مشاعر غريبة ومتباينة.. تنتابني كلما شاهدت علم بلادي، مرفرفاً على قمة، أو ملتصقاً على جدار، أو متدلياً على صدر شاب يمتلئ حماسة وثورة، أو على رأس فتاة أو امرأة عصبت به أحلامها وآمالها، التي سكنت أعلى ما فيها، أو .. أو ..أو فليس ثمة مشهدٍ أكثر تكراراً من مشهد العلم اليمني هذه الأيام، أينما وليت وجهي تراءى لي ، في البيت، في الشارع، في السوق، على السيارات، حتى على (زمزمية) أطفال المدرسة. لكن ما كنه هذه المشاعر والأحاسيس التي تعالج بداخلي كلما رأيت هذه الألوان الثلاثة (الأحمر، الأبيض، والأسود) وبهذا الترتيب التنازلي تحديداً ؟! .. حقيقة لا أدري، قد تكون مزيجاً من الإجلال والحزن والفرح، والألم والأمل والتشاؤم، وربما أشياء أخرى لا أدركها الآن. ما كان لهذه الألوان ان تترك لدي أي تأثير، وما كان لها أن توقفني، ولا ان تحرك شيئاً بداخلي.. شيء قبل فبراير 2011م لقد كانت تمر على عيني مرور الكرام، تماماً كمنظر الفواكه عند البائع المتجول، وكإشارات المرور عند تقاطع الشوارع، وكألعاب الأطفال المعروضة على قارعة الطريق.. مشهد مألوف متكرر(عادي) لا يحمل أي مدلولات منطقية، أو أبعاد عاطفية أما اليوم فقد ارتبطت ألوان علم بلادي لدي بأمور عدة وبرموز غامضة، وبعلامات استفهام كبيرة .. ارتبطت بمنظر دماء وأشلاء من ذهبوا قرباناً لأحلامنا الكبيرة والصغيرة، ارتبطت بصور أصنام جديدة نصبوا أنفسهم قادة ورواداً لإراداتنا وأحلامنا، كما ارتبطت بمستقبل مجهول ينتظر هذا البلد الحبيب. هذا القماش الغالي ذو الثلاثة ألوان، كلنا نشد فيه، وكل منا يدعي أنه ملكه الخاص، فكثر المدعون ، واشتد الجذب لهذا القماش من كل طرف، واخشى ما أخشاه ان يستمر هذا الشد والجذب فيتمزق القماش الغالي، لتظهر سوءة بلدنا، ونصبح على ما فعلنا نادمين.