مثلما لعب الشباب الدور الأكبر والأبرز في إحداث عملية التغيير التي يمر بها وطننا الحبيب اليوم، فإنهم مطالبون أيضاً بأن يلعبوا دوراً أساسياً ومحورياً في تعزيز وتفعيل الحوار الوطني بين مختلف الأطراف والقوى السياسية على الساحة اليمنية والمشاركة الفعالة في هذا الحوار للوصول بالوطن الى برِّ الأمان، وتحقيق الأهداف والتطلعات التي خرج على أساسها الشباب إلى الساحات والميادين والمتعلقة ببناء وترسيخ دعائم الدولة المدنية الحديثة دولة النظام وسياسة القانون والحرية والعدالة والمواطنة المتساوية. ومن هذا المنطلق ينبغي على جميع الأطراف والقوى السياسية المتجهة إلى طاولة الحوار الوطني أن لا تتجاهل قطاع الشباب في حوارها من أجل الوطن, وتدرك جيداً أن الشباب اليوم هم الكلمة الأقوى والرقم الصعب الذي لا يمكن تجاهله أو الاستهانة به من قبل الأنظمة والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع, وإنه من غير الطبيعي اليوم أن يكون هناك حديث عن التغيير والتطوير والإصلاح دون أن يستدعي ذلك ذكرًا للشباب. فهم القوة الحقيقية للتغيير وصناعة المستقبل المشرق للوطن، وهم من يضعون عناوين حياتنا بما نريد ونطمح، ووحدهم من أعطى بلا انقطاع ومن وثب نحو العلياء وزاحم النجوم والكواكب، ليصير منهم الشهيد والحارس الأمين على مكتسبات الوطن، ومنهم نستمد عافيتنا، وتتجدد خلايا الإبداع في عقولنا وأفكارنا. ولا شك أن نجاح الشباب في ممارسة دور فعال لتعزيز الحوار الوطني على الساحة اليمنية يعتمد بالدرجة الأولى على مدى إيمان هؤلاء الشباب بلغة الحوار وإدراكهم لأهميته في معالجة مختلف القضايا والمشاكل التي يمر بها الوطن اليوم، ثم تجسيد هؤلاء الشباب لمنطق ولغة الحوار فيما بينهم أولاً للخروج برؤية شبابية مشتركة حول مجمل القضايا والجوانب ذات الأهمية والأولوية لترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في الوطن والنهوض به في شتى المجالات. بحيث يكون الشباب مشاعل للتغيير وأدوات فعالة للبناء والتغيير والنهوض بالوطن, وليس مجرد دمى تحركها أحزاب وتنظيمات وقوى سياسية أو شخصيات اجتماعية مستغلة حماسهم وحبهم لوطنهم لتحقيق أهدافها ومصالحها الشخصية أو الحزبية على حساب مصلحة الوطن العليا ووحدته وأمنه واستقراره. وعلى شباب اليمن الغالي أن يدرك اليوم مسؤوليته الوطنية، ويعي جيداً أن هناك جهات وأطرافاً داخلية وخارجية لا يروق لها أن يبقى وطننا واحداً وآمناً ومستقراً لأهداف ومطامع ومصالح خاصة بها, فعليهم أن يخيّبوا مسعى هذه الجهات والأطراف بتكاتفهم وحبهم وولائهم لهذا الوطن المعطاء, ومشاركتهم الفعالة في الحوار من أجل تقدمه والنهوض به, والحفاظ على وحدته الغالية. فالوطن والوحدة أمانة في أعناق الجميع، وهما ليسا ملكاً لفرد أو قبيلة أو حزب أو جماعة معينة، وإنما ملك لكل من يعيش على تراب هذا الوطن ويستظل تحت سماء وحدته الغالية، هذه الوحدة التي تحققت بجهود المخلصين وتعمّدت بدماء العديد من الشهداء من شباب اليمن. وختاماً.. أتمنى من شبابنا الطموح بتحقيق مستقبل أفضل لهذا الوطن وأبنائه أن يجعلوا الوطن ووحدته وأمنه واستقراره أكبر همّهم ومصدر فخرهم وعزّتهم والقاسم المشترك لتوحيد رؤيتهم وأهدافهم وجهودهم لتنمية وتطوير وحمايته والنهوض به في مختلف المجالات باعتبارهم حزب الوطن الكبير وقلبه النابض والمفعم بالحياة وحاضره ومستقبله المشرق بإذن الله. *أستاذ التسويق المساعد جامعة تعز