مع الأيام اتضح أن الكثيرين من الذين يشتغلون بالسياسة والذين يتزعمون أحزاباً سياسية أو ينطقون باسمها لا يعلمون ماذا يريدون وإلام يريدون الوصول؟ قد يقول قائل إنهم يريدون الوصول إلى السلطة وقد أعلنوا مطلبهم للجميع، لكني أقول بأن إعلان الهدف لا يعني أن صاحبه قد أدرك ماذا يريد بالتحديد،وهذا هو حال أحزاب المعارضة اليمنية المنضوية تحت مسمى “اللقاء المشترك” حين أعلنت عن رغبتها في إسقاط النظام استغلالاً لمطالب شعوب عربية أعلنت عن نفس الرغبة قبلها فوجدت لمطلبها من يتفهمه نظراً للظروف السياسية وطبيعة أنظمة الحكم في تلك الدول. المعارضة اليمنية اجترت نفس المطلب وخرجت بأنصارها إلى الشارع وافترشته منذ أشهر عدة رافعة شعارات السلمية التي سرعان ما تساقطت وتحولت إلى عنف يستهدف الجميع دون استثناء وجرى استهداف مصالح شعب بأسره بما في ذلك مصالح أنصار المعارضة الذين هم جزء من هذا الشعب، فهل يمكننا القول بأن عملاً كهذا ينم عن إدراك ودراية سياسية أو غيرها؟ بالتأكيد لا، ثم تبلورت المعارضة لتصبح معارضة مسلحة تتشكل من مثلث عسكري قبلي ديني لجماعة الأخوان المسلمين وتلاشى دور بقية أحزاب اللقاء المشترك وذهب أدراج الرياح ولم يعد وجود تلك الأحزاب يعني شيئاً بالنسبة لمثلث الحرب والفوضى، اأتضح بأن الشباب الذين نزلوا إلى الشوارع بأهداف منطقية ومعقولة في بادىء الأمر ومن ثم الأحزاب القومية والأممية في نطاق المشترك، كل أولئك اتخذ منهم مثلث الأخوان مطية مؤقتة لمساعدته لتحقيق مآربه في السيطرة على المال والسلاح للوصول إلى سدة الحكم، ولن يكون لمن هم خارج نطاق مثلث الإخوان أي دور في المستقبل، هذا إن لم يُطلب منهم الأحزاب الأخرى والشباب إعلان إسلامهم على طريقة الإخوان والإيمان بأضلاع المثلث الإخواني كبديل لنظام الحكم الحالي. هنا يمكننا القول بأن تلك الأحزاب المضحوك عليها والمخدوعة لم تدرك ماذا تريد في ظل ما أسفرت عنه الأزمة من تحالفات بين قوى الإخوان في اليمن العسكرية والقبلية والدينية المتطرفة والحقيقة ثمة شك يراودني بأنهم يدركون ولكنهم وجدوا أنفسهم في ورطة غير قادرين على الخروج منها لأن مثلث الإخوان يؤمن بسفك الدماء والقتل وبالتالي كأن الخوف على المصالح والأرواح هو سر الانجرار غير المفهوم من قبل الأحزاب القومية والأممية والوسطية والكثير من الشباب المستقل خلف تصرفات وأفعال الأخوان التي أوصلت الجميع إلى دائرة مفرغة في الوقت الذي كان الحديث يدور حول دولة مدنية عاد دور القبيلة والشيخ ليطفو على السطح وإذا بنا نتحدث عن “يمين الشيخ” الذي تعهد بإسقاط النظام متجاوزاً كل البنى السياسية التي جرى التعاطي من خلالها والتي اعتمدت كنظام حكم من يوم ميلاد الوحدة المباركة.. ثم ارتفع صوت الفتوى الدينية من خلال ضلع المثلث الديني الذي حول السياسة إلى جهاد ؟! وفي سياق الأزمة ظهر الجناح العسكري “الضلع العسكري في مثلث الأخوان” لينذر بكوارث كبرى ويهدد بعودة الشمولية وظهور المحاكم الميدانية وهذا الجناح لا يحتكم لشيء من القوانين سوى أوامر القائد.. هنا يتأكد جلياً بأن أحزاب المشترك من غير الأخوان لا يدركون شيئاً طالما ظلوا على صمتهم ولم يعلنوا موقفاً واضحاً من انحراف مسار العملية السياسية بهذا الشكل المرعب منذراً بوضع لا يخدم أحداً ويقود نحو الهاوية..