مثّل ميلاد حكومة الوفاق الوطني بارقة أمل لكل اليمنيين الذين يتطلّعون إلى حياة آمنة مستقرة بكل معانيها الإيجابية بعد معاناة طويلة جراء الأزمة السياسية التي تشهدها بلادنا منذ سنوات, لكنها بلغت ذروتها بالتزامن مع ما سمي بالربيع العربي رغم أنه فاجأ الجميع في شتاء قارس, وعلى أي حال فقد تمخض الربيع العربي في اليمن بولادة حكومة الوفاق الوطني بعد جهود مضنية بذلها الأشقاء في مجلس تعاون دول الخليج العربية ومساع حميدة بذلها المجتمع الدولي لمنع الحرب الأهلية في اليمن خوفاً من تنامي الجماعات الإرهابية وحرصاً على الأمن والسلم الدوليين. إن حكومة الوفاق الوطني جاءت ضمن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن رقم (2014) الذي يلزم طرفي الأزمة السياسية في اليمن بتحقيق التوافق السياسي وتشكيل حكومة وفاق وطني بالتناصف بين السلطة والمعارضة وبرئاسة المعارضة, وهو ما تحقق بالفعل, لكن نجاح هذه الحكومة يتوقف على مدى إدراك أعضائها أهمية وخطورة المرحلة التي يمر بها الوطن الآن, حيث إن الحكومة تواجه بعض العراقيل من قبل بعض أطراف الأزمة الذين هم كما يبدو قبلوا بالمبادرة الخليجية على مضض وليس عن قناعة, لذلك نجدهم اليوم يماطلون في تنفيذ بنود المبادرة الخليجية خاصة فيما يتعلق بسحب الثكنات العسكرية من شوارع العاصمة صنعاء والعودة إلى المعسكرات وفق ما جاء في المبادرة الخليجية لحل الأزمة السياسية في اليمن. إن نجاح حكومة الوفاق الوطني مرهون بمدى التزام أطراف الأزمة السياسية بتنفيذ بنود آلية المبادرة الخليجية دون مماطلة وتسويف, كما أن نجاح حكومة الوفاق الوطني الذي يجب علينا جميعاً مؤازرتها ومساندتها مرهون أيضاً بمدى تجرد أعضاء الحكومة وبعدهم عن المكايدة الحزبية وإدراكهم صعوبة المرحلة التي تتطلب منهم جميعاً العمل بروح الفريق الواحد وبما يخدم الشعب اليمني ويوصل اليمن إلى بر الأمان, وهذا لن يتحقق إلا من خلال نكران الذات والتجرد التام عن المكايدة الحزبية والتفاني في خدمة الوطن بصدق ومسؤولية وطنية مخلصة تقول للمخطئ أنت مخطئ وللمحق أنت محق بغض النظر عن من يكون ومن يمثل وإلى أي جهة ينتمي ذلك الشخص أو الطرف. إن الشعب اليمني بكافة شرائحه وأطيافه ومكوناته السياسية والاجتماعية يتطلّع بشوق ولهفة إلى نجاح حكومة الوفاق الوطني, ذلك لأن نجاح حكومة الوفاق الوطني يعني الكثير والكثير للسواد الأعظم من أبناء الجمهورية اليمنية, لعل من أهم وأبرز ما يرجوه الشعب في الوقت الراهن عودة التيار الكهربائي الذي يسبب انقطاعه صداعاً لكل الناس خاصة سكان المدن الذين توقفت أعمالهم بسبب انقطاع التيار الكهربائي, وكذلك فتح الطرقات ورفع الحواجز والمسلحين من شوارع العاصمة صنعاء التي تحولت إلى مدينة أشباح مرعبة بسبب تلك المظاهر السيئة التي تملأ أحياء الحصبة وصوفان ومذبح وهائل والدائري والقاع وغيرها من أحياء العاصمة صنعاء وتسببت بإعاقة حركة المواصلات في تلك الأحياء فضلاً عن نزوح سكان تلك الأحياء بعد شعورهم بالخوف على حياتهم وحياة أطفالهم. إن على حكومة الوفاق الوطني إن أرادت النجاح وأنا لا أشك في سلامة نواياهم خصوصاً بعد ما سمعت من تصريحات رئيسها عند أداء اليمن الدستورية التي تبعث على الأمل وتطمئن من في قلبه شك لاسيما وهو اليوم يقوم بجولة خليجية لحشد الدعم الاقتصادي لحكومته التي ورثت أعباء كبيرة نتيجة للازمة السياسية أقول مرة ثانية إن على حكومة الوفاق إن أرادت النجاح ودخول التاريخ من أوسع أبوابه أن تتسم بالصرامة والجدية والحزم خصوصاً مع قطاع الطرق الذين يسعون في الأرض فساداً والمخربين الذين يعتدون على أبراج الكهرباء وخطوط الإمداد الكهربائية أو أولئك الذين يفجرون أنابيب النفط والغاز ويقطعون أسلاك شبكات الاتصال, حيث لا يجوز التهاون مع هؤلاء وأمثالهم المفسدين في الأرض, بل الواجب على حكومة الوفاق الحزم كل الحزم في مواجهة المخربين أياً كانوا و أياً كانت انتماءاتهم السياسية والقبيلة وغيرها من الاعتبارات الأخرى, تلك هي الطريقة الوحيدة التي بمقتضاها تنجح حكومة الوفاق الوطني وتعيد للدولة هيبتها وقوتها. (*) باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني