كان المواطن اليمني ولمايزل يود لو أن المسجد تطهر من أن يتحيز لهذا الفريق أو ذاك ، فما يحصل الآن في كثير من المساجد لايليق بدور العبادة ولا بالمسلم الحق الذي يطلب الله أن ينزه لسانه من الرفث والفسوق والعصيان، كيلا يفقد احترامه عند الناس ويصبح ويمسي داعية حزبياً يحلل مايحلله الحزب ويحرم مايحرمه الحزب ، فيتحول الداعية إلى مثير فتنة وناكئ جراح ، بدل أن يكون داعي خير ومصلح بين الناس ، وجامع شمل ، وهادي قوم قد ضلوا الطريق وفقدوا الرشد . شباب لاعلم لهم كافٍ يعصمهم من الخطأ، يرتقون المنابر، فيسبون ويلعنون ، يدخلون فلاناً في النار ويخرجون فلاناً من الجنة ويرمون بالتهم جزافاً ، ويتقلدون وظيفة الشهود والمدعين والقضاة ويصدرون الأحكام، والدافع وحسب هو الانتماء الحزبي، أما دعاء القنوت فهو مستحب أيام النوازل كأيام اليمنيين هذه التي نعيشها ، غير أن الدعاء يكون بإصلاح حال الأمة ورفع البلاء ودفع الضر واستنزال العافية وكشف الغمة وطلب الأمن والأمان . أما أن يتحول القنوت إلى تخصيص هذا أو ذاك باللعان والاتهام بالزور والفسوق والكفر، فأي مسلم هذا وأي إمام يحق له أن يؤم الناس في الصلاة ويخطب فيهم بالمساجد. كنت أريد أن يقوم مدراء الأوقاف بواجبهم في توجيه أئمة المساجد هذه الأيام نحو ضرورة الاحتكام للإسلام الذي يحرم قتل المسلم بغير حق وأن العصبية للباطل هي عين الجاهلية، ولكني علمت أن مدراء أوقاف الجمهورية كثير منهم مشغولون ببيع الوقفيات وسرقات أراضي الوقف كما يقال، بدليل حالهم المفاجئ الذي تبدل غنى ويسراً من الحرام، وسلوا المجاورين والمعارف وأصحاب القرى والمدن والله غير غافل عما يعمل الظالمون . إن للمساجد حرمة وقداسة ونحن لا نفصل بين الدين والدنيا، لأن رسالة المسجد دنيا وآخرة، لكن لانريد أن تنحرف المساجد عن رسالتها فتصبح منابر حزبية ، لأن المصلين هم في معظمهم مستقلون ، ومن العار أن تصبح المنابر مشابهة للقنوات الفضائية الرخيصة التي تروج زوراً وكذباً وبهتاناً ضد هذا الفريق أو ذاك ... ومن حق خطيب المسجد أن يكون حزبياً ، لكن شريطة أن (يخلع ) الحزب حين دخوله عتبة المسجد !! إن كثيراً من المصلين يستنكرون أن تتحول المساجد إلى معسكرات، فللمساجد رسالة معروفة .. ولقد آن لهذه الرسالة أن تباشر مهمتها في هذا الظرف العصيب .. وإذا كان مسئولو الوقف مشغولين بما سبق فعلى المصلين رواد المساجد أن يعلنوا موقفهم لهذا الخطيب الحزبي وإن لم يستطيعوا تغيير هذا ( المنكر ) فعليهم أن يغادروا المسجد ويدعوه يلعن ويسب ويتحزب كما يريد .