منذ بداية الأزمة السياسية وماقبلها وحتى من قبل توقيع الأطراف المتصارعة على المبادرة الخليجية وآلياتها المزمنة واشتراطها إجراء حوار وطني شامل تشارك فيه كافة الأطراف اليمنية دون استثناء.. ونحن نسمع الجميع يتحدثون وبإسهاب عن أهمية الحوار الوطني الشامل باعتباره ضرورة وطنية وهو المخرج الوحيد والآمن لانتشال اليمن من أزماته المتلاحقة ومعالجة كافة المشكلات التي يواجهها.. وليس هناك أي طرف يعارض أو يرفض الحوار، وإن نظر كل واحد منهم للحوار من وجهة نظره ومن الناحية التي تلبي مطالبه وتدعم مواقفه وتحقق مصالحه، لدرجة تجعلنا نقول إن هي إلا أيام معدودات ونرى جميع هؤلاء يجلسون حول طاولة الحوار.. ومانسمعه منهم منفردين ومتباعدين سنسمعه منهم وهم مجتمعون ومتقاربون، غير أن الكلام شيء والواقع شيء آخر, لقد تم تشكيل لجان للاتصال والتهيئة والتحضير لهذا الحوار، فهذا يدل على أن الطريق لازال طويلاً ونحتاج إلى أشهر وربما سنوات قبل أن يلتقي أطراف الأزمة فرقاء السياسة شركاء السلطة وإن تحدثوا عن قرب الحوار فلا زال بينه وبينهم أمداً بعيداً.. ومانسمعه اليوم عن حراك سياسي محموم داخلياً وخارجياً وإعلان الحوثيين موافقتهم للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، لايعني أبداً أن موعد انعقاد الحوار قد أصبح وشيكاً جداً، لأن كل القوى السياسية في الساحة اليمنية بما فيها الأحزاب الموقعة على المبادرة الخليجية، وبالذات حزب الإصلاح غير جاد للدخول في حوار وطني وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية مع جميع الأطراف وعلى رأسهم الحوثيون وهم حتى اللحظة مع الحوار كفكرة ولم يصلوا بعد إلى قناعة بتطبيقها على أرض الواقع، وقد أوضح عبدالملك الحوثي موقفه ورفضه لقاء لجنة الاتصال، لأن من ضمن أعضائها عبدالوهاب الآنسي - أمين عام حزب الإصلاح.. والخلاف ليس محصوراً بين جماعة الحوثي والإصلاح والسلفيين وهناك أطراف سياسية أخرى لها مواقف متباينة ولاتتفق مع بقية الأطراف، كما هو الحال مع الحراك الجنوبي.. وهنا أقول كان الأولى بالأحزاب الموقعة على التسوية السياسية أن تبدأ الحوار فيما بينها وتعمل على عقد حوار ومصالحة وطنية ويكونوا السباقين للجلوس والتفاهم فيما بينهم وإزالة بؤر التوتر الذي يخيم على العلاقة بين مكونات حكومة الوفاق الوطني.. فليس من الحكمة أن تبحث حكومة الوفاق وأحزابها وتحاول إقناع الآخرين بضرورة الحوار والوفاق الوطني.. بينما الأحزاب المشاركة في حكومة الوفاق بأمس الحاجة للحوار وتحقيق الوفاق فيما بينهم.. وإن لم يتحقق هذا الشرط فلا داعي أبداً للحديث عن الحوار والمصالحة الوطنية لأن فاقد الشيء لايعطيه..