منطقة الضباب هي المتنفس الأخضر لمدينة تعز كان نهرها يجري طيلة العام قبل أن يؤثر عليه خراب المدرجات الجبلية والنفوس وفساد الولاة، ومازال يقاوم الجفاف ببسالة المحبين، وهو اليوم «الكوز» الذي تشرب منه المدينة، وكان ومازال المتنفس الجمالي.. في الصيف تحديداً يجتمع فيه الماء والخضرة والحُسن الذي يتوافد عليه من كل مكان، تغنى به شاعر اليمن «الفضول» بقصيدة: وادي الضباب ماءك غزير سكاب نصك سيول والنص دموع الأحباب غناها «أيوب» بشبيبته الرفيعة الجمال. أعلم أن السيول تتجمع إليه من مرتفعات جبل حبشي وغربي صبر ولا علم لي تحديداً بمنابع النص الثاني (دموع الأحباب) إلا إذا كان الشاعر يسجل حقيقة أن الحب بجوهره حزن رهيف وقهقهات العشاق، نحيب دائم وابتسامات المحبين للحياة والجمال ليس أكثر من (دموع للقلب يتناطفين) على مآل الحياة وحسرة الفراق على غرار بكاء الباكي القديم: رب قوم قد اناخوا حولنا يشربون الخمر بالماء الزلال عصف الدهر بهم فانقرضوا وكذاك الدهر حال بعد حال لتكن هذه دموع (الحال) المتتابع التلاشي تتدفق من مرتفعات الزمان البعيدة وآكام الأيام الشاهقة.. فتصب على صورة ماء ينسكب في الوديان الضاحكة بفرح دامع. هذا الوادي الجميل يعطي بدون منّ أو أذى منذ القدم مثل أهله الطيبين الذين لا يمكن أن يقوموا بمنع الماء على الناس وهم المشهورون بإغاثة الناس وكثرة الساقيات و(السقايات) التي كانت تسقي عابر السبيل، وعندما يتحول الضباب إلى (سقاية) كبيرة تسقي أهلهم في تعز وتنقذهم من العطش فهذا فضل من الله عليهم أن يحافظوا عليه ولا أظن أن أبناء الضباب هم من يقومون بمنع الماء فهم ليسوا قطاع طرق ولا مانعي سبيل. القضية فيها (إنّه).. وأبناء الضباب جزء من الثورة والنهوض، لأنهم والحق يقال أكثر الناس ظلماً، لقد ظلمهم القريب والبعيد، حرموا من التعليم حتى وقت متأخر رغم قربهم من المدينة.. الكهرباء ذهبت بعيداً ومرت على طريقهم كقوافل تحمل العود والعنبر دون أن تتكرم بإعطاء شيء ولو شم أو بصيص نور.. ومازال مشروع الكهرباء رغم أنه شبه مكتمل منذ سنوات موقف ولم يسلم على صورة عقاب، ومشروع الماء هو الآخر موقف ولم يتحرك رغم أن المناقصة قديمة وجاءت مشاريع وذهبت مشاريع وأهل الضباب مثل (العيس) الكريم الذي يحمل الخير ولا يناله شيء.. ومع هذا كله فلا شيء يبرر منع الناس من شربة الماء.. ابحثوا عمن يقف وراء هذا العمل أللا إنساني سنجد أبناء الضباب بعيدين، لكن واجبهم اليوم أن يمنعوا هذه الجريمة دون أن يسكتوا عن حقهم، فقد مرت سنوات سكتوا فيها في الوقت الذي كان يجب أن يصرخوا في وجه الجميع وقد ينكشف ظلم الضباب على فضائح فساد وتواطؤ. يستطيع أهل الضباب أن يحرصوا على تأمين ماء الشرب إلى المدينة ويمنعوا استنزافه بنفس الوقت، فليس كل الماء يذهب للشرب والمهم أن لا يتحولوا من مظلومين إلى ظلمة وعليكم يا أهلنا في الضباب أن تعرفوا أن الفاسدين وحدهم لا يصلهم الحصار، كما تستطيعون أن تنظموا أنفسكم للمطالبة بحقوقكم بأسلوب حضاري وستجدون كل أبناء تعز معكم يرفعون سؤالاً عريضاً..... لماذا كل هذا الإهمال للضباب؟. [email protected]