“حقا أن الإنسان عدو لما يجهل. وأكثر من ذلك, بل سبب هذا العداء, الخوف مما لا نعرف!!” د.هاني يحيى نصري لذلك أفرد ابن سينا في كتابه الإلهيات من ( الشفاء )الفصل السادس باب العناية وبيان كيفية الشر في القضاء الإلهي عن كيفية دخول الشر في كل شيء عبر الجهل وإيضاح كيف يعمل الشر في هذا الوجود !! وأن الفكر الإنساني هو : فاعلية نقل المجهول إلى المعلوم، أي فاعلية نقل العدم إلى الوجود, فيه يكشف خفاء شر المجهولات, أي إخفاء شر كل جهل.. لذا نجد أنفسنا نتردد في قبول كثير من الأعمال وعند التدبر في حقيقة الأمر نجد أن هناك قوتين تتنازعانها خارج نطاق إرادتنا.. فقوة تريد لها اختيار ما ينفع ودفع ما يضر, وقوة تريد إتباع الحق والعدل.. وعند تدقيق النظر نرى أن التي يحبذ إليها النفس المريضة كأصحابها هي التي تدعو إلى الشهوات من المال والبنين ومظاهر الترف الأخرى والعنف والتطرف والغلو تاركين خلفهم قوة العقل التي تدعو إلى المثل العليا والطاعة الصادقة والإيمان بالله سبحانه وتعالى والتسليم له مادام ذلك كله يؤدي إلى حسن الثواب وحسن المصير ومادام ذلك أيضاً هو الحق والعدل اللذان يأمر بهما العقل, وأما إذا اختار الإنسان الجهل على العقل وأطاع الهوى واتبع الشهوات وترك الحق والعدل فقد أمات عقله, وإذا غلب العقل على الجهل تضاءل نور الجهل في النفس البشرية وضعف حب الشهوات فيها وكان كل نشاط الفرد ذا صبغة واحدة هي «صبغة العقل»وتدعى هذه الحالة في منطق الدين بالإيمان .. انصح إخواني الأعزاء الشرفاء المحبين لهذا الوطن الغالي أن يدركوا خطورة اللغط والشحن الطائفي البغيض والتطرف والعنف الحاصل هذه الأيام كما نشاهده على الساحة ضد شريحة من مواطني البلاد العزيزة على قلوبنا جميعاً ( اليمن ) مما يندى له الجبين في العلاقات بين البشر المسلمين. آمل أن يرتقي خطابنا ليكون خطاب وحدة ولملمة شمل وأن يحكمنا منطق العقل والتسامح لا منطق الجهل والتطرف.. و يجب عدم الخلط بين الأمور الدينية والسياسية، فالدين لم يكن في يوم من الأيام أداة تفريق، ولكن استغلال السياسة للخلافات من دينية وعرقية هو السبب الأساس للتفرقة بين البشر, ولا ننسى ما حصل في أوروبا حيث كانت الطائفية السبب الرئيسي في تخلف أوروبا في العصور الوسطى وشاهدنا كيف استطاعت أوروبا أن تتحد عندما سنّت القوانين التي تحفظ حقوق الفئات المختلفة, فالتمييز بين الناس على أساس طائفي سيجر بلداننا لنزاعات تحرق الأخضر واليابس متى ما خرجت عن السيطرة. وختاماً أدعو الله سبحانه وتعالى أن يوحد كلمة المسلمين وجميع البشر المسالمين على الخير والصلاح وأن يكفينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن واجعل هواي تبعاً لرضاك ولطاعتك واهدني لما اُختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم .. آمين.