لو لم يجد أبناء محافظة تعز سبباً وجيهاً للحقد على نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي خرجوا للإطاحة بحكمه قبل أربعة عشر شهراً من الآن، لكان وجود حمود خالد الصوفي في منصب المحافظ سبباً كافياً لذلك. لست أدري إلى متى ستظل الحالمة أو كما يحلو للثوار تسميتها ب(الحاسمة) مخنوقة بهذا الكابوس الذي جلبه «صالح» إليها كعقاب قاسٍ لها على الصداع المزمن الذي سبّبته له طوال فترة حكمة الممتدة لنحو أربعة وثلاثين عاماً. خلافاً لما يبدو عليه في الحقيقة حاول الصوفي منذ بداية الثورة أن يسوّق نفسه كرجل متزن يمسك العصا من المنتصف ويُظهر نوعاً من الحرص «الكاذب» في الحفاظ على دماء أبناء مدينته من وحشية جنرالات الحزب الذين استقدمهم «صالح» عنوة لإظهار مواهبهم الخارقة في ابتكار أقذر وأبشع أساليب القمع الوحشية بحق شباب تعز الذين خرجوا مطالبين بالحرية والحياة الكريمة. لا أحد يجهل حقيقة «الصوفي» الذي يكشف عن تناقض شديد بين شخصيته الحقيقية المصطنعة بين أقواله وأفعاله، وحتى بين أقواله وأقواله في أحيان كثيرة، ليبدو في نظر كثيرين كشخص مضطرب يحاول التذاكي على الآخرين بسذاجة مفضوحة. إنه كارثة على مدينة تعز بكل المقاييس لا يقل ضراً عن «تسونامي» أو أي من الكوارث الطبيعية الأخرى التي ضربت مناطق شتى في مختلف أنحاء العالم، لا فرق سوى أن تلك تصنعها الطبيعة بينما الصوفي من صنعه علي عبدالله صالح. لن تنسى تعز أبداً تواطؤه في محرقة 29 مايو وتبريراته في «جنيف»، كما ولن تغفر له ما يقوم به من مكايدات ومزايدات تستهدف أمن تعز واستقرارها بالدرجة الأولى بعيداً عن لعبة السياسة القذرة. ربما لم يدرك الصوفي بعد بأن شباب تعز واعون بما فيه الكفاية للتميز بين الحق والباطل.. الخير والشر.. بين الحرص الحقيقي على إعادة الهدوء لمدينتهم وبين المناكفات وخلق الفوضى المفتعلة التي ستقضي على كل شيء جميل فيها. سيتذكر اليمنيون جميعاً أن دماء مئات الشهداء من شباب تعز الذين قضوا نحبهم في هذه الثورة المباركة على أيدي قيران وحاشيته لم تستفز المحافظ (الهمام) بقدر ما استفزته قرارت مدير الأمن الجديد (الإخواني) كما وصف في صحيفة الأولى أمس الأول تلك القرارات التي أصدرها «السعيدي» لإحداث نوع من التغيير في جهازه الأمني باعتباره المسئول الأول عن هذه القرارات والتعيينات التي لطالما تحدث (الصوفي) بأنها ليست من اختصاصاته. ليس بوسع الصوفي مغالطتنا بحادثة اغتيال المدرس الأمريكي (جويل) التي يحاول أن يجعل منها شماعة لضرب العميد علي السعيدي من تحت الحزام، جميعنا نعلم طبيعة وخلفيات الحرب التي باتت معلنة بينهما الآن. لم يرق للصوفي أن يأتي مدير أمن من كنف الساحة التي خرجت للإطاحة به وبرئيسه المخلوع. أنني في الحقيقة أشفق عليه كثيراً وهو يحاول أن يغازل قلوب شباب تعز بمثل هذه المغالطات المكشوفة وكأن قلبه «يتقطع» على حال تعز اليوم. أتساءل فقط: لماذا لم تظهر هذه الحمية حين ضُربت المدينة بالقذائف ومختلف أنواع الأسلحة التي فجرت إحداها رأس الشهيد هاني الشيباني في غرفة نومه ومثله كثيرون..؟ لماذا لم يصدر بيان (حنّان طنّان) حين قُصف مصلى النساء في صلاة الجمعة ذات ظهيرة وهو رئيس اللجنة الأمنية..؟ كذاك الذي أصدره باسم السلطة المحلية بعد مقتل المواطن الأمريكي، أم أن دماء أمريكي واحد أثمن من دماء مئات التعزيين؟ اللهم إن حمود خالد الصوفي منكر فأزله. [email protected]