعلون بعد أن استنفدوا كل أدوات الكذب والدجل والصفاقة والوقاحة والعدوان والإرهاب ؟ أصبح السرك كاسداً إلا من سحرته . . كف الناس عن الإقبال عليه .. مج الناس اللُعب المكررة ، اكتشف الجمهور حيل الحواة .. والسحرة .. اكتشفوا عجز السحرة عن ابتداع حيل جديدة.. استنفدت الحيل .. وانتهت اللعبة. لكن اللعبة تركت وراءها جمهوراً كبيراً من المخدوعين والمضحوك عليهم.. لم يقبلوا بالاستغفال الذي طالهم. وذهب السحر بأصحابه لتبقى الحقيقة وينكشف الحصاد المر الذي خلفته ستة أشهر من الدجل والكذب والزيف والتمثيل غير المرخص. وهانحن الآن أمام حصاد سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي لما حدث ويحدث من مظاهر الفوضى والتخريب والتحريض والإرهاب وثقافة الكراهية وتنمية الضغينة والحقد على كل جميل في الوطن. بعد ستة أشهر من التخريب المتواصل استهلكت القوى الشريرة كل ما لديها من أدوات الشر والضغينة والقبح وأصبحت مكشوفة أمام نتائج أفعالها المشينة وثمار ما زرعته من أشواك في طريق الجميع. والآن وهي تنظر إلى ما خلفته من خراب وإلى ما خلفته في قلوب وعيون الجماهير من نماذج وصور بشعة تنم عن الحقد وعن ثقافة التطرف والإرهاب والإقصاء والتهافت على المصالح الحزبية والتنظيمية والإيديولوجية والفردية والعشائرية والمناطقية الآنية المباشرة ، ماذا هي صانعة غير محاولة الهروب إلى الأمام ومحاولة تجاهل جرائمها ولا تستطيع أن تنظر إلى ما خلفته وراءها من نماذج سلوكية مخجلة. وإذا كانت بعض القوى السياسية أو الاجتماعية قد وضعت لنفسها مكاناً فوق الدستور والقانون واستغلت تسامح النظام في الماضي أو رهانه على توازن المصالح من خلال المرجعية الديمقراطية والتمثيل المتوازن ،فإن هذا لا يعني أن الشعب يوافق بأن تحتفظ لنفسها بتلك الامتيازات وحرية العبث بأمن واستقرار الوطن بعد أن تطاولت على رموز النظام ورموز الوطن بتلك الطريقة الهمجية ،وأصرت بكل وسائل العنف على الانقلاب على الديمقراطية وكأنها ملك خاص أو عزبة خاصة تبرطع فيها كما تشاء. لقد أثبتت متواليات الأحداث بما لا يدع مجالاً للشك ، أثبتت للشعب بأن تلك القوى في صورتها السياسية أو الدينية أو الاجتماعية ومع اختلاف وتشتت مشروعها المتخلف المنكفئ على الذوات المتناقضة وعلى المصالح المتناقضة لا تمت إلى مصلحة الشعب ولا إلى أولوياته بصلة ، بل تريد فرض أجندتها الخاصة المرتهنة بالخارج ببعديه التنظيمي والمصلحي. وإزاء ما نراه من حصاد مر يجد الشعب اليمني نفسه من جديد أمام مسؤوليته التاريخية في الذود عن الشرعية الدستورية والقانونية وعن مكتسباته الوطنية وعن أمنه واستقراره من خلال محاسبة أولئك المتربصين بالوطن ووضعهم أمام جرائمهم ومحاسبتهم حساباً تندمل به الجراح ويرد الاعتبار لكرامة الشعب اليمني وخياراته التقدمية. [email protected]