كل التحديات التى تواجهها ثورتنا السلمية يمكن أن تمر بسلام مهما كان مصدرها وقوة من يقف وراءها سواء فى الخارج أو فى الداخل، إلا تحديين يمكن لهما أن يعصفا بالثورة ويحرفا مسارها ويقفان حجر عثرةٍ أمام استكمال بقية أهدافها ويدخلا البلاد فى دوامة جديدة. التحدى الأول يكمن فى التباطؤ عن إعادة هيكلة الجيش والأمن الذي يعتبر الهدف التالي للهدف الأول الذي تمثل بخروج (صالح) عن الحكم ، وهو الآن المطلب الأول والملح لساحات الثورة وعموم الشعب اليمني المتطلع إلى بناء جيش وطني قوي لا يدين بالولاءات الضيقة لمنطقة بعينها أو قبيلة بذاتها أو شخص بعينه ، إذ ليس من المقبول أن يظل الجيش منقسماً حتى الآن ، وليس من المقبول أيضاً أن يظل على رأس أهم الوحدات العسكرية والأمنية أقارب صالح الذين تلطخت أيديهم بدماء الشهداء ، وليس من المقبول أيضاً أن يظل الجيش والأمن تحت وصاية الرئيس السابق وأوامره المباشرة في ظل وجود قائد أعلى جديد للقوات المسلحة والأمن ، وليس من المقبول أن تنشغل وحدات الجيش والأمن بتأمين قصور السفاحين أو أعياد ميلادهم أو مواكبهم في الوقت الذي توسع فيه القاعدة دائرة نفوذها في مناطق الجنوب ويوسع الحوثيون دائرة سيطرتهم في الشمال ، وليس من المقبول أن تظل ألوية الحرس الجمهوري تقصف الآمنين في قرى أرحب في ظل صمت مطبقٍ ومثير للتساؤلات من رئيس الجمهورية الذي وضع الشعب ثقته الكاملة فيه يوم الحادي والعشرين من فبراير ، وليس من المعقول أن ينجح الحوار الوطني في ظل هذا الوضع إن التباطؤ في إعادة هيكلة الجيش هو الذي يحول حتى الآن دون البدء بتنفيذ المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، وهو في اعتقادي الذي يحول دون بسط هيبة الدولة وطرد الجماعات المسلحة من أبين ، وهو الذي يقيد حركة الرئيس المنتخب وحكومة الوفاق عن امتلاك الصلاحيات الكاملة ، وهو الذي يعطي الفرصة للتمدد الحوثي في محافظات الشمال . التحدى الثانى يكمن فى إعادة إنتاج النظام السابق لنفسه تحت مسمى الوفاق الوطني ، وهو ما يبدو فعلاً من خلال إقالة بعض شخصيات النظام السابق وتعيين آخرين ممن يدينون بالولاء لصالح ، أو من خلال ما تسرب من أخبار عن إمكانية تعيين بعض رموز النظام البائد في السلك الدبلوماسي . إن هذا التحدي قد يستمر أثره على المدى البعيد بعكس التحدي الأول ، فالتحدي الأول المتمثل بإعادة هيكلة الجيش يمكن التغلب عليه بقرارات شجاعة يتخذها الرئيس المنتخب في ليلة واحدة يقيل فيها أقارب صالح ويعين بدلاً عنهم قادة أكفاء مخلصين لشعبهم ووطنهم ، أما التحدي الثاني فقد نحتاج إلى ثورة جديدة للتخلص منه وهذا ما قد يكلف الثورة فاتورة باهظة من التضحيات هي في غنى عنها لو أحسن الاختيار