^.. الملايين التي أنففت خلال المعركة الانتخابية الرئاسية 2006م كانت ربما حلّت مشكلة المياه في اليمن، والأموال التي أضاعها وبددها النظام الآيل إلى السقوط وحزبه المهترئ في سبيل إطالة عمره، كانت كفيلة بتوفير فرص عمل وتحسين الخدمات في المرافق والمؤسسات الحكومية التي نخرها حمران الدولار واليورو، وحوّلوا الوظيفة العامة إلى وسائل ومطايا لاستنزاف خزانة الدولة وممتلكات الشعب اليمني. ^.. ولا غرابة أن تستشري فيها علل الانحراف الوظيفي بأبشع صوره من المتسيبين والمرتشين عيني عينك، والمتاجرين بقوت المواطن اليمني، والمتسلطين بالنفوذ، والعابثين بكل المقدّرات التي لم تصل خيراتها إلى الشعب، بل تحوّلت إلى منغصات يومية منذ عقود خلت، دفع ضريبتها اليمنيون من حياتهم، وسعادتهم، وأحلامهم وآمالهم، ومن كرامتهم وحقوقهم المكفولة شرعاً وقانوناً، ونصّ عليها الدستور في مواده التي تحنطت في الأدراج بقفل غثيمي فولاذي!!. ^.. والملايين من الدولارات والريالات المسحوبة من خزانة الدولة التي رصدتها الأجندة الانتخابية للرئيس المنتهية ولايته من أجل استئصال مشكلتي المياه والكهرباء في بلادنا، كلما تحدّثت عنها أو تطرقت إليها الصحافة توارت أسئلتهم وانتقاداتهم في غياهب الإعلام الرسمي!. ^.. وما قصة الكذبة الكبرى والفرية التي منحت الشعب اليمني لقب “شعب عرطة” إلا إحدى مخلفات النظام الذي “استهبل” أكثر من عشرين مليون يمني بزعمه في برنامجه الانتخابي أنه سيحل مشكلة الكهرباء في بلادنا بإقامة محطة كهربائية تعمل بالطاقة النووية وروجت لها أبواق النظام. ^.. ولما حان موعد التنفيذ فاحت رائحة النكتة الرئاسية، وتبخّرت مع الكثير من الوعود؛ وتبيّن لليمنيين أن الرجفة الانتخابية التي صنعها “الشعب العرطة” مع المرحوم فيصل بن شملان هي التي أفقدت المنتهية ولايته التوازن وقتها، فابتكر له مستشاروه فكره “الكهرباء النووية” وهذه إحدى تهويفات الزعيم!!. ^.. ولأن تهويفاته وتخريفاته من الثوابت في نظامه الآفل، وبدهيات ومسلمات في أدبيات حزبه، يروجها في فضائياته الفاضية إلا من التبجيل والتمجيد المقيت؛ فإن معضلة المياه في اليمن كانت ذات أولوية في برنامجه الانتخابي 2006م، وثاني الكذبات العظمى لفخامته أنه سيعمل على إيجاد حل جذري لشحة المياه، من خلال تحلية مياه البحر الأحمر والبحر العربي، والمحطتان ستزودان المحافظات الشمالية والجنوبية بالكميات من المياه للشرب، وبخاصة محافظة تعز، وإلى اليوم مازالت تعز تعاني تفاقم الوضع المائي فيها إلى درجة ينذر بالكارثة - لا سمح الله. ^.. وهكذا.. فالمشاريع العملاقة لم تكن سوى أكاذيب عملاقة، وملايين الدولارات المرصودة لها خرجت من خزانة الدولة حينها، ولم تعد.. وكانت ستقضي على المنغصات اليومية للشعب اليمني، لكن الزعيم حكم على شعبه أنه “شعب عرطة” يصدّق كل تخاريف رئيسه. ^.. وهكذا ظن المشير وطبّلت له بطانته وزينت له قنواته التي جعلته يعيش في أكذوبة “وملك لا يبلى” إلى أن عاش الحقيقة الأعظم عندما رأى “ثورة الشعب العرطة” تعم البلاد من ريفها إلى حضرها، ومن الصحراء إلى الساحل، فحاول تدارك الموقف والتماسك وتصدع أركان حكمه، وتيقن أن زوال ملكه وأفول زعامته على المحك، فلجأ إلى المبادرة تلو المبادرة، وملايين المواطنين من “شعبه العرطة” يعتصمون، يتظاهرون، فاتخذ تكتيكاً حديثاً قديماً المتمثل في الحوار.. الحوار.. ثم المحاورة والمناورة؛ حتى سقط الرهان على “البلاطجة” والتصفية الجسدية، وتأكد أن سلطته في ورطة!!. ^.. وحسب تصريحه لقناة «العربية» "أنه يريد الخروج بماء الوجه" وهكذا حصل على الحصانة؛ لكن الملايين من أموال الشعب اليمني خرجت من الميزانية إلى غير رجعة، وبقيت أوجاع المواطنين، واتسعت المعاناة اليومية بسبب شحة المياه والانقطاعات المستمرة للكهرباء وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ونال الشعب اليمني ألواناً من الجرع الاقتصادية الانتحارية، لينتفض بقضّه وقضيضه، رجاله ونسائه وشيوخه وأطفاله في ثورة أحب تسميتها بثورة «الشعب العرطة»!!.