كتاب جديد للدكتور/ عبد الله عبد المؤمن التميمي دأب الدكتور عبدالله عبدالمؤمن التميمي على مناجزة موضوعات معرفية تجمع مابين الفائدة والفرادة العصرية في ذات الوقت، مستخدماً أداوته الابستمولوجية الأكاديمية بكفاءة ملحوظة، دونها التصنيف والتوصيف والتبويب ووضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بحل الجوانب الاشتباكية المفاهيمية على قاعدة الوضوح ، أو فيما يتعلق بالاستنتاجات الضافية المؤثثة بمنطق عقلي برهاني واضح الملامح . هذا ماكان من أمر كتابه المعتمد للتدريس أكاديمياً بعنوان «الاتجاهات الحديثة في إدارة المؤسسات الإعلامية»، والذي تضمّن سبعة فصول ضافية، وتناول جُملة من المواضيع المنتصبة أمام الإعلام المعاصر المعجون بثقافة التحولات الدائمة والمتغيرات الواسعة . في إصداره الجديد بعنوان (استراتيجية الفوز في الانتخابات «رؤية إعلامية»)، والذي أتشرّف بتقديمه المختصر في هذه العجالة .. في هذا الكتاب نقف مجدداً أمام ظاهرة قديمة ومتجددة في الساحة العربية، فالانتخابات في المنطقة العربية تحاول الآن تجاوز أطوارها الجنينية. وذلك عطفاً على الأسئلة المُلحّة، والتحديات البادية للعيان. وتزداد المسألة أهمية إذا عرفنا أن الجغرافيا السياسية العربية ترى ضرورة التغيير، فيما تختلف في مناهج هذا التغيير، فهنالك رأي سائد يرى امكانية تحقيق المزيد من المنجزات الهيكلية في التنمية الاقتصادية بالترافق مع اصلاحات سياسية واجتماعية موازية، دونما تقديم تضحيات « التحول بالصدمة»، وهنالك رأي آخر يميل للمنهج الثوري الانقلابي على ماكان، ويعتبر الجراحة أفضل وسيلة للعلاج . ومهما يكن من أمر الآراء المختلفة حول مفهوم التحول وضروراته ، فإن مما لاشك فيه بأن المُتغير أصبح حقيقة موضوعية شاخصة، وأنه لامفر من السير على دربه . يتوقف بنا الدكتور عبدالله عبدالمؤمن التميمي أمام دالة كبرى في زمن التغيُّر والتغيير، وهي الانتخابات، مُستهلاً الفصل الأول من الكتاب عن مفهوم الانتخابات الديمقراطية ومتطلباتهامن خلال 18 عنواناً فرعياً مؤصلاً مايذهب إليه يثبت للمراجع العربية والأجنبية، وهكذا يفعل في بقية فصول الكتاب التي اشتملت على العناوين الرئيسية التالية : - الأجواء العامة للانتخابات وطرق تهيئتها، وتتناول 14 عنواناً فرعياً،تشتمل حصراًعلى: مفهوم وأهداف الانتخابات الديمقراطية، وحرية الانتخابات، ومتطلبات الانتخابات، ومقومات نجاح العملية الانتخابية، والنزاهة في الانتخابات، والمراقبة الدولية للانتخابات .. - مفهوم الفوز في الانتخابات، وتشمل على 5 عناوين فرعية أساسية تتناول: طرق الاتصال بالناخبين، وكيفية تشكيل فريق العمل الانتخابي، وكيفية اختيارالمرشح المناسب، وتمويل الحملات الانتخابية . - وفي الفصل الرابع نتابع مع المؤلف ماهية الخطة الاعلامية الناجحة في الانتخابات من خلال: فن إدارة الدعاية الانتخابية، وفنون الإعلان أثناءالحملات الانتخابية، وطرق إعداد المؤتمرات الصحفية. - وفي الفصل الخامس نتوقف مع المؤلف أمام المظاهر الشائعة في الانتخابات وطرق التعامل معها من خلال: الحرب النفسية، والدعاية السياسية، والشائعات، وغسيل الدماغ. - وفي الفصل السادس والأخير وقفة مطولة أمام «الفائزون في الانتخابات وطرق تعاملهم مع وسائل الاعلام» من خلال: ملكية وسائل الإعلام في العالم العربي، وعوائق التحدث لها، وفن الحديث، وصفات المتحدث، والمقابلات والحوارات الإعلامية، وكيفية إقامة علاقة مع وسائل الإعلام . هذه المصفوفة الواسعة من المفردات والمواضيع المتعلقة بالانتخابات أضفت على البحث قيمة نوعية في زمن عربي نحن أحوج مانكون فيه إلى تأصيل فن الخلاف والاختلاف على قاعدة المصلحة العامة، والتساوق مع البشرية السوية حتى نتجاوز حالة الإقامة الدائمة في مرابع الماضي غير الحميد، وحتى نتمكن من ترشيد أدوات الفعل المؤسسي، ابتداءً من السياسة ومرجعياتها، ومروراً بالاقتصاد وضروراته، ووصولاً إلى الازدهار القائم على التنمية المستدامة والتوازن . يقدم الباحث خارطة طريق افتراضية تُحدد معالم الفعل الانتخابي بوصفه ترجماناً لمشاريع التطوير البنيوي في الآليات السائدة. ويتأسّى الباحث بتجارب الآخرين رائياً لنسبية النظر إلى هذا الموضوع الحساس، وملتزماً بذات المنهج الابستمولوجي، حتى تصبح مآلات البحث قابلة للنظر العقلي، خالية من الغنائية اللزجة، مفارقة للنصوص الانشائية العامة. مكاشفة الباحث للضرورة المستقبلية جاءت على قاعدة البرهان العقلي المنطقي الرائي لنواميس التاريخ، وقدّمت هذه المكاشفة للمكتبة العربية مشروع بروفة عمل ميداني على درب التأسيس لمنطق انتخابي يستوعب التنوع بوصفه تعبيراً عن المصلحة، وفض الاشتباك غير الحميد بين الماضي والمستقبل بوصفه دالة لمشاركة عربية ناجزة، وفن الانتخابات كمدخل لتنظيم الخلاف والاختلاف .