استوكهلم جنة الله في سويد المحبة والعشق، حيث السلام مع كل شيء مع البحر والزهر، مع شجر السروى وبياض الجليد، حيث القلوب تضحك ملء القلوب.. لا شيء يعكّر صفو المحبة فيها. حالفني الحظ لزيارتها في عام 2008 بدعوة من المنظمة السويدية للتعاون الدولي للتدريب في مجال التجارة الدولية، ومكثت بها شهراً كاملاً.. اقتربت من طيفها الاجتماعي ابتداء من وزارة الخارجية مروراً بعابري مترو الأنفاق وصولاً إلى سكان الحواف (الأطراف) من المدينة والتي جلّ سكانها من المهاجرين من الشرق (إيرانالعراقالصومال وأفريقيا..) يصل تعدادهم الى ما يقارب نصف مليون نسمة.. أثناء تجوالي في تلك الحياء وجدت صدفة جماعة من رجال الدعوة بعمائمهم البيضاء دعوني لصلاة المغرب ولسماع البيان المعتاد، وفي السويد في أطراف أوروبا يتجولون بكل حرية لا يوجد متطرف يعكر عليهم صفو الدعوة وحركتهم وينتشرون في جميع أحياء استوكهلم يدعون دون كلل أو ملل ولا أحد من أبناء السويد الأصليين حتى يستوقفه الفضول يتأمل في تلك العمائم أو يسأل أحداً منهم على ذلك الكل بعد حالة والجميع متساوون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن المعتقد. تعلقت بالسويد منذ كنت صغيراً لأني حصلت على الرعاية الصحية منها من خلال النقطة الرابع في مدينتي الجميلة تعز، بل الكثير كان يحصل أيضا على التغذية التي تعطى مجاناً للأطفال.. ثم كبرت ومررت بالمعهد السويدي الذي شكل نسيجاً متناغماً مع البعد الثقافي الذي تطلع به هذه المدينة الحالمة مدينة النور والسلام.. ليقدم هذا المعهد وجبته المعرفية لكل الناس.. كل من قابلتهم من مهندسين ودكاترة جامعات وأطباء وقضاة الجميع قال بأنه مرّ من هنا من هذا المعهد الصرح العلمي المميز لمدينة تعز، والذي يعتبر جامعة مصغرة يحوي العديد من التخصصات.. وهو المعهد الوحيد الذي بقي لهذه المدينة والذي مازال برعاية كريمة من السويد.. إنه بحق منارة علمية وصرح ثقافي ومعرفي يجب الحفاظ عليه بحد قات العيون. لقد فجعت المدينة الحالمة رجالها وشيوخها صباياها وصبيانها بمقتل أحد نجوم هذا المعهد ونجوم هذه المدينة السيد جويل Joel الذي أحبها وأخلص وتفانى في خدمة أبنائها على يد مجرم حاقد تجرد من كل القيم الأخلاقية والدينية. كان يوماً كئيباً رسم علاقته الكئيبة على كل شيء.. عندما تلقت زوجته اتصالاً يخبرها بأن تسرع إلى المستشفى الجمهوري لتجد زوجها الذي أحبته وأحبت هذه المدينة معه جثة هامدة.. إنها الفاجعة حقاً، لقد أرسل ذلك المافول القاتل المجرم رسالة قبح لا تعكس سماحة أبناء اليمن وحبهم للحياة، وتقديسهم للقيم الإنسانية النبيلة إننا نستسمح عائلته الكريمة عذراً لأننا لم نستطع رد يد الغدر عنهم غير أن قلوبنا حزينة تتقطع ألماً لأجلهم. إننا نهيب بإدارة المعهد وبالأصدقاء بمملكة السويد القائمين عليه أن يعملوا على بقائه مشرع الأبواب ليكون شوكة في خاصرة التخلف والجهل والتعصب البغيظ الذي يمقته الله والإنسانية جمعاء.. وسنكون حراساً له جميعاً.. وحتى لا تنتصر قيم الشر على الخير ونشد على مديره النبيل السيد فالدمر براون (faldmer prown) بأن لا يدع أبناءه الطلاب الذين أحبوه والمدينة التي أحبته وأن يكمل رسالته النبيلة.. والله المعين.