عندما تسود الديمقراطية يكون الشعب سيداً والإعلام حراً يعكس تنوع الآراء وعندما تضعف الديمقراطية يتأثر الناقدون بالإعلام ويرسمون الحقيقة على قياس مصالحهم وتأخذ أبعاداً سياسية في حالات عدة وتتجلى مظاهرها في الاحتقانات وتبادل الخطابات الساخنة والعنيفة. ويمتد هذا الاحتقان الطائفي والعرقي والمذهبي والديني من حدود الواقع إلى الواقع الافتراضي وتتحول المناقشات إلى مناكفات ومشاحنات وتداعيات سياسية تقضي على الأخضر واليابس في منظومة العملية الديمقراطية وما أفرزته التعددية السياسية ومكوناتها السياسية وحرية الرأي والتعبير والصحافة. وتبرز ظاهرة ثقافة الكراهية عنواناً كبيراً لأحداث نراها على مستوى عالمنا العربي ذات الأنظمة الديمقراطية وبشكل خاص وتمتد آثاره على خارطة العالم تقريباً من أعمال عنف مباشرة بين الأنظمة المختلفة وهذا على حساب الانتماءات السياسية الديمقراطية وهذا بالطبع ينعكس سلباً على مسارات عديدة تنموية وثقافية واجتماعية ومشاريع نهضوية عربية. وبالمقابل فإن العديد من الأنظمة العربية والغربية التي انتهجت الديمقراطية والتعددية تجاوزت إلى حد بعيد مزالق التمزق والاختلاف ورست على قاعدة من السلوك الديمقراطي التعددي والغوص في الوسط الاجتماعي القومي والمدني حقق بشكل ملموس الاستقرار السياسي والأمني وإشراك الجماهير في صنع التجربة الديمقراطية بمعطياتها الحقيقية ولا سيما ما تلعبه الصحافة وما يجسده الإعلام من قيم حضارية وديمقراطية، وتتخذ الصحافة مجالات واسعة من التداول والتخاطب الإعلامي والجماهيري وتأخذ الكلمة الصادقة مكانها في النقد والتحليل السياسي ومواجهة المظاهر الاجتماعية الفاسدة وهنا تبرز المؤسسات الإعلامية واجهة لرسم الحقيقة والتصدي لكل قضايا الرشوة والفساد والمحسوبية والترفع عن السطحية والمادية وتعميق مفهوم الديمقراطية في حياة الناس والمشاركة في هموم الناس والوطن وخلق خطاب إعلامي مرن. وهذا المقال يقودنا بالضرورة إلى ملامسة ما حققته التجربة الديمقراطية في بلادنا الجمهورية اليمنية منذ تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الثاني والعشرين من مايو 1990م والتجسيد الحقيقي لمكونات وإفرازات الديمقراطية بدءاً بالتعددية السياسية وحرية التعبير والرأي والصحافة وصولاً إلى الانتخابات الديمقراطية البرلمانية كشكل أرقى للعمل الديمقراطي. هذه الخطوات المتسارعة في هيكلة المسيرة الديمقراطية أوجدت بالضرورة مناخاً إعلامياً وصحافة بنكهة ديمقراطية وتحقيق العديد من المنجزات الاقتصادية والتنموية والاستثمارية والتربوية والتعليمية والمشاركة الجماهيرية الواسعة في هموم الشعب والوطن اليمني وهذا ما عكسته الخطط الخمسية المنفذة على مدى السنوات السابقة وهذا مما عمق الترابط الجدلي بين السلطة السياسية والشعب وحماية المنجز الوطني العظيم.. الوحدة اليمنية.