كم هي مدهشة الدعوات التي يطالعنا بها بعض المهتمين بالشأن السياسي الداخلي في اليمن لمقاطعة الحوار السياسي المقبل، في حين أنهم يستندون في دعواتهم إلى أسباب من شأنها تأكيد عكس ما يدعون إليه. فالنوايا المغرضة وراء هذه الدعوات كثيرة، وأصحابها كثر، وبعضها يقف وراءها سياسيون داخلون في العملية السياسية وفاعلون فيها. ربما لا تكون هذه الدعوات كلاماً مباشراً وإنما فعلاً مؤثراً, سلباً أو إيجاباً، وقد تكون رصاصة أو حتى سيارة مفخخة، إلا أننا مع ذلك سنفترض حسن النوايا. إن أهمية مشاركة الشباب في الحوار السياسي المقبل تشكل ضرورة وتأتي من حقيقة كونها فرصة للشباب لإحداث تغيير مصيري ومطلوب في شكل خارطة الحوار السياسي لليمن، وتعديل الأفكار بالطريقة التي تضمن عدم انهيار البناء الديمقراطي؛ لأن الحوار السياسي هو المرتكز الأهم والأسلوب الحضاري على التحدي والنجاح في إثبات وجود الشريحة الثورية للشباب وتحقيق إرادتهم نحو التغيير المطلوب, كما أن الحوار السياسي المقبل بحضور ومشاركة الشباب سيكون له توازنه بل تفوقه من حيث أهمية التحدي فيه أكبر وأكثر قوة. فالشباب اليمنيون اليوم لاشك بأنهم أصبحوا يدركون أنهم قد يواجهون قوى خارجية وداخلية متعددة تسعى وبإصرار لعرقلة إلغاء مشاركتهم في الدخول بالحوار السياسي؛ من أجل استنزاف جهود أية محاولات في حل مشاكل كثيرة وصعبة، لكن هناك محاولات مفتعلة. وفي الواقع لدي طموح كبير في أن لا يقتل الشباب اليمني طموحهم في رفض المشاركة في الحوار السياسي، فمن غير المعقول وليس عدلاً بأن يرفض الشباب والمعتصمون في الساحات طموحات آمال الشعب اليمني المطالب أصلاً بالحوار، وأن تخوض الأطراف السياسية اليمنية نحو حل كل القضايا العالقة في اليمن عبر الحوار البناء الذي يسوده المحبة. وأقول ذلك لأن هناك من يدعو الشباب إلى مقاطعة الحوار السياسي المقبل؛ ربما لشعورهم بعدم الجدوى منه، وأن نفس الأخطاء سوف تتكرر، طالما أن هناك من يقود الشباب اليوم إلى حلقة مفرغة، وقد نرى نفس الوجوه تلك والتي تلوح لهؤلاء الشباب على مسرح الحياة السياسية لرفض المشاركة في الحوار السياسي؛ لأن ذلك لن يكون في مصلحة الشباب أنفسهم ولا في مصلحة اليمنيين بشكل عام، وإنما سيخدم السياسيين الذين يخشون أي تغيير قد يعرّض وجودهم للخطر من خلال الدخول في باب الحوار الحقيقي. وهنا يقع على شباب اليمن المثقف في هذا الوقت الضيق جزء كبير جداً من مسؤولية الإصلاح السياسي في اليمن، وعبر المشاركة في الحوار السياسي المقبل لا بمقاطعته؛ فأي شيء يريده الشباب والمواطن اليمني على وجه التحديد سيكون فقط عبر الحوار السلمي الاجتماعي، وبفضله تزدهر الديمقراطية. فليكن صوت الشباب: نعم للحوار، فهو الحد الفاصل في التغيير الأخير والمرتقب؛ من أجل تعديل مسار العملية السياسية اليمنية نحو الوجهة الصحيحة، ولتكن مشاركتنا جميعاً في هذا الحوار السياسي القادم بداية سليمة على أسس سليمة، ولنجعل منها بحق ثورة تغيير وتصحيح وثورة ضد الفساد وضد الظلم والجوع والجهل والتخلف. [email protected]