إنه سؤال مؤلم وصعب، ذلك المتعلق بمدى صمود النظام الأنجلوإيراني في سوريا طيلة الأشهر الدموية المؤلمة والطويلة التي مرت، بالرغم من الإنهاك الذي تعرض له والضربات الموجعة التي أصابت كبده، إلا أن جيشه أضحى متماسكاً، وظهر غارقاً بالدم يمارس القتل الوحشي بحق الشعب الحالم بالتغيير. على عكس ثورات الربيع العربي التي أظهرت فيها الجيوش العربية وطنية متفاوتة ترتفع نسبها في مصر وتونس وتتراجع في اليمن وليبيا والتي انقسمت فيها الجيوش فعلياً وظهر الانضمام الكبير للثورات الشعبية، فيما أصر القسم الآخر على البقاء تحت إبط الديكتاتورية ودمويتها. الشيء ذاته لم يحصل في سوريا رغم طول فترة الدم وانتشار الحريق على طول جغرافيا البلاد وعرضها بشكل انتقامي يمارسه النظام بكل وحشية وجنون، بل إن الجيش ساهم في تحصين المجرمين وإطالة بقائهم وفي توسيع دائرة الدم والنار. استطاع معمر القذافي في ليبيا الاحتفاظ بأهم الأنظمة الدفاعية الجوية في الشرق الأوسط – حسب تقرير صحيفة الرياض السعودية - والمتكون من أربعة ألوية دفاع جوي ليسحق بها شعب فبراير الثائر وهو ما فعله النظام السابق في اليمن. لكن الانضمامات العسكرية لثورة فبراير كانت كبيرة، واستطاعت أن تشكل توازناً عسكرياً إلى حد كبير في القوات البرية، رغم التربية القائمة على تقديس الزعيم فيما أنظمته الصاروخية كانت مركزة في طرابلس وتكفل الناتو بعد ذلك بتدميرها. يتعرض الجيش السوري لتصدعات فردية أغلبها من جنود وضباط برتب صغيرة ينزحون إلى خارج البلاد، لم نسمع أن انضمت مناطق عسكرية كبيرة كتلك التي سمعناها في بنغازي أو مصراته أو كالمناطق والألوية العسكرية التي حمت الثورة في اليمن وشكلت ما بات يعرف بأنصار الثورة السلمية. لم يعد الشعب السوري يعول كثيراً على الجيش الذي يقف في صف الأسد بالانضمام إليه وصون كرامته وأضحى يطلق عليه “الجيش الأسدي، على غرار الجيش العائلي في اليمن، وهي الوحدات العسكرية التي كانت تقاتل بجانب النظام السابق”. وصلت الانشقاقات المدنية إلى أعلى مستوياتها في محيط بشار الأسد، حيث شهدت الأجهزة الحكومية والدبلوماسية انهيارات كبيرة وصلت إلى انشقاق رئيس الحكومة، وتحدثت أنباء عن إعدام ميداني يمارسه الجيش بكل من يشتم منه رائحة التحرر. أضحت نفسية الجيش السوري وعمق وحشيته وتعطشه الفج لسفك الدماء محل صدمة الكثيرين خاصة بعد وصول الشهداء إلى كثر من 24000 شهيد ومئات الآلاف من الجرحى والنازحين، وأضحى التعويل على المواطنين السوريين وعلى الثورة السورية التي تسلحت لنزع الديكتاتور ولجم جيشه الذي يقتل لمجرد القتل ويدمر ليستمتع بالخراب. من قال: إن لغة القتل والحرق توقف تدفق شلالات الثورة ومن قال: إن أنظمة الاستبداد تنتصر على الشعوب المتحررة الثائرة مهما أوغلت في سفك دماء الناس وأحرقت الأرض. ستنتصر سوريا وشعبها على التحالف الإيراني وعلى كل الواقفين في صف القتل والدم وستعود إلينا سوريا كما عادت ليبيا ذات صباح.